بعد جدل ساخن صادق مجلس نواب الشعب مساء أمس خلال جلسة عامة بقصر باردو على ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لسنة 2019 وقدرت ب 83 مليارا و930 ألف دينار. وخلال نقاش هذه الميزانية لم يخف اغلب النواب قلقهم وخشيتهم على المسار الانتخابي. دليلة الببة النائبة عن النهضة قالت ان الهيئة تتمتع بصلاحيات ترتيبية لم تمنح لكل الهيئات وهذه الثقة فيها تدعمت بتنظيمها انتخابات تشريعية ورئاسية شهد لها كل العالم بالنزاهة. كما كان للهيئة دور كبير للتعريف بنفسها في الخارج ونالت الكثير من الجائز، ولا احد استطاع ان يشكك في دورها الهام. وفي المقابل عبرت الببة عن اسفها لدخول الهيئة اليوم واعضائها في خلافات، وقالت ان الخوف كل الخوف ان يؤثر الخلاف على اداءها وعلاقات اعضاء الهيئة ببعضهم البعض . وبينت أن الخلاف لم يؤثر على الانتخابات البلدية ولم يمس من شفافيتها ونزاهتها لكن لا يمكن ان يتواصل هذا الوضع خاصة مع بقاء مجلس الهيئة بأعضاء ينتظر خروجهم في اي وقت، وطالبت النائبة مجلسها وجميع كتله بتحمل المسؤولية، وانتخاب رئيس جديد للهيئة لتأمين المسار الانتخابي وقالت انها لا تريد ان تهتز ثقة المواطن في الهيئة لان انعدام الثقة في الهيئة هو انعدام للثقة في نتائج الانتخابات. ودعت الى تمكين الهيئة من ميزانية معتبرة تسمح لها بإجراء الانتخابات بكل شفافية. اما شاكر العيادي النائب عن نداء تونس فبين أن الهيئة تريد ميزانية قدرها 139 لكن وزارة المالية منحتها 84 مليار والاموال من وجهة نظر سياسية هي استثمار في الديمقراطية والانتخابات اي في المواطنة لأنه عندما يعبر المواطن عن موقفة ورغبته السياسية ويمارس العملية الانتخابية فهذا ارقى مستوى من الوعي السياسي الذي يصله البشر. وهذه المسألة عند الامم والشعوب على غاية من الاهمية وبالتالي فان القضية ليست قضية ارقام او خلافات بين اعضاء الهيئة بل قضية مواطنة وهي قضية رائعة ويرى العيادي ان كمال الجندوبي وشفيق صرصار والتيلي المنصري واعضاء هيئاتهم نجحوا لانهم نظموا انتخابات نزيهة ويجب المحافظة على هذا المكسب، وذكر انه لا توجد هيئة في العالم بعيدة عن التجاذبات السياسية لان عيني السياسي دائما على الهيئة الانتخابية ويرى النائب ان تحصين الهيئة يتم من داخلها وعندما يكون رئيسها واعضاؤها متشبعين بالاستقلالية. وقالت ناجية بن عبد الحفيظ النائبة عن الائتلاف الوطنية انه نتيجة للتجاذبات الحزبية والتطاحن السياسي تم ضرب هيئة الانتخابات وحتى عند اختيار اعضائها لم يقع ذلك على اساس الاستقلالية. وذكرت ان هيئة الانتخابات ساهمت في انجاح مسار الانتقال الديمقراطي لكن منذ استقالة رئيسها السابق شفيق صرصار اصبحت تفتقد للاستقرار وغياب الانسجام بين اعضائها وقالت انها تريد ان تفهم بكل دقة ماذا يجري داخلها فهي لا تسطيع التصويت للميزانية دون معرفة الحقيقة وقبل كشف الاطراف التي تعطل المسار وتساءلت هل تم التنسيق مع وزارة الخارجية قصد فتح مكاتب تسجيل بالخارج . اللون الازرق عمار عمروسية النائب عن الجبهة الشعبية قال ان هيئة الانتخابات مطلب اساسي لأجيال متعاقبة ناضلت من اجل الحرية وذكر ان تقرير دائرة المحاسبات كشف ان التصرف في الموارد البشرية فيه غموض اما التصرف في الموارد