أصدرت مؤخرا جمعية مهرجان الربيع بتونس برئاسة الحبيب بالهادي كتابا جديدا عنوانه «تشريعات للثقافة: تونس من 1956 إلى 2016» في 104 صفحة مرفقا بقرص للنسخ. وقد شارك فريق موسع في وضعه بدءا بالبحث والتوثيق الذي نفذه الحسناوي الزراعي وكل من آية الزايري وصبرين عمر وغادة مراد في الإعداد بتنسيق من رئيس الجمعية المشرفة على إنجاز هذا الكتاب. وهذا الكتاب هو عبارة عن دليل توثيقي شامل للتشريعات الثقافية التي عرفتها تونس منذ الاستقلال إلى الفترة المحددة أي قبل سنتين من هذا التاريخ. تضمن كل النصوص القانونية المتعلقة بالنشاط الثقافي في الفترة المحددة بعنوان الكتاب أي خلال ستين سنة والتي صدرت بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية سواء أكان ذلك قوانين أو مراسيم أو أوامر أو قرارات أو جوائز وتكريمات رسمية. ونزلت جمعية مهرجان الربيع ، المجموعة التونسية للسياسات الثقافية هذا المنجز التوثيقي في إطار سعيها ومطامحها للمساهمة العملية والفعالة «ليس فقط في اقتراح ما يساعد على النهوض بالثقافة والفنون في بلادنا ويجنبها من مخاطر السطحية والتهميش فكرا وواقعا، بل وأيضا في توفير المراجع التوثيقية وغيرها من الأدوات ليكون كل تفكير في الشأن الثقافي منهجيا وناجعا». فبدا واضحا من خلال المجهود المبذول لتجميع كل القوانين التي تشرع «للثقافي» واختير شكل تقديمها بطريقة واضحة في كتاب مفهرس ومبوب حسب القطاعات والهياكل والاختصاصات على غرار «الحقوق الثقافية والحريات في الدستور» و»التراث والآثار والتهيئة العمرانية» و»المسرح والفنون الدرامية» و»النشيط الثقافي والعروض الفنية» و»والاستثمار والتشغيل والضمان الاجتماعي والجباية» و»الاوسمة والجوائز» وغيره من المجالات الأخرى التي وثق لها هذا الكتاب باعتبار ان المادة الموثقة فيه تغطي كل أوجه النشاط الثقافي وفق تمشي تصنيفي نصّ الكتاب في مقدمته على أنه تصنيف موضوعي يتضمن 15 مجالا عاما وذلك باتباع مبدأ التوسع في مفهوم النشاط الثقافي. والهام في هذا الكتاب انه لم يقتصر على ماهي القوانين والأدلة التي ترجع بالنظر إلى الوزارة المكلفة بالثقافة حصريا، بل تعداه ليشمل المؤسسات والهياكل الأخرى التي كان لنشاطها علاقة بالشأن الثقافي على غرار الوزارة الأولى وووزارتي التجارة والصناعات التقليدية والشؤون الاجتماعية وغيرها. لذلك يعد هذا الكتاب ذو الحجم المتوسط على غاية من الأهمية خاصة بالنسبة للعاملين في القطاع الثقافي والناشطين فيه وكل من لهم علاقة بالحقل الثقافي على اعتبار أنه خارطة طريق تشريعية هامة من ناحية ودليل يمكن الانطلاق منه لإعادة صياغة ومراجعة ما يجب مراجعته من تشريعات في هذه المرحلة أو المراحل القادمة تماشيا مع المتغيرات والتطورات مجاراة لنسق تطور التجارب الابداعية لاسيما أنه يأتي في مرحلة ما انفكت فيها عديد الهياكل والنقابات والمبدعين تطالب بضرورة مراجعة التشريعات الخاصة بها وتحيينها استجابة لتطورات الراهن على مستويين وطني وعالمي. إن ما تضمنه هذا الكتاب من توثيق يعد بادرة أولى في إطار الدفع للتغيير العميق والتأسيس لتشريعات جديدة تستجيب في تفاصيلها وأهدافها وبنائها للدواعي التجارب الإبداعية من ناحية ولمتطلبات المنظومة الثقافية بشكل عام من ناحية أخرى لاسيما في ظل الجمهورية الثانية ودستور 27 جانفي 2014.