لما سمعنا بالمسالة اول الامر ظنناها مجرد مبالغة من بعض الاهالي، لكن بالتدقيق في الحيثيات المتعلقة بها واجراء الاتصالات بمصادر من المندوبية الجهوية للتربية بالقصرين تبين للاسف الشديد انها حقيقة وهي منع كامل تلاميذ مدرسة جبل «بيرينو» بمعتمدية فوسانة من الدراسة منذ حوالي شهرين وتحديدا منذ غرة اكتوبر الفارط والى غاية الان من قبل اهاليهم، والسبب اصرار اوليائهم على جعلهم «رهينة» من اجل المطالبة بتعبيد الطريق المؤدية الى مؤسستهم التربوية. وعود لم تتحقق لمزيد القاء الضوء على هذا المشكل الذي اصبح يعيشه 120 تلميذا اتصلت «الصباح» بعدد من الاولياء الذين وجدناهم متمسكين بموقفهم الرافض لعودة ابنائهم وبناتهم لمقاعد الدراسة ما لم تبادر السلط الجهوية ووزارة التجهيز بتنفيذ الوعود التي قطعتها لهم قبل ثلاث سنوات لما جاءهم والي القصرين سنة 2016 وتعهد لهم اثر تحركات احتجاجية بتعبيد المسلك الريفي المؤدي لقريتهم والمدرسة والذي يوجد والحق يقال في وضعية متردية الى ابعد الحدود ويستحيل المرور منه كلما نزلت الامطار لان ارضه طينية تتحول الى اوحال كثيفة ويوجد في اعماق جبل «بيرينو» بغاباته وتشقه عدة اودية وروافد مياه السيلان ويحتاج الى دراسة متكاملة لتهيئته وتعبيده وحماية جوانبه من المياه المتاتية من المرتفعات المحيطة به، وذكر لنا بعض اهالي المنطقة انهم يعيشوا اغلب فترات الشتاء في عزلة وفي بقية ايام السنة لا يستطيعون الانتقال الا بصعوبة كبرى والمرأة التي تأتيها آلام الولادة لا يمكن إيصالها الى مدينة فوسانة إلا بعد جهد جهيد وباستعمال جرار فلاحي قادر على تجاوز «مطبات» الطريق وأغلب الولادات تتم في المنازل، بمنطقة قد يتبادر للاذهان انها تتكون من اعداد محدودة من السكان في شكل منازل متفرقة لكن الواقع مخالف لذلك لانها تجمع سكني كبير يضم اكثر من 300 عائلة يبلغ تعداد افرادها قرابة 1500 شخص، افادونا بانهم لم يصلهم من الدولة غير «اعمدة وأسلاك الكهرباء» على حد تعبير احدهم. مندوبية التربية تتدخل مع تواصل اخذ تلاميذ المدرسة ك«رهائن» من قبل أوليائهم للشهر الثاني على التوالي تحركت المندوبية الجهوية للتربية اكثر من مرة لاقناعهم بالسماح لابنائهم بالعودة الى دراستهم والبحث عن اشكال اخرى من الاحتجاج لتبليغ مطلبهم المتعلق بالطريق إلا انهم أصروا على منع كامل تلاميذ المدرسة من الدراسة، وللحديث حول آخر مساعي مندوبية التربية لتامين رجوعهم لتلقي العلم والمعرفة اتصلت «الصباح» برئيس مصلحة التدريس بالمرحلة الابتدائية صلاح الدّين نصرلي الذي افادنا بما يلي: «منذ غرة اكتوبر والى الان وتلاميذ المدرسة لم يدخلوا قاعات التدريس ومدير المؤسسة والمعلمون (6 مربين) يأتون يوميا ويبقون بها حسب جداول اوقاتهم ثم يغادرون دون تقديم أي درس، وبعد محاولات عديدة لاقناع الاولياء بالتخلي عن طريقة احتجاجهم واتخاذ ابنائهم كرهينة، تحولت اليهم مؤخرا وبكامل الموضوعية