ردا على الحملة التي شنتها مؤخرا بعض الأطراف السياسية على خلفية محاكمات رموز النظام السابق في جرائم متعلقة بحقوق الانسان و«الاتهامات» التي طالت المحاكمات في إطار العدالة الانتقالية و«الاخذ والرد» في خصوص «انتهاء صلوحية» هيئة الحقيقة والكرامة من عدمها انتظمت أمس ندوة صحفية بأحد النزل بالعاصمة تحت عنوان»موقف ضحايا الاستبداد من الإفلات من العقاب والدفاع عن العدالة الانتقالية «ضمت منظمات المجتمع المدني المدافعة عن مسار العدالة الانتقالية وسجلت حضور عدد هام من عائلات ضحايا الانتهاكات بالنظام البائد وكذلك عائلات شهداء الثورة. «نؤكد تمسكنا بمسار العدالة الانتقالية وباحالة مرتكبي الانتهاكات والمحاسبة ثم المصالحة التي تأتي بعد جبر الأضرار لعائلات الضحايا «هذا ما قاله جمال مسلم رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان مفتتحا الندوة. حملة ممنهجة.. من جهتها أكدت روضة القرافي الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة التونسيين ان القضاء التونسي في محطة تاريخية هامة من خلال المحاكمات في اطار مسار العدالة الانتقالية الذي اعتبرت أنه يتعرض الى حملة «تشويه» كبيرة ممنهجة من قبل أحزاب وكتل نيابية وما وصفتهم ب»أذرع» اعلامية شككت في صحة استكمال عهدة الهيئة واستغربت اعادة محاكمة «وزراء بن علي» في قضايا الشهداء التي سبق وان حوكموا فيها من قبل القضاء العسكري، وأكدت القرافي ان مجال العدالة الانتقالية واضح وحدده الفصل 148 في الفقرة التاسعة من الدستور والتي جاء فيها «تلتزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها والمدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها ولا يقبل في هذا السياق الدفع بعدم رجعية القوانين أو بوجود عفو سابق أو بحجية اتصال القضاء أو بسقوط الجريمة أو العقاب بمرور الزمن»واعتبرت ان القضايا المعروضة امام الدوائر المتخصصة تمثل»ماضي انتهاكات تاريخ البلاد» على غرار»ثورة الخبز» وقتل النشطاء السياسيين كنبيل البركاتي وكمال المطماطي وهذه القضايا لا تسقط بمرور الزمن في اطار العدالة الانتقالية التي تعتمد القانون الدولي والمواثيق كمعاهدة منظمة مناهضة التعذيب ومعاهدة حماية الأشخاص من الاختفاء القسري وميثاق روما والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وتقوم بالاستثناءات لاعادة المحاكمات وانصاف الضحايا وكل جهة أخذت نصيبها من القمع والاستبداد فالدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية تعمل وفق المبادئ العامة للقانون الدولي . وعبرت القرافي عن خشيتها على الدوائر المتخصصة وعلى أمنها باعتبار ما وصفته بخطاب «التشويه» الذي تم الترويج له اعلاميا والذي نعت الدوائر ب»الفاشية» واعتبرها ستقوم ب»محارق»واضافت ان هذه الدوائر تمثل فرصة للقضاء التونسي للتموقع لانصاف الضحايا الذين لم تتحقق لهم العدالة كما ان القضاء سيضمن عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات لذلك يجب تقوية هذه الدوائر برفع الالتباس الذي أحدثته الأطراف الرافضة للمسار بهدف رفع الاختصاص عن القضاء لكي لا يصبح قادرا عن التعهد بهذه الجرائم وبذلك فان هذه النوعية من الجرائم ستتكرر وسيبقى القضاء عاجزا عن التموقع وأكدت أن قضايا أحداث الثورة بالكرم والرقاب وأحداث الخبز قضايا لانصاف البلاد والضحايا ولا يمكن طمسها بحجة سقوط الدعوى بمرور الزمن واعتبرت ان صدور الأحكام فيها سيهدئ النفوس ويمكن من المصالحة حينها. «متهمون» فوق القانون أشارت القرافي الى خطورة التشويه الذي طال مسار العدالة الانتقالية والمغالطات حول دورها وربما ايقاف عملها واستغربت ان يكون مرتكبي الانتهاكات فوق القانون وفي وضع حماية ولا تبلغهم الاستدعاءات واعتبرت انهم بفعلتهم تلك «يحتقرون» القضاء خاصة مع وجود بعض الأطراف التي «تغطي»عليهم وعبرت عن خشيتها من إضاعتهم الفرصة التي ستجنبهم حصول ما حدث في دول أخرى من اعادة المحاكمات ولو بعد عشرات السنوات على غرار ما حصل بدول الشيلي والأرجنتين. انقلاب الأدوار وعلقت القرافي على الظهور الاعلامي لأحمد فريعة قائلة «كيفاش يخرج ويناقش ويتطاول ويتجرأ على القضاء» وتمكنه المنابر الاعلامية من الحضور رغم أنه متهم في قضية منشورة أمام أنظار الدوائر المتخصصة في حين يتم اقصاء الضحايا من الحضور وأكدت أن العدالة تظهر صوت الضحايا وتكفل اجراءات المحاكمة العادلة للمتهمين وبالتالي لا