انطلقت أمس بمجلس نواب الشعب المداولات حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2019، وناقشت لجنة التشريع العام الباب السادس ويتعلق بمشروع ميزانية وزارة العدل واستمعت الى غازي الجريبي وزير العدل، ثم انطلقت في دراسة الباب 28 المتعلق بميزانية المجلس الأعلى للقضاء، لكنها قررت في ختام الجلسة ارجاء البت فيه نظرا لوجود خلاف بين المجلس الاعلى ووزارة المالية حول تقسيم الميزانية. وضبطت نفقات التصرف والتنمية لوزارة العدل لسنة 2019 ب 655 فاصل 660 مليون دينار مقابل 591 فاصل 578 مليون دينار سنة 2018. أما نفقات التصرف والتنمية للمجلس الاعلى للقضاء لسنة 2019 فضبطت بثمانية مليارات وثمانمائة ألف دينار مقابل ستة مليارات وثمانمائة ألف دينار سنة 2018. وخلال النقاش، تساءل نور الدين البحيري رئيس كتلة النهضة عن سبب ضعف ميزانية وزارة العدل رغم حاجة البلاد الى تطوير مرفق العدل، وفسر أن الموارد المخصصة لهذه الوزارة لن تسمح بتحسين مرفق القضاء أو بتحقيق التنمية لأن المستثمر لا ينتصب في بلد لا يكون فيه العدل ناجزا. وطالب بالترفيع في ميزانية وزارة العدل ودعا وزير العدل الى ان يقول بنفسه إن الميزانية غير كافية. وقال ان المطلوب هو توفير محاكم نواحي في كل المعتمديات وتحسين التجهيزات الموجودة فيها وتحسين وضعية محاكم الاستئناف ومحكمة التعقيب اضافة الى القيام بانتدابات جديدة وتأمين تكوين راق للقضاة ولأعوان السجون ويتطلب كل هذا توفير ميزانية كافية. وأضاف البحيري أن الكفاءات موجودة والارادة متوفرة لكن عندما تكون الميزانية محدودة لا يمكن لوزارة العدل ان تحسن وضعية المحاكم. وابدى البحيري استغرابه من موافقة وزارة العدل على تسريح عدد هام من القضاة بموجب القانون المتعلق بالقاعد الاختياري والحال ان هناك محاكم تشكو من نقص في عدد القضاة. وذكر منير حمدي النائب عن نداء تونس ونائب رئيس لجنة التشريع العام ان أوضاع السجون كارثية وبين ان العقوبات البديلة هي افضل حل للمساجين وللدولة. وأضاف أن هناك العديد من القوانين على غرار مجلة الاجراءات الجزائية ومجلة الالتزامات والعقود تجاوزها الزمن وكان من المفروض تكوين لجان من اساتذة جامعيين وقضاة لمراجعتها. وتحدث النائب عن وضعية المحاكم المزرية، وذكر انه كان من الافضل تقسيم الموارد المخصصة لبناء محكمة ابتدائية بتونس بين هذه المحكمة ومحكمة التعقيب التي تتكدس فيها اكوام الارشيفات في الممرات. وأشار حمدي الى ان هناك اشكاليات يمكن تجاوزها بقليل من الارادة وذكر انه يجب رقمنة المرفق القضائي لتسهيل النفاذ الى الوثائق. وتساءل النائب عن مآل مجلة القضاء والتشريع واستفسر عن سبب عدم نشر فقه القضاء. وفي نفس السياق بين كريم الهلالي النائب عن كتلة الائتلاف الوطني ورئيس لجنة التشريع العام أن واقع المحاكم مزر للغاية وكذلك الشأن بالنسبة الى السجون وأضاف أن مرفق العدالة لن يتحسن دون الترفيع في ميزانية وزارة العدل. وتحدث الهلالي عن السجون وبين ان عشرات العقوبات في المنظومة الجزائية يمكن الاستغناء عنها وأن ذلك سيساعد على التخفيف من الضغط المسلط على السجون. وذكر ان تونس في حاجة الى تغيير السياسة الجزائية في العمق، وهي في حاجة أيضا الى تنقيح المجلة الجزائية. ودعا الهلالي الى تمكين رؤساء المحاكم من مرونة في التسيير وفسر انه يمكن ان تعهد لهم مهمة صيانة المقرات. وطالب رئيس اللجنة بمراجعة السياسة الاتصالية للقضاء بما يسمح