أعلن حزب التحرير يوم الجمعة 7 ديسمبر الجاري عن إطلاق «حملة تعبئة وإنقاذ» لتغيير النظام السياسي وإرساء دولة الخلافة، من خلال دعوة أنصاره إلى الالتفاف حول الحزب ودعم توجهاته للمرحلة القادمة كبديل لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الراهنة «وإرساء الدولة الإسلامية التي تتبنى حكم الله في رعاية شؤون الأمة». وقدم رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير محمد مقيديش، خلال ندوة صحفية انتظمت يومها بمقر الحزب بمفترق سكرة من ولاية أريانة، توجهات حزبه للمرحلة القادمة، والتي قال إنها تعتمد على توعية أفراد المجتمع بأهمية الانخراط في التحركات السلمية للحزب «لتغيير نظام الحكم والقطع مع الإملاءات الخارجية والارتهان للهياكل المالية الأجنبية» وفق ما جاء بيانه الصحفي . وأوضح مقيديش، أنه سيتم خلال هذه الحملة التحسيس بتوجهات الحزب عبر المطارحات الفكرية والسياسية القائمة على أحكام الله والشريعة الإسلامية، منتقدا فشل الأطراف الحاكمة في إدارة شؤون البلاد في قطاعات مثل التربية والصحة، التي قال إن «ميزانياتها تعتمد على توفير أجور العاملين دون أية استثمارات أو خدمات تذكر». من جهته، اعتبر محمد علي بن سالم عضو حزب التحرير، أنّ «دولة الخلافة هي الحل لكل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، والآلية المثلى لإنقاذ البلاد من التبعية الغربية ومنع استغلال ثرواتها الطبيعية والارتهان للنظم الرأسمالية التي تقرر مصير الأمة الإسلامية وفق توجهاتها الاستعمارية». لا تُعدّ هذه الدعوة أثناء الندوة الصحفية لإرساء الدولة الإسلامية الأولى منذ بعث حزب التحرير بل تكرّرت الدعوات عشرات المرات ما دفع بوزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان بمراسلة حزب التحرير لطلب توضيحات بخصوص التصريحات الإعلامية المخالفة لمبادئ الجمهورية وللدستور. وكان مهدي بن غربية الوزير السابق قد صرّح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء يوم 30 أكتوبر 2017 بأنّ الوزارة ستلجأ في حال عدم رد الحزب على هذه المراسلة إلى القضاء للنظر في مسألة حله، لكن إلى اليوم لا يُعلم مآل هذه المراسلة، وهل تلقت الإجابة وهل تمّ الالتجاء إلى القضاء؟ من المهم الإشارة إلى أن الفصل الثالث من باب المبادئ العامة من المرسوم عدد 87 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 والمتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، حيث جاء في نصّ الفصل « تحترم الأحزاب السياسية في نظامها الأساسي وفي نشاطها وتمويلها مبادئ الجمهورية وعلوية القانون والديمقراطية والتعددية والتداول السلمي على السلطة والشفافية والمساواة وحياد الإدارة ودور العبادة والمرافق العامة واستقلال القضاء وحقوق الإنسان كما ضبطت بالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية التونسية.» لم تتعد التنديدات إلا من الديوان السياسي للحزب الدستوري الحر، الذي أعلن يوم السبت الفارط، أنه سيتوجه بمراسلة لرئيس الحكومة لمطالبته بالقيام بالإجراءات القانونية لحل حزب التحرير. واعتبر الديوان السياسي للحزب، في بيان أصدره إثر اجتماعه، حزب التحرير تنظيما خطيرا على الدولة وأمنها، داعيا رئاسة الحكومة إلى «تصحيح أخطاء حكومات الترويكا التي منحت التأشيرة لأحزاب غير مدنية تناهض النظام الجمهوري وتنشر الفكر المتطرف لدى الرأي العام وتتاجر بالدين لتحقيق أغراض سياسية ضيقة». وأوضح الحزب في بيانه أنه اتخذ هذا القرار على خلفية ما جاء في البيان الصحفي الصادر عن حزب التحرير والذي تضمن إطلاق حملة سياسية قصد الانقلاب على الدولة المدنية وإرساء حكم الخلافة. واعتبر أن استعمال ما وصفه البيان «مصطلحات داعشية» من قبيل « التحرر من الطغاة وكلاء الاستعمار» و»أهل القوة» تمثل تهديدا جديا للأمن القومي ودعوة مبطنة للعنف والإرهاب ومخالفة فاضحة للفصل الأول من الدستور والمرسوم المنظم للأحزاب السياسية.