يمكن قلب المسائل حيث يتغيب الضحية ويظهر مرتكب الانتهاك بمظهر الضحية. الافلات من العقاب الأستاذة لمياء الفرحاني أخت الشهيد أنيس الفرحاني ورئيسة جمعية شهداء وجرحى الثورة « أوفياء» أكدت ان الحملة «الشرسة» التي طالت مسار العدالة الانتقالية «انفجرت ك»البركان» بعد جلسة المحاكمة في قضية شهداء « لافيات» ومن بينهم شقيقها أنيس وخاصة بعد اجراءات تحجير السفر التي تم اتخاذها ضد المتهمين ومن بينهم أحمد فريعة واعتبرت ان ما حصل هو ردة فعل ممنهجة تلتها حملات و»تجييش» قصد تكريس سياسة الافلات من العقاب وهي حملة لم تنصف الضحية واصطفت وراء «الجلاد» وأضافت ان ما يتم الترويج له من أن الاحالة في قضية «لافيات» تمت بعد انتهاء عهدة هيئة الحقيقة والكرامة أي بعد تاريخ 31 ماي الفارط «كذبة كبيرة» بل ان الاحالة تمت بتاريخ 28 ماي الفارط وأكدت ان الهيئة تحيل الملفات بمقتضى ارادة الضحايا بعد ان تقوم بأعمال البحث والتقصي والهدف من المحاكمات هو تفكيك منظومة النظام السابق لتحقيق مصالحة حقيقية بين الضحايا و«الجلادين». وقالت الفرحاني»لا يمكن تجاوز الام الضحايا لتصبح الامور سياسية لفرض المصالحة فلا سبيل اليه نحن رافضين المصالحة ولكننا مع استقلالية القضاء ولا للافلات من العقاب»وأضافت ان القضاء في مفترق كبير فالقضاء العسكري لا تتوفر فيه ضمانات المحاكمة العادلة من استقلالية وحياد للنظرفي قضايا الانتهاكات الجسيمة لذلك فان الحل في العدالة الانتقالية. تهديدات وأكدت أنها تلقت تهديدات يوم الخميس الفارط حيث دخلت الى مكتبها لتستعد للتحول لحضور جلسة شهداء الثورة بالكرم فعثرت تحت باب المكتب على رسالة فيها تهديد مباشر لها ولعائلتها ومن بين ما جاء فيها «هذا اخر تنبيه يا أستاذة لمياء الفرحاني»وأضافت ان الفرقة المختصة في مكافحة الارهاب تعهدت بالبحث في ظروف وملابسات الحادثة وعبرت عن خوفها من أن تشمل التهديدات جميع الداعمين لمسار العدالة الانتقالية وطالبت بضرورة توفير الحماية للضحايا وللقضاة لكي لا يتم ترهيبهم وحملت المسؤولية للدولة في حماية هؤلاء باعتبارها المسؤولة حسب رأيها عن كل ما يحصل فهي أرست قانون عدالة انتقالية وتراجعت فيه على مستوى التنفيذ واعتبرت ان استقبال رئيس الحكومة لأحمد فريعة هو»عار وخطير»باعتباره من بين مرتكبي الانتهاكات. الاعتذار رضا البركاتي شقيق الشهيد نبيل البركاتي عبر عن استيائه من تعرض مسار العدالة الانتقالية لما وصفه ب»المؤمرات» المحاكاة لتعطيل المسار و«تخريبه» وعبر عن ارتياحه الكبير لسير المحاكمات واستغرب ان لا يعتذر»المتهمون» في قضية شقيقه منهم. أما جمال بركات شقيق الشهيد فيصل بركات فأكد على فشل مسار قضية شقيقه الشهيد أمام القضاء العدلي حيث بقيت القضية تراوح مكانها على امتداد سنوات طويلة بل أنهم تقدموا بأربعة شكايات في العهد البائد لفتح الملف الذي بقي «مجمدا» في محكمة نابل واعتبر ان دوائر العدالة الانتقالية هي الأمل الوحيد الذي تبقى للضحايا لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم البشعة وأكد أنهم لا يطالبون بالمحاسبة والتشفي بل أن هدفهم وضع حد للافلات من العقاب لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات. تحذير واكدت منظمات المجتمع المدني المدافعة على مسار العدالة الانتقالية على وجود حملات تستهدف تعطيل مسار العدالة الانتقالية من خلال المطالبة بايقاف اعمال هيئة الحقيقة والكرامة التي اوشكت على النهاية من خلال التهجم على الدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية وعلى قضاتها وتشويه اعمالها ومرد ذلك الخشية الكبيرة من الكشف عن الحقائق التي سيتضمنها التقرير النهائي لهيئة الحقيقة والكرامة وحملت وزير الداخلية مسؤولية عدم الجدية في تبليغ الاستدعاءات الى المنسوب اليهم الانتهاكات من قبل الضابطة العدلية التي تعمل تحت اشراف وزارة الداخلية بما حال دون مثول اغلبهم امام القضاء وتمتيعهم بوضع حمائي في خرق لمبدأ مساواة الجميع امام العدالة والقانون وحذرت من اي تدخل تشريعي لايقاف محاكمات جارية في نطاق الدوائر المتخصصة والذي سيشكل – حسب رأيها- تدخلا «سافرا» في سير القضاء وخرقا خطيرا للدستور كما حذرت السلط من تبعات الضغوط والتهديدات التي طالت البعض من الضحايا والشهود وطالبوا بفتح ابحاث جدية في الغرض واخذ التدابير والاجراءات الضرورية لحماية الاطراف المعنية بالمحاكمات في اطار العدالة الانتقالية.