الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد: «معمل الاسمنت بالمزونة ومنجم الفسفاط بالمكناسي ومعمل الآجر بمنزل بوزيان.. متخلدات بذمة الدولة» ◄ 1878 مشروعا رصدت لسيدي بوزيد لم تحقق التنمية.. أين الخلل؟ غدا تمر 8 سنوات على اندلاع ثورة الحرية والكرامة في مدينة سيدي بوزيد، عندما قام الشهيد محمد البوعزيزي يوم 17 ديسمبر 2010 بإشعال النار في جسده امام مقر ولاية سيدي بوزيد على خلفية قيام المصالح البلدية بحجز عربته المحملة ببعض الخضر والغلال. الزمن تقدم تغيرت الوجوه والحكومات والمسؤولون في الجهة لكن في المقابل لازال الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي من اجله ثار المواطن واعتصم وانتفض يراوح مكانه، تفشى الفقر والخصاصة وتواصلت سياسة التهميش والاقصاء والمماطلة في ظل آذان صماء للساسة والمسيرين.. تشخيص أكدته إفادات عدد ممن التقتهم «الصباح» من الاهالي الذين عبروا عن بالغ استيائهم وغضبهم من السياسات المعتمدة من قبل كافة الحكومات المتعاقبة منذ اندلاع الثورة. وحسب وثيقة صادرة عن وزارة التنمية، اشكاليات التنمية بولاية سيدي بوزيد تعود الى الضعف الكبير للنسيج العمراني حيث لا تتعدى نسبة السكان في الوسط الحضري 27.1 % سنة 2014 وهو ما لم يسمح ببروز مركز حضري مهيكل، بل حدّ من تطور وظيفة المراكز الحضرية الثانوية بالإضافة إلى تواصل ضعف هيكلة وإدارة التجمعات السكنية الريفية وغياب البنية التحتية المهيكلة والدامجة لمناطق الجهة التي تمكنها من الترابط والتكامل مع الأقطاب الاقتصادية المجاورة، الى جانب تواضع البنية الاساسية بالمراكز الحضرية والتجمعات السكنية الريفية والتي في النقص ىالفادح في تهيئة وتعبيد الطرقات والأنهج والمسالك الفلاحية الريفية والربط بشبكات التطهير وصرف المياه والتنوير والماء الصالح للشرب وضعف تثمين الثروات الطبيعية والمخزون الثقافي وذلك دون العمل على إدماجه في الدورة الاقتصادية بالجهة (السياحة الايكولوجية، والسياحة الاستشفائية والثقافية) ومحدودية التجهيزات الجماعية وتردي الخدمات المقدمة في اغلب المجالات التربوية والصحية والرياضية والشبابية والثقافية.. كل هذه النقائص في ظل تشعب الوضع العقاري واستنزاف الموارد المائية ومحدودية النشاط الصناعي وتدهور الوضع البيئي وتهديده للجانب الصحي بأغلب المراكز الحضرية والتجمعات السكنية الريفية بسبب غياب منظومة ناجعة للتصرف في النفايات. ولئن يشهد قطاع البنية الأساسية عدة انجازات تمثلت في تأهيل شبكة الطرقات الوطنية والجهوية والمحلية الممتدة على 720 كم منها 249 كم طرقات وطنية معبدة وتعزيز شبكة التهيئة والتعبيد للمسالك الفلاحية الريفية البالغ طولها 5494كم منها 1422كم مسالك معبدة بنسبة 26 بالمائة، فان حاجة الجهة لتطوير هذا المجال متأكدة لمزيد ربط الجهة بالأقطاب الاقتصادية وفك عزلة مناطقها الريفية المتسمة بالتشتت، ولا تزال الجهة في حاجة ماسة لدعم باقي مكونات البنية الأساسية خاصة المتعلقة بالتزود بالغاز الطبيعي ومد الخط الكهربائي ثلاثي الأطوار. والي سيدي بوزيد: «الاستثمار الخاص طريق التنمية في الجهة» « بالنسبة للوضع الاجتماعي بسيدي بوزيد بعد مرور 8 سنوات على الثورة يمكن