فقدت تونس والساحة الثقافية عموما والجامعة التونسية بصفة خاصة اول امس الخميس 15 نوفمبر 2018 احد اعلامها المتميزين والذين ذاع صيتهم تونسيا وعربيا وهو الاستاذ محمد رشاد الحمزاوي الباحث والاديب والمبدع والعالم الجليل والأستاذ الجامعي المتألق وصاحب الفضل في ادخال الدرس المعجمي في الجامعة التونسية كما كان له الفضل في تأسيس جمعية المعجمية العربية بتونس وإنشاء مجلة المعجمية.. والحمزاوي هو صاحب ما يقرب من خمسة وعشرين كتابا علميا وأدبيا باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنقليزية، بالإضافة إلى إنتاجه الغزير من المقالات والبحوث اللغوية. ولد محمد رشاد الحمزاوي بمدينة تالة من ولاية القصرين في 12 مارس 1934. وتلقى تعليمه الابتدائي في كتاب تالة والكاف والمدرسة الصادقية، والعالي في معهد الدراسات العليا في تونس. وهو حاصل على ديبلوم الدراسات العليا في الحضارة الإسلامية من جامعة السوربون بباريس عام 1960. كما تحصل على شهادات في اللغات السامية (العبرية والآرامية والسريانية) من جامعة ليدن الهولندية عام 1965، كما نال دكتوراه الدولة في اللغة العربية وآدابها من جامعة السوربون عام 1972. وتدرج في المناصب حيث عمل مساعدا، فأستاذا مساعدا، فأستاذا محاضرا، فأستاذ تعليم عال. درس في عديد الجامعات العربية والأوروبية عمل الراحل محمد رشاد الحمزازي في العديد من الجامعات العربية الاوروبية ومن بينها نذكر مثلا جامعة الإمارات العربية المتحدة وجامعة السلطان قابوس بعمان، وجامعة عنابة بالجزائر وجامعة ليدن بهولندا وجامعة السوربون في باريس، وبعد حصوله على الدكتوراه، انضم إلى سلك التدريس في الجامعة التونسية، وقد شغل في تونس عدة مناصب من بينها، مديرا لمعهد بورقيبة للغات الحية، ومديرا للتعليم العالي والبحث العلمي بوزارة التربية التونسية، ومديرا للمركز الثقافي الدولي بالحمامات، ومديرا لمشروع الأممالمتحدة لتعريب مصطلحات الاتصالات والفضاء بالمغرب. وكان أحد مؤسسي جمعية المعجمية العربية بتونس عام 1983. وكانت للحمزاوي علاقة وطيدة بالصحافة حيث اشرف على عدة أقسام ثقافية بالصحف التونسية والعربية، وكان عضوا مؤسسا لاتحاد مجالس البحث العلمي العربي في بغداد، وعضوا دائما في اللجنة الاستشارية المغربية للتعليم، وعضوا مراسلا في مجامع اللغة العربية في القاهرة، ودمشق، والعراق. وعمل خبيرا لدى مكتب تنسيق التعريب بالرباط التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وكان عضوا في وفد جامعة الدول العربية للحوار العربي الأوربي بفلورنسا. اهتم بالأدب وبالمسرح وبقضايا اللغة والمصطلحات هذا بالنسبة لنشاطه الاكاديمي اما بالنسبة لنشاطه الابداعي فقد كتب روايتين الاولى "بودودة مات" سنة 1962 و الثانية "سفر وهذر… هارب من خطاب الصدق" سنة 1998 ومجموعة قصصية عنوانها "طرننو اتعيش وتربي الريش" سنة 1975. وقد كان له اهتمام بالمسرح ذكره المخرج المسرحي والممثل المنجي ابراهيم فقال: "كان محمد رشاد الحمزاوي صديقا للمسرحيين وشغوفا بالأدب المسرحي كما كانت مسرحيته "الصّارخون في الصحراء" مبرمجة