المالية ففيه اشكاليات لكن هذا ليس هو اهم ما في الامر فتحصين الديمقراطية هو الذي يهمه وذكر ان المافيا اليوم تحكم وتشرع تريد المساس بالهيئة التي تعتبر مكسبا فهي التي اخرجت تونس من الدولة الظالمة، وأضاف ان التونسيين عانوا الامرين قبل الثورة من تدليس الانتخابات واليوم هناك هيئة مستقلة لكن ما يقلقه هو المشاكل التي توجد في هذه الهيئة وكان على الرئيس المستقيل شفيق صرصار توضيح الحقيقة، وعبر عمروسية عن مخاوفه على الانتخابات من اللون الازرق وماكينة «الي يخافو ربي» ومن المال السياسي الفاسد المتسلل الى الاحزاب والنواب.. وذكر انه عوضا عن منع السياحة الحزبية يريد الائتلاف الحاكم تنقيح القانون الانتخابي في اتجاه اعتماد عتبة بهدف اخراج المعارضة. وبينت خولة بن عائشة النائبة عن الحرة لحركة مشرع تونس ان الهيئة كانت مفخرة لتونس عندما نظمت انتخابات 2011 و2014 وهي انتخابات يحتذى بها في العالم لكن الصراعات القائمة فيها اليوم تبعث على الخجل منها. واضافت ان غياب اعضاء الهيئة عن الجلسة العامة يدل على عدم احترام لهذه الهيئة وعلى تملص من مسؤولياتهم بعد ان تكالبوا على الترشح لها في وقت غير بعيد، وهو يدل على عدم احترام لمجلس نواب الشعب الذي منحهم الثقة وائتمنهم على المسار الانتخابي، وقالت بين عائشة انها لا تستطيع ان تثق في ما تبقى من الهيئة والحال ان هناك اعضاء لم تطأ اقدامهم مقرها منذ اربعة اشهر لكنهم يتقاضون اجورا ويبحثون عن السفرات وتساءلت :»كيف نثق فيها وهناك من يصول ويجول و يتصرف كانه رئيس للهيئة لان هناك من وعده بانه سيرث الرئيس المستقيل وكيف نثق فيها وقد تعلقت بأحد اعضائها شبهات فساد اخلاقي ومالي واداري».. وذكرت ان هناك اعضاء بالهيئة يريدون عزل موظفين وتسمية اقاربهم وهناك اعضاء يحجون الى مقرات الاحزاب لاستشارتها حول مصير زملائهم وأضافت في حيرة:» هل هذه الهيئة يطمأن لها لكي تنظم انتخابات تشريعية ورئاسية». وقالت ان جميع اعضاء مجلس الهيئة لم تعد لهم اي شرعية اخلاقية لمواصلة العمل في الهيئة لانهم لم يغلبوا مصلحة الوطن بل انخرطوا في الصراعات والتجاذبات السياسية ودعتهم جميعا الى الاستقالة من مجلس الهيئة وتجنيب الشعب التونسية مسرحية التجاذبات. وبين زهير المغزاوي النائب عن الديمقراطية انه رغم الاشكاليات فهو يعتز كثيرا بجود هيئة انتخابات لأنها ضمانة حقيقية للمسار الديمقراطي وذكر انه ضد جيوب الردة التي تريد ارجاع مهمة تنظيم الانتخابات لوزارة الداخلية والعودة بالتونسيين الى عهود الاستبداد. وقال ان تونس مقبلة على سنة انتخابية وسبق ان حصلت تجاوزات في المسار الانتخابي وكسبت الهيئة من التجارب ما يؤهلها لتنظيم انتخابات افضل. وعبر المغزاوي عن مخاوفة على استحقاق 2019 وخوفه ممن يتآمرون على الانتخابات وقال انه عليهم ان يحذروا وان يدركوا ان اللعب بالمسار الانتخابي هو لعب بالبلاد. وذكر ان مخاوفه تكمن في ادارة الانتخابات وفي غياب حملة التسجيل وفي المال السياسي الفاسد الذي يهدد الانتخابات وبين ان الاحزاب اصبحت تتباهى بالمال السياسي وهناك تدخل سافر من اطراف في الخارج في هذا المسار وعلى الهيئة توفير مناخ انتخابي ملائم وعليها حماية الاحزاب من «باندية الانتخابات» ومن المال الفاسد واعلام الموجه.