يبدو أن اليأس من الوضع الاجتماعي المتردي وانغلاق آفاق التشغيل أمام شباب الجهة أصبح مبعثا للإقدام على الانتحار حرقا، هذه الوسيلة التي تحولت بعد الثورة إلى «ظاهرة» ووسيلة للاحتجاج وذهب ضحيتها العشرات من التونسيين عموما من بينهم البعض من شباب القصرين آخرهم المرحوم عبد الرزاق الزرقي (في انتظار ما ستسفر عنه الأبحاث الجارية حول وجود شبهة إشعال النار فيه من طرف المتهم الموقوف على ذمة التحقيقات الجارية في الحادثة)، وبعد ظهر أول أمس الخميس كادت «الفاجعة» تتكرر بنفس مكان احتراق المصور التلفزي بقلب مدينة القصرين لما حاول شخص في العقد الرابع من عمره الانتحار حرقا بسكب البنزين على جسده، لكن تم منعه من إتمام عملية الانتحار في آخر لحظة من طرف ضابط في الأمن وعدد من المواطنين الحاضرين بالارتماء عليه وافتكاك الولاعة من يده، وفي مساء ذات اليوم كان مفترق «المنقالة» بمدينة فريانة مسرحا لمحاولة انتحار أخرى لشاب سكب البنزين على جسمه وهمّ بحرق نفسه لولا إنقاذه من طرف المواطنين الذين صدموا للمشهد وسارعوا بمنعه من الإقدام على إشعال النار في جسمه، وبعد حوالي ساعة وأمام مقر ولاية القصرين أقدم ثلاثة شبان (فتاتان وشاب) من أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل المعتصمين منذ أسابيع ليلا نهارا أمام المدخل الشمالي للولاية المقابل للشارع الرئيسي للمدينة غير بعيد عن مقر إقليم الحرس الوطني، على إغلاق الطريق بالجلوس في وسط «المعبّد» مانعين مختلف وسائل النقل من المرور، واثر تدخل وحدات الأمن لفتحه بالقوة حاول المعطلون الثلاثة الانتحار حرقا وجلبوا كمية من البنزين يبدو أنهم وضعوها بمكان اعتصامهم لاستعمالها في التدفئة وهم الذين يقضون لياليهم هناك في البرد القارس لشتاء القصرين، وسكبوها على أجسامهم وهددوا بإشعال أنفسهم لكن وحدات الأمن والبعض من زملائهم المعتصمين والمواطنين الذين فوجئوا بالمشهد تدخلوا ومنعوهم من تنفيذ ما عزموا عليه، وبإحالتهم على النيابة العمومية بتهمة إغلاق الطريق أذنت بالاحتفاظ بهم على ذمة الأبحاث ، وأفادنا زملاء لهم أن من بينهم فتاة معطلة عن العمل منذ تخرجها قبل 12 سنة وهي أم لطفل.