قدم أمس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عرضا للتقرير الدوري للحركات الاجتماعية الذي يصدر شهريا عن المرصد الاجتماعي التونسي وأعطى في نفس الوقت قراءة لميزانية 2019 التي ينتظر أن تتم المصادقة عليها خلال أيام أمام مجلس نواب الشعب. تقريران، اعتبر مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنهما يؤشران لتوجه البلاد نحو مزيد الاحتقان، فلم يتحقق شيء خلال السنوات الماضية واليوم البلاد تقف في مفترق طرق، شعب يطالب بالكرامة وتنفيذ الوعود وتحقيق التوازن الجهوي والشغل وبين مؤسسات دولية وصندوق نقد دولي يضغط من اجل الحد من كتلة الأجور ومزيد تحرير السوق. وبين الرمضاني أن خارطة الاحتجاجات والتحركات المطلبية بصدد إعادة نفسها منذ سبع سنوات والأرقام التي تصدر شهريا تؤكد ذلك وتنبه إلى اتجاه البلاد نحو مزيد من الاحتقان، فبعد أن كانت حصيلة التحركات في حدود ال467 تحركا خلال شهر أكتوبر ارتفعت إلى 746 خلال شهر نوفمبر، 90 % منها جماعية واحتكرت ولايات القيروان وسيدي بوزيد والقصرين وصفاقس ونابل أكثر من 50% من التحركات. وكشف التقرير تنوعا للاحتجاجات المسجلة خلال شهر نوفمبر التي شملت كل القطاعات تقريبا الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والتربوية التي كانت الأبرز فضلا على التحركات البيئية والصحية والسياسية والتحركات الرياضية التي تعلقت أساسا باللقاءات الرياضية. وأشار الرمضاني إلى أن عدم سعي الدولة والحكومات المتعاقبة إلى قراءة تلك المؤشرات قراءة صحيحة وجدية ما انفك يعكر الوضع أكثر ويجعل من إمكانيات الخروج من النفق أصعب، حتى أننا أصبحنا نتحدث اليوم حسب قوله فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي عن إمكانيات تدارك وليس عن فرضيات وقاية. ميزانية نشر الأوهام من جانبه وخلال تقديمه لقراءة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لميزانية الدولة التونسية لسنة 2019، اقر عبد الجليل البدوي المسؤول على قسم الدراسات، أن هناك غيابا تاما للوعي بخطورة الأحداث من قبل الساسة والمسيرين واعتبر أنها ميزانية «نشر الأوهام الاقتصادية» لا تراعي مصلحة المواطن ولا تسعى إلى تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي وإنما هي ميزانية تهدف الى تحقيق أحلام سياسية ربطها البدوي أساسا بالانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ينتظر أن تشهدها نفس السنة. ولخص عبد الجليل البدوي ميزانية 2019، في ثلاث مؤشرات هي الاستمرار في المنحى التقشفي والضغط على النفقات والبحث عن تحسين ولو طفيف في الموازنات المالية على حساب المنحى التنموي إضافة الى غياب كلي للبعد التنموي والإصلاحي فيما أقرته الميزانية فلا حديث لا عن نسب تزايد التضخم ولا عن تراجع قيمة الدينار ولا عن القطاع غير المهيكل الذي ينخر الاقتصاد وكأنها أمور لا تهم الدولة. واعتبر أن خصوصية السنة، على أبواب انتخابات، جعل الميزانية تهادن وتقدم هدايا لذر الرمادي على العيون، فأوهمت بهدنة جبائية وإجراءات جديدة لقطاع السياحة وانطلاقة لبنك الجهات ونسبة إضافة لفائدة صندوق التشغيل واليات جديدة للتمويل الذاتي لباعثي المشاريع الخاصة من الشباب مع التنصيص على استقرار أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية. لكن في المقابل يقول عبد الجليل البدوي إن الميزانية حرصت على الالتزام بتعهدات صندوق النقد الدولي فأسقطت من اعتباراتها الفلاحين (على ما يرفعونه من مطالب وما لهم من إشكاليات وما يمثلونه من قطاع محوري للاقتصاد التونسي) وأجراء الوظيفة العمومية. استثناء رأى انه غير مقبول، وتوقع أن يكون احد أهم مصادر التوتر في الفترة القادمة، فالحكومة أشرفت على مفاوضات في الزيادة في القطاع الخاص والمؤسسات العمومية ومن غير المنطقي أن تسقط الوظيفة العمومية فهم لا يتحملون ارتفاع كتلة الأجور كما انه من غير اللائق أخلاقيا التصرف بهذه الطريقة أمام من يقومون بواجبهم الجبائي. وذكّر عبد الجليل أن الأجراء حسب الخزينة المالية ل2015، هم من يساهمون ب65% من حجم الضرائب ويقدم الفرد منهم معدل 1820 دينارا سنويا في الوقت الذي يساهم فيه 414 ألف منخرط في النظام التقديري الجبائي ب0.7% من حجم الضرائب أي بمعدل 55 دينارا للفرد. وخلص عبد الجليل البدوي إلى الإشارة بأنه وحسب ميزانية 2019 الحكومة التونسية ليس لها تشخيص للوضع ولا ترتيب للإشكاليات حسب الأوليات ولا مشاريع معالجة.