أعلن رئيس لجنة الإنتخابات في حزب «نداء تونس» رضا شرف الدين أمس أن اللجنة التي من المنتظر أن تسهر على تنظيم المؤتمر الاول للحزب تتكوّن من 12 عضوا (10 من حركة نداء تونس و2 من الإتحاد الوطني الحر) وهم إلى جانب رئيس اللجنة، كل من بوجمعة الرميلي ولمياء الفراتي وسهام الغضباني وعيسى الحيدوسي وآية الخياري وصالحة بالحاج عمر وعبد الحميد الأرقش ومنذر ونّيش وبديع بوزكري وسميرة بن قدّور وسناء غني. ورجح شرف الدين خلال ندوة صحفية للحزب إمكانية تنظيم المؤتمر الانتخابي خلال شهر فيفري القادم، وهو ثاني موعد يقدمه النداء بعد أن كان أعلن في وقت سابق أن المؤتمر سيكون بتاريخ 26/27/28 جانفي 2019 . وفي ذات السياق أوضح شرف الدين «ان لهذه اللجنة كل الصلاحيات لتنظيم مؤتمر انتخابي ديمقراطي، مع الأخذ في الإعتبار جملة من النقاط وهي التشاور مع الديوان السياسي والهيئة السياسية للحزب، بخصوص مراحل المؤتمر والإلتزام بما ينص عليه القانون الأساسي والنظام الداخلي للحركة، فضلا عن الإلتزام بما جاء بوثيقة الإندماج بين حركة نداء تونس وحزب الإتحاد الوطني الحر». ووصف مهمة الإعداد للمؤتمر ب»المهمة التاريخية» موضحا أن «أعضاء هذه اللجنة لن يقدموا ترشحاتهم خلال المؤتمر الإنتخابي والذي ستنبثق عنه هيئة سياسية جديدة ستنتخب بدورها قيادة تمثل الندائيين بمختلف أطيافهم، وستسيّر الحزب بطريقة جماعية وديمقراطية تتناغم ومتطلبات البلاد»، ملاحظا أنه سيتم في القريب العاجل تكليف كل عضو من أعضاء لجنة الإنتخابات بمهام بالاضافة إلى تكوين لجان فرعية أخرى». ويأتي الإعداد لهذا المؤتمر وسط ازمة سياسية للنداء الذي غادر الحكم مبدئيا في انتظار اعلان ذلك بشكل رسمي وتقديم بيان في هذا الباب، كما خسر النداء جزءا كبيرا من كتلته لتتراجع من 51 الى 46 نائبا، كما يعيش على وقع الاستقالات والانسحابات والقيادات الجهوية الموازية. وفيما يفترض المنطق السليم عدم سماح المرء لنفسه بأن يلدغ من نفس الجحر مرتين، لا يبدو أن حزب «نداء تونس» يحرص بما فيه الكفاية على تطبيق هذه القاعدة، بل على العكس تماما، اذ تراه يتابع تلقي اللدغ من نفس الجحر أكثر من مرة . فواقع الازمة الراهنة كان يتطلب إيجاد الحل المناسب عبر الاستعانة بالشخص المناسب، وهو ما لم يحصل... ذلك ان تعيين القيادي رضا شرف الدين لإدارة الاستعدادات للمؤتمر يشكل في حد ذاته بداية لضرب مسار الإعداد، وهو ما من شأنه ان يفتح بوابة الخلافات مجددا حتى بين أولئك المحيطين بالمدير التنفيذي تحت واقع تقسيم النفوذ داخل النداء، كما حصل مع مجموعة ال13 التي أعدت مؤتمر سوسة 2016 بقيادة يوسف الشاهد. فرضا شرف الدين القريب من حافظ قائد السبسي لن يكون الشخصية المثلى لقيادة المؤتمر الوطني للنداء الى بر الأمان لعدة اعتبارات، أولها انه يمثل الواجهة السياسية للعائلة الحاكمة وللباجي قائد السبسي بما يعنيه أن ترتيبات الإعداد للمؤتمر ستصب جميعها في حسابات نجل الرئيس الذي سيسعى للمسك بما تبقى من النداء عبر «شرعية صندوق الانتخابات»، وهو ما من شأنه أن يفتح باب الخلاف مع الأمين العام المنصهر حديثا ب»نداء تونس» سليم الرياحي الذي توسع حلمه بالمسك «بالإمبراطورية السياسية» للباجي قائد السبسي. كما ان تعيين رضا شرف الدين هو محاولة لاحتواء جهة الساحل باعتبارها جوهر العمل السياسي بالنسبة للدساترة والتجمعيين عموما. فثقل الجهة يبقى المحدد الأساس في أي بناء حزبي أو عمل سياسي، ومن هنا كان الاعتماد على شرف الدين لترويض تلك الجهات التي انتفضت ضد النداء وأساسا جهة سوسة بالذات وجهة المنستير التي خرجت عن السيطرة المطلقة للحزب رغم التقارير الوهمية التي قدمتها قيادات عن وفاء «المساترية» للنداء وخاصة «لسي الباجي»، وهي مغالطة يدركها أبناء المنطقة، وإلا كيف لقائمات مستقلة أن تغزو البلديات ويخسر الحزب الحاكم هناك؟ إن المعروف عن رضا شرف الدين أنه ليس بالقيادي المحايد وهو ما يتعارض مع الشخصية التي يفترض فيها ان تدير التحضيرات لإشغال الموتمر. ومن المؤكد أن توزيع الانخراطات سيكون «أم المعارك» التي سيخوضها الندائيون في الجهات رغم وجود «هيئة مستقلة». ذلك ان تحديد القيادات الجديدة يتم من خلال هذه البوابة وبالتالي فإن غياب الجانب الديمقراطي في توزيعها سيسفر عن إعداد انتخابات جهوية يكون فيها الفائزون هم المؤتمرون، أي أن الفوز في الجهات سيكون بحسب درجة الولاء لحافظ ولمجموعته. توزيع الانخراطات سيكون احد مؤشرات فشل شرف الدين او نجاحه وايضا التحدي الأكبر لبقاء النداء اصلا.