فان السيارة الادارية التي نقلتني الى المدرسة كادت تنقلب من جراء الحالة المتردية للطريق ولم نصل الى القرية والمؤسسة التربوية الا بعد معاناة كبيرة ومخاطر عدة، وقد التقيت بجمع منهم وتحدثت معهم لمدة ثلاث ساعات كاملة تقريبا وجددت التاكيد لهم بضرورة ايجاد اشكال اخرى من الاحتجاج للمطالبة بتعبيد الطريق بعيدا عن ابنائهم التلاميذ مثل تنظيم وقفات احتجاجية بمعتمدية فوسانة او ولاية القصرين او الاتصال بالمسؤولين المحليين والجهويين وغيرها من الاشكال غير انهم وباصرار كبير تمسكوا بموقفهم بل اني لاحظت انه كلما طالت المدة زاد اصرارهم وأصبح الامر بالنسبة اليهم «عنادا» و»شماتة» في السلط الجهوية المعنية على حد ذكرهم لانها تجاهلتهم تماما ولم تكلف نفسها حتى الاتصال بهم ليبقى ابناؤهم التلاميذ ضحية ويخسروا شهرين كاملين من الدراسة بما ان امتحانات الثلاثي الاول اصبحت على الابواب (تنطلق يوم الاثنين 26 نوفمبر الجاري) ويصعب جدا تعويض كل هذه المدة (قد تطول اكثر) من الانقطاع عن طلب العلم، ونحن كمندوبية جهوية للتربية بذلنا وما نزال كل ما في وسعنا لدعوة الاولياء الى التعقل بل اننا اتصلنا ببلدية فوسانة والادارة الجهوية للتجهيز بالقصرين وابلغناهما بحالة الطريق موضوع احتجاج الاولياء من اجل التدخل في اقرب الاوقات لتعبيده ومازلنا ننتظر رغم ايماننا بان اشغال التعبيد والتهيئة تحتاج الى اموال كبيرة ووقت لا يستهان به». رفض تسلم مساعدات للتلاميذ: رئيس مصلحة التدريس بالمرحلة الابتدائية صلاح الدّين نصرلي افاد «الصباح» ان هناك مساعدات اجتماعية تم ارسالها منذ بداية الموسم الدراسي لتلاميذ المدرسة تتمثل في ادوات مدرسية واعانات مختلفة ما تزال محفوظة في خزائن المؤسسة لان الاولياء رفضوا تسلمها وقالوا انهم ليسوا في حاجة الا الى الطريق. واوضحت مندوبية التربية انه ونظرا للحالة غير الجيدة التي اصبحت عليها المجموعة الصحية بالمدرسة برمجت بناء وحدة صحية جديدة تتوفر فيها كل المواصفات رصدت لها حوالي 70 الف دينار ستنطلق اشغالها في الثلاثية الثانية من سنة 2019 وستكون جاهزة قبل بداية الموسم الدراسي القادم وقد اعلم الاولياء بذلك لطمانتهم بان ابناءهم سيدرسون في ظروف طيبة. الى متى؟ مضى الان حوالي شهرين على بداية حرمان الاولياء لابنائهم من الدراسة والمدة مرشحة لان تطول اكثر، ولا بد من تدخل عاجل من والي القصرين لايجاد الحلول اللازمة لهذه الاشكالية واقناع الاهالي بان ما يقومون به غير معقول لان ابناءهم هم الخاسر الوحيد، والعمل على طمانتهم في خصوص الطريق ببرمجتها لاحقا ضمن مشاريع المجلس الجهوي مثلا، علما بان المدرسة تحتوي على ثلاث قاعات تدريس ورابعة للاعلامية ويوجد بها مطعم يقدم وجبات باردة وخزان ماء من افضل ما يكون احدثته وزارة الفلاحة لتامين مياه الشرب لتلاميذها ومربيها ويحميها سور اصبح مهددا بمياه السيلان وهو يحتاج الى اشغال استعجالية لحمايته.