ان نقول انه مستقر ومنسوب الاحتقان سجل انخفاضا بشكل كبير، أما فيما يتعلق بالوضع التنموي في مجال المشاريع العمومية تم رصد قرابة 1600 مليار لإنجاز 1878 مشروعا تم انجاز 1200 منها، اما بقية المشاريع فهي بين الدراسة واعلان طلب العروض، ولدينا 10 مشاريع معطلة اي ما يمثل نسبة 1 بالمائة من الحجم الجملي للمشاريع». ويضيف الوالي قائلا:»الاشكال في سيدي بوزيد يتعلق بخلق التنمية والنمو ولابد للاستثمار الخاص ان يكون هو القاطرة. وما حدث في سيدي بوزيد هو العكس تماما حيث كانت نسبة الاستثمار في المجال العمومي كبيرة لكن الاستثمار في القطاع الخاص كان ضعيفا وضعيفا جدا وقدر بحوالي الألف مليون دينار منذ انطلاق الثورة وهذا ما جعل الانعكاسات تكون سلبية خاصة على مستوى التشغيل. فنصيب ولاية سيدي بوزيد من الاستثمار في المجال العمومي بلغ 1600 مليار دون اعتبار كلفة انجاز الطريق السيارة تونس جلمة، ودون اعتبار كلفة المستشفى الجامعي التي هي في حدود 230 مليون دينار، وكذلك دون اعتبار مشروع الغاز الطبيعي وعديد المشاريع الاخرى التي تنجزها كل من الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والشركة التونسية للكهرباء والغاز وكذلك ما يتعلق بقطاع المواصلات، وبالتالي فإنه لو يقع التركيز على سوق الانتاج ومنجم الفسفاط ومصنع الاسمنت فإننا نتصور أن مشكلة البطالة المرتفعة ستتقلص بشكل واضح خلال ال5 سنوات المقبلة». الناشط السياسي محجوب النصيبي: «تراجع القطاع الفلاحي بالجهة زاد في تعكر الوضع» يقول محجوب النصيبي نحن نحيي الذكرى الثامنة للصبر وليس للثورة حيث انه وبمراجعة بسيطة للاستثمار العمومي، سيدي بوزيد كان نصيبها التهميش حيث لم تحظ بدعم الدولة منذ تأسيسها سنة 1974 الى سنة 2002 وتكشف أن نصيب الجهة كان نصف المعدل الوطني. التهميش اذن كان ولازال خيارا، وبإلقاء نظرة على ارقام ومؤشرات الحرمان بالنسبة لولاية سيدي بوزيد يؤكد أن الولاية تحتل المراتب الاخيرة من حيث الخدمات الصحية والتأمين الصحي والتجهيزات الصحية والسكن والبطالة التي بلغت مستويات قياسية سنة 2013، ويوضح النصيبي انه وعلى ارض الواقع لا وجود لإجراءات ملموسة تستهدف تحسين الوضع الاجتماعي ولا حلحلة البنية الاقتصادية وجعل سيدي بوزيد مدينة يطيب فيها العيش حيث انه ومنذ 1972 ثمة تأبيد لانقسام مجالي في ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية نتيجة تخلي الدولة عن المناطق الداخلية عموما وبالذات سيدي بوزيد مما جعل امكانية حشد استثمارات مهيكلة تسمح بإطلاق اقتصاد جهوي متماسك امكانية مستحيلة. ويضيف محدثنا مبينا انه ورغم الندوات والورشات التي اقيمت على مر السنوات التي عقبت الثورة والوعود التي قدمت فانه لم يتجسد منها شيء على ارض الواقع بل ان الوضع زاد تراجعا. والشيء الذي زاد في تعكيره هو تراجع القطاع الفلاحي خاصة بسبب غلاء اسعار المحروقات وهروب المائدة المائية وهيمنة البعض على مواد انتاجية متعلقة بالأعلاف المدعومة والادوية الفلاحية حيث تراجع انتاج الحليب واللحوم الحمراء بسبب عجز الفلاح على توفير الاعلاف غالية الثمن كما ان عدم مراقبة مسالك التوزيع في قطاع الخضروات والغلال وسيطرة طبقة من المحتكرين جعل جهة سيدي بوزيد الاغلى من حيث اسعار الحضر والغلال وكأن الدولة او منظومة الحكم تنتقم من الجهة!؟ حتى السوق المركزية التي يمكن ان تمثل ركيزة قطب اقتصادي للجهة لم يتم الشروع في تنفيذها رغم انه تم تدشينها من أكثر من وزير ووفد وزاري وهي لا تزال الى اليوم ارض مهملة. وعن القطاع الصناعي يقول النصيبي انه لم يتغير منذ مرور حوالي 50 سنة فعدد المؤسسات لم يتجاوز الاربعين بالجهة وذلك منذ بداية التصنيع في تونس وعليه لابد من الاعتراف ان هناك جمودا في حركة رأس المال في الجهة وهو ما سبب هجرة اعداد كبيرة من متساكني الجهة الى المناطق المحظوظة مجاليا. وحسب اعتقاد محدثنا فان سيدي بوزيد تحتاج الى خطة تنموية خاصة من المركز حيث انه على الدولة توفير استثمارات لمشاريع عمومية مشغلة لليد العاملة مرفوقة بإجراءات سريعة لبعث مرجعيات إدارية تقطع مع تبعية الجهة الى الولايات المجاورة اولا وتجعل امكانية بحث نسيج اقتصادي مترابط امرا ممكننا. ويقول النصيبي: «ان انتظار الدولة للخواص للاستثمار في المناطق الداخلية خاصة سيدي بوزيد ضحك على الذقون لان المستثمر الاجنبي او المحلي يحتاج اولا الى توفر جهاز اداري كفء وبنية تحتية عصرية وسوق استهلاكية يمكن ان يوزع فيها جزءا من منتوجه. الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد: «معمل الاسمنت بالمزونة ومنجم الفسفاط بالمكناسي ومعمل الآجر بمنزل بوزيان.. متخلدات بذمة الدولة» أفاد الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد محمد لزهر قمودي ان المنظمة الشغلية بالجهة أتمت استعدادها لإحياء الذكرى الثامنة لثورة الحرية والكرامة حيث تمت برمجة اجتماع عمالي تحت إشراف الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي يوم 17 ديسمبر الجاري ليعقبه عرض موسيقي تحييه مجموعة البحث الموسيقي. وحول وضع الجهة بعد مرور 8 سنوات عن اندلاع ثورة الحرية والكرامة أكد القمودي ان الاتحاد الجهوي للشغل بالجهة يتابع يوميا الملفات الحارقة الاقتصادية والاجتماعية والقطاعية على غرار الصحة، الفلاحة والتشغيل، مع السلط المحلية والجهوية والمركزية وخاصة منها المشاريع الكبرى على غرار منجم الفسفاط ومعمل الاسمنت في المزونة ومعمل الآجر في منزل بوزيان وسوق الانتاج الكبرى بأم العظام التي مازالت لم تنطلق بعد. اما عن اهم ما تحقق من مطالب الثورة فقد أكد القمودي ان الوضع بات اسوأ مما كان عليه قبل الثورة نظرا لفشل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة في تقديم وتمكين الجهة من استحقاقاتها على مستوى التنمية والتشغيل، وفي ذات الوقت بين ان حالة الاحتقان والغضب لدى الاهالي قد ارتفع منسوبها ونبه محدثنا من حدوث انفجار اجتماعي. وعن مجال التنمية بسيدي بوزيد يقول القمودي «باستثناء مركزية الحليب التي لم توفر سوى عدد ضعيف من مواطن الشغل فان بقية المشاريع ظلت حبرا على ورق والتي منها معمل الاسمنت بالمزونة الذي كان من المبرمج ان يتم تدشينه يوم 1ماي 2018 ولم يتم ذلك، كما أن منجم الفسفاط بالمكناسي هذا المشروع الذي انطلقت برمجته منذ سنة 2012 والى يومنا هذا لم يتقدم قيد انملة وعن معملي الآجر بمنزل بوزيان فحدث ولا حرج حيث لم ينجز منهما شيء».