قامت الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية في موفى هذه السنة بإطلاق دليلها المرجعي الثالث حول «الممارسات الفضلى من أجل حوكمة أفضل للمؤسسات والمنشآت العمومية» ويأتي «دليل الممارسات الفضلى من أجل حوكمة أفضل للمؤسسات والمنشآت العمومية»، عقب النجاح والتقبل الإيجابي الذي لقيه «دليل المتصرف العمومي من أجل اجتناب أخطار التصرف» و»دليل الأخطاء الأكثر شيوعا في التصرف العمومي» اللذين أصدرتهما الهيئة في غضون سنة من تسلم السيد كمال العيادي رئاسة هذه المؤسسة العريقة الخاضعة لإشراف رئاسة الجمهورية والتي تحتفل خلال هذه السنة بالذكرى 25 لتأسيسها. وفي تصريح للصباح نيوز أفاد السيد كمال العيادي رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية أن حرص الهيئة العليا على إصدار هذه الأدلة يقوم على ما تم ملاحظته من تراجع كبير في نجاعة التصرف العمومي وجودته على مستوى عديد الهياكل العمومية خلال السنوات الفارطة مما يستوجب وقفة حازمة من جميع أجهزة الدولة. وحسب العيادي فقد حيث وصل مستوى الاخلالات التي توقف عندها التقرير الرقابي الواحد، الذي تقوم الهيئة العليا بمتابعتها، معدلا من 40 إلى 60 إخلالا. في هذا الإطار، أشار السيد كمال العيادي أن الهيئة العليا في تقريريها الأخير لسنة 2017 قامت بمتابعة 108 تقريرا رقابيا تم فيها رصد 4039 إخلالا وقد مكنت جهود الهيئة خلال السنة المذكورة من إصلاح وتدارك 2730 إخلال. إلا أن العمل يبقى متواصلا وكبيرا لمعالجة وتفادي جملة الإخلالات والأخطاء في التصرف العمومي التي تكبد المجموعة الوطنية تكاليف باهضة أمام الضغوطات التي تعيشها المالية العمومية خلال الفترة الأخيرة. أخطاء التصرف أخطر من الفساد وأضاف رئيس الهيئة العليا أن الرأي العام يعطي أهمية كبيرة للإخلالات التي تدخل في خانة الفساد، والحال أن كلفتها على المالية العمومية أقل بكثير من كلفة الأخطاء التي لها علاقة بالتصرف والتي لا تستوجب متابعة جزائية والتي تعمل الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية على معالجتها إيمانا منها على تركيز أسس الحوكمة كمفهوم أشمل وأهم من مكافحة الفساد. دليل ويأتي دليل الممارسات الفضلى من أجل حوكمة أفضل للمؤسسات والمنشآت العموميةكأداة جديدة من ضمن الأدوات التي تحرص الهيئة العليا على توفيرها لتعميم الاستفادة من الخبرة التي راكمتها من خلال متابعة التوصيات الواردة بالتقارير الرقابية التي تتلقاها من هيئات الرقابة العامة والتفقديات الوزارية،والتي تقوم بتبويبها واستثمارها ضمن الأدلة التي تقوم بإصدارها وذلك بهدف تعزيز قدراتالمتصرفين العمومينفي إطار دورها الوقائي لضمان حسن التصرف في المال العام. وينصهر هذا الدليل ضمن التوجهات الدولية المعتمدة لتطوير القدرة على الأداء والتي كرستها عديد المنظمات الدولية ومن بينها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وكذلك في إطار الأولويات الوطنية التي تم ضبطها في المخططات والاستراتيجيات بما يمكن من مرافقة وتدعيم هذه الخيارات الاستراتيجية وخاصة في مجال حوكمة المؤسسات والمنشآت العمومية. الميادين الحساسة للتصرف في المؤسسات وقد تضمن هذا الدليل عديد المحاور ذات العلاقة المباشرة مع الميادين الحساسة للتصرف في المؤسسات والمنشآت العمومية مع التركيز على طرح الإشكالاتالجوهرية في كل ميدان وتقديم التوصيات العملية والمنسجمة مع روح التشريع ومقتضيات تحقيق النجاعة والرفع من مردودية الهياكل العمومية. حيث ينقسم الدليل إلى ستّة محاور هي: - وظائف الرقابة والتسيير داخل المؤسسة العمومية - الممارسات السليمة لحوكمة الصفقات العمومية - حوكمة الموارد البشرية - التصرّف في تضارب المصالح - المسؤولية المجتمعية - الحوكمة الاستراتيجية وقد برر السيد كمال العيادي الاختيار على هذه المحاور بالحاجة إلى التركيز على الميادين التي تطرح اشكالات فعلية على مستوى التطبيق والتي يجد المتصرف العمومي نفسه في عديد الأحيان دون مساندة فنية لتوجيهه إلى القرار الصائب الذي لا يشوبه أي خطإ في التصرف، كما هو الشأن بالنسبة للصفقات العمومية والتصرف في الموارد البشرية والرقابة الداخلية لأعمال التصرف مع إيلاء المواضيع الجديدة مكانتها في هذا الدليل على غرار تضارب المصالح خاصة إثر صدور القانون الجديد مؤخرا والذي يطرح صعوبات على مستوى فهمه وتطبيقه وأيضا المسؤولية المجتمعية التي أصبحت من الالتزامات المحمولة على المؤسسات العمومية خاصة بعد صدور القانون عدد 35 المؤرخ في 11 جوان 2018 المتعلق بالمسؤولية المجتمعية. وفي إطار مقاربة تشاركية تقوم على منهجية تفاعلية، قامت الهيئة العليا بتشريك ثلّة من الخبراء في الرقابة والتصرف والتدقيق والحوكمة في صياغة هذا الدليل، مع ضمان تمثيلية لهياكل الرقابة والتفقد والمنشآت العمومية ومكونات المجتمع المدني المتخصص. وستعمل الهيئة العليا مستقبلا على التعمق في مضمون هذا الدليل من خلال تنظيم لقاءات وورشات لفائدة الهياكل العمومية التي تعبر عن رغبتها في الاستفادة من جملة المعارف والأدوات التي تم تضمينها في هذا الدليل. وختم السيد كمال العيادي أن الهيئة العليا ستواصل العمل على التجديد والابداع في مجال المسؤوليات الموكولة إليها وذلك باستنباط حلول وأدوات مستحدثة من شأنها مساندة المتصرفين العموميين وتسيير الحوار والتعامل فيما بينهم وبين الهيئات الرقابية على غرار الأدلة التي تم ذكرها سابقا أو أيضا متابعة القرب (التي انتهجتها الهيئة بدعم من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتي مكنت من تحقيق نتائج إيجابية على مستوى نجاعة تدخل الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية على مستوى متابعة الاستجابة للتوصيات الواردة بالتقارير الرقابية.