بتمكين الرأي العام من متابعة سير القضايا كما طالب بتحسين تكوين القضاة الجدد في المعهد الاعلى للقضاء وبتنظيم دورات تكوينية موجهة لفائدة القضاة. وذكر ان الدولة لم تبذل المجهود الكافي لتحسين مرفق القضاء رغم ان الحرب على الفساد من ناحية وجلب الاستثمار من ناحية اخرى لا يتحققان في دولة لا توجد فيها ثقة في القضاء. العناية بالأرشيف استفسر مراد الحمايدي النائب عن الجبهة الشعبية عن برنامج الوزارة لمراجعة التشريع التونسي في المجال التجاري والاقتصادي بما يتلاءم مع المعايير الدولية. وطالب بتوفير اعتمادات كافية لتكوين اعوان المحاكم وذكر ان هناك احكاما تظل تنتظر طيلة ستة أشهر لكي يقع تلخيصها. وأضاف ان وزارة العدل تفتح دورات تكوينية لفائدة منظوريها لكن من يقيمون في المناطق الداخلية لا يستطيعون حضورها لأنها تقام في العاصمة وتدوم فترات طويلة. وذكر الحمايدي أن هناك كتبة في المحاكم يطالبون منذ سنوات بالترقيات لكنهم لم يحصلوا عليها ودعا الى مراجعة الأنظمة الاساسية للمحاكم واضاف ان الوضعية التي هي عليها محكمة التعقيب تعتبر فضيحة في وجه العدالة التونسية لان من يزور هذه المحكمة يشاهد الملفات مكدسة في المدارج. وذكرت النائبة عن النهضة مقررة لجنة التشريع العام زينب البراهمي أن الميزانية المخصصة للمعهد الاعلى للمحاماة غير كافية. وبينت ان الموارد المرصودة لرقمنة المرفق القضائي هامة لكن المواطن لم يستفد من الرقمنة، ودعت الى توفير طبيب شرعي في قفصة لتلافي اشكال تعطيل صدور الاحكام. الحركة القضائية خلال نقاش مشروع ميزانية المجلس الاعلى للقضاء بين مراد الحمايدي النائب عن الجبهة الشعبية أنه كان على الكاتب العام للمجلس الاعلى للقضاء حضور نقاش مشروع ميزانية المجلس الاعلى وتساءل عن عدد الاعوان الاداريين المباشرين في هذا المجلس خاصة وان معاليم الكهرباء كانت في حدود 200 الف دينار ومعاليم الماء كانت في حدود 20 الف دينار وكأن مجلس القضاء اصبح حماما. وبين ان اهم ملف يختص فيه المجلس الاعلى هو الحركة القضائية لكن صدورها تأخر كثيرا كما خلفت الحركة القضائية شغورات في المحاكم وبين ان هناك قضاة محظوظين وهم القضاة الذين لهم موطئ قدم في المجلس وفي المقابل هناك قضاة غير محظوظين وانعكس ذلك على وضع المحاكم واصبحت هناك محاكم محظوظة واخرى غير محظوظة فهناك محاكم لا تتوفر فيها بعض الاختصاصات مثل قاضي السجل التجاري و قاضي توزيع الاموال او قاضي الضمان الاجتماعي. وتساءل الحمايدي عن حصيلة عمل المجلس الاعلى للقضاء على مستوى التتبع التأديبي للقضاة ورفع الحصانة واستفسر ان كانت هناك قاعدة بيانات حول ملفات القضاة واختصاصاتهم وكفاءاتهم وانضباطهم ولم يخف الحمايدي شكوكه في اساليب التسميات في النيابة العمومية ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق. أما غازي الشواشي النائب عن الديمقراطية فطالب المجلس الاعلى للقضاء بالتسريع في احالة تقريره السنوي الى مجلس نواب الشعب بما يسمح بعقد جلسة حوار معه تحت قبة البرلمان. وذكر الشواشي ان وزير العدل أكد إحالة ملفات تأديبية للمجلس الاعلى للقضاء، نظرا لوجود جرائم خطيرة فيها رشوة وفساد وقال: «يبدو أن هناك تقصيرا كبيرا من المجلس الأعلى للقضاء في النظر في الملفات التأديبية وكأنه أصبح يغطي على القضاة». قال ان الحركة القضائية للسنة الثانية على التوالي صدرت بعد الآجال القانونية وهي عند صدورها كانت محل اعتراضات كبيرة.