بحسب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، فإن عددا من التونسيين دفعوا خلال سنة 2015 ما قيمته نحو 500 مليار من المليمات رشاوى وهو ما يصنف تحت مسمى الفساد الصغير. في حين تبلغ تكلفة الفساد وسوء التصرف بالنسبة إلى الدولة سنويا 2000 مليار. ولظاهرة الفساد إلى جانب تبعاتها على الاقتصاد الوطني دلالات اجتماعية يحللها ل»الصباح الأسبوعي» الخبير في علم الاجتماع محمد الجويلي الذي يبرز أن الفساد يمثل شكلا من التعاقد بين الناس لكسب امتيازات بغير حق قانوني أو أخلاقي، لذا فإنه في غياب مؤسسات رقابية وتوزيع عادل للثروة ووضع اقتصادي جيد وشفافية على مستوى المعلومات فإن كل ذلك يجعل العملية التعاقدية القائمة على الفساد تتقدم على العمليات التعاقدية القانونية المتعارف عليها. ويشرح محدثنا أن تراجع المؤسسات يوسع المنفذ أمام الراشي والمرتشي كما أن عدم قيام الإدارة بدورها بالشكل الناجع والسريع يفتح الباب واسعا أمام تعاقدات من هذا النوع للحصول على خدمة دون وجه حق أو تسريع إجراءات مقابل تعقيدات إدارية تستنزف الوقت والجهد. ويشير محدثنا في هذا الخصوص إلى أن هنالك من يعتمد التعطيل وإطالة الإجراءات من الموظفين كنوع من طلب الرشوة بطريقة غير مباشرة. وإذا وجد المواطن نفسه في وضعيات متعددة حيث تطلب منه الرشوة أو يشعر بالحاجة إلى دفع رشوة من أجل قضاء شؤونه فإن ذلك يخلق لديه بطبيعة الحال استعدادا لدفعها وتصبح عملية مقبولة لدى الراشي والمرتشي. تطبيع مع الفساد ويمثل الفساد شكلا موازيا من التعاقدات الحاضرة بقوة والذي تحول إلى ممارسة مقبولة وعادة ويقع التطبيع مع هذه الممارسة يوميا في مؤسساتنا، حسب ما يفيد به الخبير في علم الاجتماع محمد الجويلي. ويرى محدثنا أن الظاهرة تستوجب مقاربة شاملة للتعامل معها تقوم على إصلاح المؤسسات إصلاحا جذريا بما يستوجبه من فرض الرقابة اللازمنة حتى يصبح المنفذ للفساد ضيقا إضافة إلى العمل التحسيسي والتوعوي.