براءة.. تأييد للبراءة.. ثم تعقيب وأحكام قاسية بالسجن دون علم المتهمين في ما يعرف بقضية 3 سبتمبر 2012 بالشابة.. هكذا كانت التطورات في هذا الملف الذي خال الجميع انه أغلق بحكم استئنافي عام 2014، الا انه فتح مجددا وأصدرت محكمة الاستئناف بالمنستير في بداية العام 2017 لائحة حكم اعتراضي يقضي بسجن المتهمين الاربعة لمدة خمسة اعوام ثم رفضت محكمة التعقيب نهاية العام الفارط مطلب تعقيب المتهمين أصلا ليصبح الحكم باتا... انتجت الابحاث المجراة في القضية ان مكالمة هاتفية وردت يوم 4 سبتمبر 2012 على النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالمهدية يفيد فيها رئيس فرقة الشرطة العدلية بمنطقة الأمن الوطني بالمهدية بان مجموعة من الاشخاص في الليلة الفاصلة بين 3 و4 سبتمبر قامت بأعمال شغب طالت مؤسسات ومقرات عمومية من بينها مركز الامن الوطني الذي تم حرقه وسرقة معداته. تم الاذن بفتح بحث تحقيقي تحت رقم 2/2012/469، وبعد الابحاث تم تفكيك الملف لوجود طفل مظنون فيه، فيما وجه لأربعة من المتهمين تهما خطيرة تتعلق بالمشاركة في وفاق قصد الاعتداء على الاشخاص والاملاك وارتكاب جمع مسلح الاعتداء على الناس والاملاك والحرق العمد طبقا للفصول77 و131 و132 و307 من المجلة الجزائية بعد اعتماد شهادة شاهد وحيد كقرينة ادانة. معركة فاحتجاجات.. وزارة الداخلية قدمت حينها روايتها الرسمية وقالت في بلاغ لها انه إثر نشوب معركة بين ثلاثة أشخاص في أعقاب جلسة خمرية بشاطئ الجهة أقدم على إثرها أحدهم على طعن شخصين بواسطة آلة حادة في البطن واليد مما استوجب نقلهما إلى المستشفى لإسعافهما. وقد تمكن أعوان مركز الشرطة بالشابة من إيقاف المعتدي، ولكن في ساعة متأخرة من يوم الحادثة تجمّع عدد كبير من متساكني الجهة وجيران المتضرّرين أمام مركز الشرطة للمطالبة بتسليمهم المشتبه به لأخذ حقّهم والقصاص منه ورشقوا مركز الأمن بالحجارة ممّا أجبر الوحدات الأمنيّة على التصدّي لهم وتفريقهم باستعمال الغاز المسيل للدّموع. وأضافت انه أمام إصرار المحتجّين على طلبهم تم اتخاذ قرار نقلة المتّهم إلى غرفة الاحتفاظ بمنطقة الأمن الوطني بالمهدية.. في الأثناء استغل بعض المحتجّين الفرصة واقتحموا مركز الشرطة وأضرموا فيه النار، فيما اقتحمت مجموعة أخرى مقر القباضة المالية والمستودع البلدي واستولت على عدد من أجهزة الإعلامية، والدراجات النارية، كما تمّ اقتحام مقر»حركة النهضة» بالجهة والاستيلاء على بعض الوثائق. 3 محاكمات.. بعد الابحاث التي قامت بها فرقة تابعة للادارة الفرعية للقضايا الاجرامية بادارة الشرطة العدلية بالقرجاني ثم قاضي التحقيق ودائرة الاتهام باشرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير النظر في القضية، فاعتبرت أن القرينة المعتمدة لادانة المتهمين والمأخوذة من شهادة شاهد هي قرينة ضعيفة، مشيرة الى انه رغم خطورة الوقائع التي جاءت في الملف فانه لم يتضمن سوى تلك الشهادة اضافة الى ان»شهادات اعوان الامن المتضررين لم تضمّن مفيدا فيما يتعلق بتسلسل الاحداث زمن الواقعة او تفصيلا لما صدر من كل متهم من افعال موجبة للمؤاخذة»، لذلك اعتبرت في جلستها بتاريخ 30 ماي 2013 الحجة ضعيفة وقررت تبرئة المتهمين الاربعة وهم