للإنجاز ضمن الفرقة المسرحية المحترفة بالكاف.. ليت الوعد يتحقق.." كما كتب الحمزاوي للمسرح "زمن الترّهات" في ثلاث مسرحيات سنة 1976 و من بين انتاجات الراحل ايضا يمكن ان نذكر ايضا كتاب "من قضايا المعجم العربي قديما وحديثا" الذي صدر سنة 1982 وكتاب "المصطلحات اللغوية الحديثة في اللغة العربية" الصادر سنة 1987 وكتاب "أعمال مجمع اللغة العربية بالقاهرة" الذي صدر سنة 1988 وكتاب "نظرية النحت العربية" الصادر سنة 1998 و"النظريات المعجمية العربية وسبلها إلى استيعاب الخطاب العربي الصادر سنة 1999. وقد عزز معرفته بالتراث وعي عميق بالمصطلحية الحديثة وما تطرحه من قضايا وإشكالات حرص على توظيفها في خدمة العربية من خلال المصطلح العلمي. شهادات حية عن رحيل موجع ترك محمد رشاد الحمزاوي برحيله فراغا موجعا تحدث عنه الاستاذ ابراهيم بن مراد ل"الصباح" فقال: "يصعب الحديث الموسع عن سي رشاد في هذا الفضاء الضيق هو أول من أدخل الدرس المعجمي في الجامعة التونسية حيث كان أحد مؤسسي جمعية المعجمية العربية بتونس سنة 1983 كما كان أول رئيس لها، وهو مؤسس مجلة المعجمية وكان أول مدير لها كما كان الراحل عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ونال جائزة الملك فيصل الدولية في مجال الدراسات اللغوية علما بأنه بدأ حياته أديبا مبدعا في مجال الرواية والقصة القصيرة ونال في مجال الرواية جائزة علي البلهوان التي كانت تمنحها بلدية تونس عن روايته "بودودة مات". ابّنه الاديب عبد الواحد ابراهم فقال: "فارس آخر من فرسان الثقافة التونسية يترجّل. كان صديقي محمد رشاد الحمزاوي أكاديميا لامعا وروائيا خبيرا على يديه عرفت التلفزة التونسية أول برامجها الثقافية فأدار بحنكة وذكاء "أدبنا في عصره". رحمك الله وجازاك عن خدماتك لبلدك خير جزاء." وصرّح الشاعر منصف المزغني بأنه كان استاذا، وكانت روايته "بودودة مات" فاتحة عهد جديد في الرواية التونسية. كما كان محركا ثقافيا في التلفزيون التونسي خلال أيام ادارته للمركز الثقافي الدولي بالحمامات، وقدم خدمات للشعر التونسي في احلك فترات الصراع اي سنوات 1981-1983. وختم قوله بأنه: "كان استاذا من صبر في الحوار، ورجلا من لطف وذكاء وحرص ثقافي خاص. " كرم محمد رشاد الحمزاوي عديد المرات في حياته فبعد حصوله على جائزة علي البهلوان للرواية العربية عام 1962 تحصل على وسام الاستقلال (الصنف الرابع) عام 1976 ووسام الأغصان الأكاديمي الفرنسي(Palmes Acdémiques Françaises) عام 1976 ووسام الجمهورية (الصنف الرابع) عام 1977وشهادة تقدير من جامعة السلطان قابوس (لجنة تطوير العمل بالجامعة) عام 1999 إضافة إلي جائزة الملك فيصل العالمية تقديرا لجهوده العلمية المتميزة في استقراء وجوه من المصطلح العربي في القديم والحديث، مع السّعي إلى تطوير نظرية لعلم المصطلح في إطار المعجمية عامة والمصطلحيية خاصة، والعمل على بلورة خطة منهجية إجرائية لصياغة المصطلح في العربية. رحم الله الفقيد محمد رشاد الحمزاوي ورزق الساحة الثقافية والجامعية جميل الصبر والسلوان. اعداد :علياء بن نحيلة