ما تزال مدينة القصرين والجهة عموما تعيش على وقع فاجعة انتحار المصور التلفزي عبد الرزاق الزرقي حرقا امام مئات المواطنين بساحة الشهداء في قلب القصرين، وانتظمت صباح الامس جنازة حاشدة للفقيد شارك فيها الالاف انطلقت من مقر سكناه بحي النور الى مقبرة «اولاد عزيزة» بالمدخل الجنوبي للمدينة قطع خلالها المشيعون مسافة اكثر من 5 كلم على اقدامهم بالشارع الرئيسي في مشهد مهيب عكس عمق المأساة وما خلفته من الم وحزن، وفي ردة فعل عن عملية الانتحار التي كانت نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها الفقيد مثل غيره من شباب القصرين، خرج المئات من ابناء حيه ليلة أمس الاول الى الشارع الرئيسي يحتجون على التهميش الذي يعانيه ابناء الجهة، تطورت الى اشعال العجلات المطاطية واغلاق المفترق الذي يربط الحي بقلب المدينة، وتدخل وحدات الامن لتفريقهم بالغاز المسيل للدموع الذي تسللت رائحته الى المنازل وغطت سماء المدينة الى قرابة منتصف الليل قبل ان تعود الامور الى نصابها، وكانت نتيجتها وفق مصادر امنية اصابة 6 امنيين بجروح مختلفة جراء رشقهم بالحجارة الى جانب ايقاف 9 من المحتجين.. وفي نفس الليلة اقدم شبان من مدينة سبيطلة على اغلاق الطريق الوطنية عدد 13 التي تشق المدينة في اتجاه القصرين واحرقوا العجلات المطاطية سرعان ما تحولت وحدات امنية وتولت تفريقهم واعادت فتحها وفرّقت المجموعات الشبابية نحو حي الخضراء. تساؤلات وفتح بحث عدلي عملية الانتحار وما سبقها ورافقها من ملابسات أثارت عديد التساؤلات فرضت نفسها خاصة بعد تنزيل مقطع»الفيديو» الذي وثّقها في «الفايسبوك»، وأظهر عديد التفاصيل التي ترجح ان وراءها «سرا» لم يكشف عنه بعد، من بينها كتابة الفقيد نص الشهادتين على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي وتنزيل»فيديو» له اشار فيه الى ان كل من يطالب بالتشغيل في القصرين يخرجون له «اسطوانة» الارهاب الذي عانت منه الجهة طويلا، ثم وجه فيه دعوة للعاطلين عن العمل بالقصرين الى التحول بعد 20 دقيقة الى ساحة الشهداء لمشاهدة ما سيفعله، ولذلك طالبت أسرته وكل من شاهد «فيديو الانتحار» السلط القضائية والامنية بفتح تحقيق للكشف عن حقيقة ما حصل. وفي هذا الاطار اكدت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين انها اذنت لفرقة الشرطة العدلية بالقصرين بمباشرة البحث في الحادثة ومن المنتظر ان يتم سماع الاشخاص الذين ظهروا معه في الفيديو والشخص الذي صور مقطع الفيديو والاشخاص الذين كانوا حاضرين ولم يبلغوا السلط الامنية لتحديد المسؤوليات وعلى ضوء ما ستسفر عنه الابحاث سيتم تطبيق القانون، ومن المنتظر ان تتولى الفرقة المذكورة الاستماع الى كل من ظهر في»الفيديو» بالقرب من الفقيد لما سكب البنزين على جسمه لمعرفة كيفية اشعال النار فيه وهل هو من فعل ذلك ام شخص اخر كان معه، ولماذا لم يبادروا باطفائه في نفس اللحظة ولماذا كان الفقيد يجري في الشارع الرئيسي بعد ان اشتعلت فيه النيران وغيرها من التساؤلات. مشكلة عائلية وصعوبات مادية حسب البعض من اصدقائه المقربين فان الدوافع الواضحة لاقدام الزرقي على الانتحار تعود الى مشاكل عائلية تتعلق بعجزه عن حل اشكالية دفع النفقة لطليقته جراء الصعوبات المادية التي يشكوها وهو»شبه عاطل» بما انه ليس له عمل قار ويشتغل كمصور تلفزي متعاون مع قناة خاصة ودخله منها لا يتجاوز بضع مئات من الدنانير لا تفي بالحاجة، ووفق نفس المصادر فان هذه الاسباب ليست مبررا للانتحار ويبدو ان هناك من»حرّضه» على الانتحار ولا بد من تعميق الابحاث للكشف عنه. تحرك نقابتي الصحافيين والاعلام حضر امس نقيب الصحفيين ناجي البغوري جنازة الفقيد بالقصرين وقال خلال لقائه باعلاميي الجهة إنّ نقابة الصحفيين لن تسكت عن الاستغلال الفاحش للصحفيين من قبل بعض المؤسسات الإعلامية، وقال إنّ النقابة كما تدافع عن الحق في الحرية، فهي تعتبر أنّه لا يمكن ممارسة حرية التعبير والصحافة اذا لم تحترم الحقوق المادية والمعنوية للصحفيين وعبّر عن احتجاجه عن الظروف التي يعمل فيها بعض الاعلاميين وخاصة في الجهات و في بعض القنوات والاذاعات.. ومن جهتها دعت النقابة العامة للإعلام باتحاد الشغل في بيان لها الحكومة إلى القيام بحملات تفقدية داخل كافة المؤسسات الإعلامية عبر تفقديات الشغل واتخاذ القرارات الضرورية لإيقاف تواصل عدم تطبيق القوانين المعمول بها في الإعلام السمعي البصري والمقروء واعتماد قانون الغاب كما طالبت النقابة بفتح تحقيق حول أسباب عملية حرق الصحفي المصور عبد الرزاق الزرقي لنفسه ومحاسبة كل من تسبب في هذه المأساة الاجتماعية والإنسانية.