امين المحجوبي وعلاء الدين الشريف وحازم العائلة ورمزي الحاج عمر. استأنفت النيابة العمومية بتاريخ 3 جوان 2013 الحكم فباشرت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بالمنستير النظر في القضية، وبعد سماع المتهمين الحاضرين الذين أنكروا ما نسب اليهم واكدوا ان الاعترافات المسلجة عليهم لدى باحث البداية انتزعت تحت العنف والتهديد والضغط قررت في جلستها بتاريخ 15 ماي 2014 اقرار الحكم الابتدائي والقضاء في حق المتهمين الاربعة بعدم سماع الدعوى. ظن الجميع ان الملف اغلق بصدور الحكم الاستئنافي، الا ان النيابة العمومية عقبت القضية دون علم المتهمين او من ينوبهم فقبلت محكمة التعقيب المطلب شكلا واصلا وقررت اعادته الى محكمة الاستئناف بالمنستير فنظرت فيه بهيئة اخرى اصدرت بتاريخ 25 جانفي2017 لائحة حكم جنائي استئنافي اعتراضي يقضي بنقض الحكم الابتدائي وثبوت ادانة المتهمين والقضاء بسجن كل واحد منهم لمدة خمسة اعوام، وهو حكم بات حتى ان محكمة التعقيب رفضت بتاريخ 12 ديسمبر 2012 مطلب تعقيب المتهمين الذين لم يبق امامهم من حل سوى اثارة القضية من جديد على نفقتهم الخاصة او التقدم بمطلب طعن الى وزارة العدل يتضمن كافة المؤيدات. عنف وضغوطات.. عمر المحجوبي والد الشاب»أمين» المحكوم بخمسة اعوام سجنا والمتخفي حاليا عن الانظار ذكر في تصريح أمس الثلاثاء ل«الصّباح» أن ابنه المتزوج وله ابناء كان قضى عدة اشهر رهن الإيقاف على ذمّة قضيّة لا ضلع له فيها قبل اطلاق سراحه بحكم المحكمة الابتدائية، مشيرا الى ان ابنه وجهت له هذه التهمة رفقة ثلاثة شبان اخرين من جملة قرابة 500 شخص شاركوا في أحداث العنف والشغب والحرق حينها. واضاف الاب المصدوم من هذه التطورات أن ابنه تعرّض أثناء بحثه في ثكنة القرجاني لشتى انواع العنف والضغط وبلغ حد تهديده باغتصاب زوجته او حرق منزله-وفق قوله- ما تسبّب له في اصابة بليغة في الكتف ودفعه-في غياب محام- على الامضاء على أفعال لم يرتكبها، مشيرا الى قرينة ادانته الوحيدة شهادة مشبوهة اخذت بدورها تحت الضغط والعنف من شاب يدعى عاطف زقيدان كان عمره حينها 18 سنة. واكد الاب أن الشاهد الوحيد الذي شهد ضدّ ابنه وهو عامل بمطعم مجاور لمركز الشرطة ذكر في شهادته التي امضى عليها في ثمنة القرجاني تحت الضغط والتعديد أن»أمين» كان يحمل ليلة الحادثة صندوقا يحتوي على زجاجات «المولوتوف»، ولكنه تراجع في هذه الشهادة وذكر أنه تمّ انتزاعها منه تحت طائلة الضّرب كذلك ومكّننا من كتب يتضمن شهادته الحقيقيّة. وشدد محدثنا على أن ابنه بريء من التهم المنسوبة اليه والحكم الصادر في حقه غير منصف بالنظر لمظروفات القضية وعدم وجود قرائن مادية تدينه فضلا عن شهادات الشهود الذين لمحوه يدخل منزله قبل عملية حرق المركز، خاتما تصريحه بالتوجه الى وزير العدل باعادة فتح ملف احداث 3 سبتمبر 2012 بالشابة وتمكين ابنه وبقية المتهمين من محاكمة عادلة. تغريدة.. في سياق متصل نشر المتهم امين المحجوبي تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي هذا ما جاء فيها:»عندي مدة ما هبطش ستاتي كاتبو انا كنت ديمة نبرتاجي في حاجات ما عندهاش معنى just نحب نخرج من ستراس والضغط الي عايشو.. من 2012 الى حد اليوم وانا في وضع خايب ما يعلم بيه كان الخالق سبحانو..