أعتقد أن لا أحد فرح واغتبط وعاش سعادة بالغة بعد الإعلان عن فضيحة الرشاوى صلب الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا كما فرح مسؤولو الاتحاد الإفريقي لكرة القدم واغتبطوا وعاشوا سعادة بالغة، لأن هؤلاء غارقون حتى أعناقهم في عمليات رشوة بكل الأشكال والأنواع مست مختلف أنشطة الاتحاد الإفريقي. وإن افتضاح أمر بعض المنتمين إلى الفيفا واتهامهم بتقاضي رشاوى يريح كثيرا مسؤولي الاتحاد الإفريقي ويعطيهم أجنحة أكثر قوة حتى يستمروا في الطيران في عالم الرشوة وفي مقابل ذلك لا أحد سيلومهم وقد زال عنهم الخوف بما أن أكبر تنظيم رياضي في العالم متورط في عمليات مشبوهة وبالتالي صار الأمر أكثر من عادي، فمن سيحاسب الاتحاد الإفريقي إذا كان الفيفا يعاني بدوره من فضائح الرشوة ويرزح تحت ثقلها؟؟ وهل سيجد الفيفا الشجاعة الكافية بأن يفتح ملفات الرشوة في الاتحاد الإفريقي ويقوم بتحقيقات في هذا الشأن وهو يبحث عن الدفاع عن نفسه ويسعى إزالة ما علق به من فضائح رشوة؟؟ وعلى وقع فضائح الرشاوى بالفيفا ذكر موقع الصحيفة الإلكترونية "التونسية" أن رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم عيسى حياتو الذي حضر بتونس الدور النهائي إيابا لكأس رابطة الأبطال الإفريقية بين الترجي الرياضي التونسي ومازمبي الكونغولي أدلى بتصريح لإذاعة "شمس آف آم" الخاصة أكد فيه أن رؤساء أندية الكرة في إفريقيا يتسببون للكاف في عدة مشاكل. وأوضح قائلا: "نحن في الكاف لدينا مشاكل يخلقها رؤساء الأندية أنفسهم، إذ يلتمسون تعيين حكام (بعينهم)، وعندما لا تسير الأمور (أي تخسر أنديتهم) يعودون ويكونون أول من يقول إن الحكام مرتشون " . وتساءل حياتو قائلا دون الشعور بأي نوع من الحرج: "من يرشي هؤلاء؟"، مضيفا أنه "إذا كان الحكم مرتشيا فهذا يعني أن هناك راشيا".وقال: "يجب على رؤساء الأندية الذين يطلبون تعيين نفس الحكام، ثم ينددون بالرشوة، التوقف عن تقديم الرشوة، الأشياء واضحة"... واعتمادا على ما صرح به رئيس الكاف بإمكاننا أن نخرج على الأقل باستنتاجين. أما الاستنتاج الأول فهو أن عيسى حياتو يعترف ويقر بوضوح بتقاضي عدد من الحكام الأفارقة رشاوى للتأثير في نتائج المباريات التي يديرونها وتغييرها والتلاعب بها. وأما الاستنتاج الثاني فهو أن عيسى حياتو ضمنيا يبرئ حكامه من هذه التهمة وبصريح العبارة يلصقها في رؤساء الأندية الإفريقية المشاركة في المسابقات التي ينظمها الاتحاد الإفريقي، لأن هؤلاء الرؤساء هم الذين يطالبون بتعيين حكام بالاسم وطبعا القصد معروف بما أن أولئك الحكام طيعون وقابلون لعملية الارتشاء، وفي الأخير إذا لم تطبق فصول الصفقة كما أريد لها وإذا لم يتحقق المرجو ينقلب الراشي على المرتشي فيوجه إليه شتى الاتهامات ويفضحه عبر وسائل الإعلام. هذه هي تفسيرات عيسى حياتو لما يجري في مسابقات ينظمها الاتحاد الإفريقي ولما يقوم به حكام تابعون لهذا الاتحاد وهو من يعينهم ولما يأتيه بعض رؤساء من سلوك وأنديتهم منخرطة في هذا الاتحاد... قد خيل إلينا وعيسى حياتو يفسر ظاهرة الرشوة في المسابقات الإفريقية ويبررها كأنه يثير مسألة لا علاقة للاتحاد الإفريقي بها من قريب أو من بعيد... هكذا بكل سهولة وبكل سلبية يدعو عيسى حياتو رؤساء الأندية الإفريقية إلى الكف عن تقديم الرشوة إلى الحكام...!!!! وهنا ثمة سؤال يفرض نفسه بكل إلحاح: أين الاتحاد الإفريقي من كل هذا؟؟!! وماذا فعل حتى يوقف التيار وحتى يتصدى بكل جدية لتنامي عمليات الرشوة وتكاثرها صلب المسابقات الإفريقية؟؟ ولماذا لم يعاقب رؤساء الأندية مادام متأكدا أنهم يقدمون الرشوة إلى الحكام؟؟!!وهل مسؤولو الاتحاد الإفريقي بعيدون عن هذه العمليات المشبوهة وهم أبرياء من تهمة الرشاوى التي صارت سلوكا عاديا وأمر مفضوحا في إفريقيا والكل يتحدثون عنه ويثيرونه ويشيرون إليه ولكن الكل يغضّون عنه الطرف و لا أحد فكر في أن يتصدى له؟؟!! إن مسؤولي الاتحاد الإفريقي يعلمون حق العلم أن هناك عمليات رشوة في مسابقات ينظمها اتحادهم، ويمثلون طرفا مهما في تلك العمليات سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ومثل هذا الكلام لا نخترعه من أنفسنا وإنما فهمناه من خلال ما صرح به عيسى حياتو. فقد أقر في تصريحه المذكور أعلاه أن رؤساء الأندية في إفريقيا يلتمسون من الاتحاد الإفريقي تعيين حكام بعينهم وعندما تخسر أنديتهم يعودون ويكونون أول من يقول إن الحكام مرتشون. وهذا يعني في ما يعني أن الاتحاد الإفريقي يرضخ لطلبات رؤساء الأندية فيجاملهم ويحابيهم فيعين لهم الحكام الذين يريدونهم لإدارة مباريات تكون فرقهم طرفا فيها على الرغم من أن مسؤولي الاتحاد الإفريقي يعلمون بأن تلك الطلبات مشبوهة وتخفي وراءها أغراضا لا رياضية وعلى الرغم من أنهم متأكدون من أن الحكام الذين عينوهم تحت الطلب أكثرهم مرتشون ويميلون إلى من يدفع أكثر وأن رؤساء الأندية أكثرهم يبادرون إلى تقديم رشاوى إلى أولئك الحكام لضمان نتائج المباريات. أما مسألة تذمر رؤساء الأندية من حكام طالبوا بتعيينهم ويتهمونه في ما بعد بتقاضي الرشوة لا يفسره إلا شيء واحد وهو أن أولئك الحكام يقبضون الرشوة من طرفي المباراة وفي النهاية ينتصرون لمن دفع أكثر ولمن كان أكثر كرما في مبلغ الرشوة... وإن كان الأمر كذلك فهل الاتحاد الإفريقي بريء من رشاوى هو يعلم بوجودها بل هو يمهد لها ويساعد عليها عبر الرضوخ لطلبات رؤساء الأندية؟!! ثم إذا كان الاتحاد الإفريقي يلبي رغبات رؤساء الأندية، فهل مثل هذا الأمر يحدث بدون مقابل؟! ألا يمكن أن يقبض بعض المسؤولين في الاتحاد الإفريقي نصيبهم من تلك العمليات؟؟! أ ولا يُعدّ هؤلاء الطرف الثالث مع الراشي والمرتشي في تأمين الرشاوى بعيدا عن الأعين؟؟! ثم هل السكوت عن تلك العمليات المشبوهة على الرغم من العلم بها كان بدون مقابل؟؟! إن الرشاوى والتلاعب بنتائج المباريات في مسابقات الاتحاد الإفريقي داء ينخر كرة القدم الإفريقية، وإن هذا الظاهرة في اتساع مستمر وقد كان الحديث عنها في ما سبق في السر وبنوع من الخجل والخوف، أما اليوم فالكل يتحدثون عن الرشوة حتى رئيس الكاف تحدث عن ذلك و لكن لا أحد اليوم قادر على أن يضع حدا لهذه الظاهرة المسيئة جدا. وإذا استمرت ولم يقع التصدي لها بكل حزم فإن كرة القدم الإفريقية ستتراجع عشرات السنين وستعود إلى السقوط إن لم تسقط بعد وستصبح الفرق الإفريقية وكأنها تحرث البحر..!!