من هاك العام وانا نقاسي في العذاب والقهر والظلم.. حياتي تبدلت من الباهي للخايب». وأضاف:»تعبت وتعبت عايلتي في جرتي على حاجة ما عملتهاش.. فكرت موش مرة ولا اثنين اني نرتاح من هالعالم و ارتح برشى ناس لكن الحمد الله مازلت نتنفس وشديت في ربي وقلت لازم ثمة حل.. ثمة امل.. غزرت لصغيراتي و امي و بابا و قلت الحبس فراقو قصير ومصير الحي يروح اما الموت عذابو كبير و حزنو طويل والي عند ربي موش بعيد.. وربي يخلص حق المظلوم وعمرو لا يرضى بيه.. نكتب ونفرغ في قلبي وبرشى ناس موش حاسة بوجيعتي اما ميسالش ربي كبير.. ممكن غدوة تشوفوني وممكن ما نباتش في فرشي.. ونمشي نعيش سنين الظلم والقهر». علاء بريء.. الى ذلك قالت السيدة فاطمة الغربي والدة المتهم علاء الدين الشريف المودع بالسجن ان ابنها بريء ولا علاقة له بالاحداث، مؤكدة ان علاء كان يوم الحادثة رفقة صديقين له بعيدا عن موقع الاحداث، وناشدت وزارة العدل التدخل لوضع حد لما اسمتها»مظلمة» في حق ابنها الذي لا علاقة له بالانحراف او الاجرام، كما ناشدت المنظمات والجمعيات الوطنية الحقوقية الوقوف الى جانب شبان»لا عملت ايديهم ولا ساقهم» والمساعدة على كشف الحقيقة. ◗ صابر أمضى الأولى تحت العنف والضغط.. ثم تراجع: «الصباح» تنشر مضمون «شهادتين» لشاهد واحد! عاطف زقيدان هو عامل بمطعم يبعد عن مركز الامن الوطني بالشابة حوالي الثلاثين مترا.. القي القبض عليه اثناء الحملة الامنية الكبرى التي تلت احداث 3 سبتمبر 2012، ووجد نفسه في ثكنة القرجاني من متهم الى شاهد.. قال في شهادته الاولى والتي اعتمدها قاضي التحقيق المناب ودائرة الاتهام ثم الهيئة المغايرة للدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بالمنستير لادانة عدد من المتهمين انه يعمل بمطعم بقرب مركز الامن، وفي حدود الساعة الحادية عشرة ليلا شاهد تجمعا كبيرا من المواطنين يحاولون اقتحام المركز للاعتداء على احد الموقوفين. وزعم انه شاهد المتهم امين المحجوبي يأخذ صندوقا يحتوي على قوارير بلورية فارغة على متن دراجة نارية ويرافقه قريبه رمزي الحاج عمر، ثم وفي حدود الساعة الواحدة وخمسين دقيقة من فجر يوم 4 سبتمبر 2012، وبمروره من امام مركز الامن رفقة شقيقه في طريق عودتهما الى منزلهما شاهد امين رفقة رمزي يقود الدراجة وامامه صندوق»مولوتوف» ثم سلم قارورة لرمزي الذي قام باشعالها ورميها نحو المركز، مشددا على ان العملية تكررت عدة مرات-وفق زعمه-. وافاد ايضا انه لمح المتهم علاء الدين الشريف ومتهم اخر (حدث) يقتحمان مركز الامن ثم يخرج علاء الدين خزانة بعد جرها ويلقيها امام المركز ثم سكب عليها البنزين واشعل فيها النار، فيما تحول المتهم الحدث الى مقر حركة النهضة حيث ازال اللافتة المميزة للحركة ثم احرق الزرابي والحشايا. الشاهد عاطف زقيدان تراجع لاحقا عن شهادته الاولى التي ورطت عددا من الشبان واكد في اعترافات لدى عدول اشهاد بتاريخ 27 سبتمبر 2018 تحصلت»الصباح» على نسخة منها ان شهادته اخذت منه تحت التهديد وان التهم المنسوبة لعدد من المتهمين باطلة وغير صحيحة وانهم أبرياء ومن بينهم امين المحجوبي وعلاء الدين الشريف ورمزي الحاج عمر، مضيفا انه لم يشاهدهم بمكان الواقعة.