لم تختلف الأحداث على الساحة النقابية في 2018 عن السنوات الفارطة، وتميزت بالضغط العالي في مختلف القطاعات، على رأسها التربية والتعليم وتحديدا التعليم الثانوي الذي مثل العنوان الأبرز للتحركات النقابية وذلك بالنظر للثقل الذي يشكله المنتمون لهذا القطاع. حيث انطلق عام 2018 باضراب عام نفذه الاساتذة في المعاهد والاعداديات في شهر فيفري على خلفية مطالب اجتماعية ومهنية، تلاه قرار حجب معدلات التلاميذ، تلاه اضراب آخر في مارس للاساتذة والمدرسين دعت إليه جامعة التعليم الثانوي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل بسبب ما اعتبرته مماطلة وزارة التربية في الاستجابة للمطالب المربين، ولم تقف الأمور عند هذا الحد، حيث علق الطرف النقابي الدروس بالمؤسسات التربوية يوم 17 أفريل مع مواصلة حجب الأعداد وذلك تطبيقا لقرارات الهيئة الإدارية، وبعد تدخل القيادة النقابية قرر الجامعة العامة للتعليم الثانوي استئناف الدروس يوم 25 أفريل، وانهاء حجب الأعداد يوم 27 من نفس الشهر وتعليق التحركات الاحتجاجية إلى غاية نهاية العام الدراسي، لينتهي الفصل الأول من أزمة التعليم الثانوي. اضراب عام في الوظيفة العمومية بعد هدوء عاصفة الثانوي، وتمكن قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل في تجاوز هذه الأزمة، تتالت نجاحات القيادة النقابية حيث وقّعت في شهر جويلية اتفاقية الزيادة في الأجر الأدنى المضمون مع الحكومة والذي تضمن 15 نقطة، عقبه توقيع لاتفاق الزيادة في الأجور في القطاع الخاص بعنوان سنتي 2018 و2019 بنسبة 6.5 بالمائة، بين المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف في سبتمبر، لتطفو بعد ذلك الأزمة بين الطرف النقابي والطرف الحكومي على سطح الاحداث، حيث أقرت الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل الإضراب في القطاع العام يوم 24 أكتوبر 2018، وفي قطاع الوظيفة العمومية يوم 22 نوفمبر 2018، بسبب «تعطل المفاوضات في القطاع العام وفي الوظيفة العمومية ورفضا لما اعتبرته مضي الحكومة في التفويت في المؤسسات العمومية، وبعد ماراطون من المفاوضات بين الطرفين قررت المركزية النقابية الغاء اضراب القطاع العام، على إثر التوصل إلى اتفاق بين أعضاء اللجنة المشتركة «5 زائد 5» بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والقاضي بإقرار زيادات في أجور أعوان القطاع العام لسنوات 2017 و2018 و2019 وبالتزام الحكومة بمراقبة الأسعار عبر التحكم في مسالك التوزيع وبعدم التفويت في المؤسسات العمومية ودراسة وضعياتها حالة بحالة بالشراكة مع الإتحاد، وتوج بالتوقيع على اتفاق الزيادة في أجور القطاع العام بين رئيس الحكومة والأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل، في المقابل واصلت المنظمة الشغلية الاستعداد لاضراب الوظيفة العمومية الذي تم تنفيذه يوم 22 نوفمبر للمطالبة بالزيادة في أجور الموظفين العموميين، وبعده بيومين قررت الهيئة الإدارية الوطنية اضرابا عاما في القطاع العام والوظيفة العمومية، يوم 17 جانفي 2019 أزمة الثانوي تتجدد بعد هدنة تواصلت لأكثر من 5 أشهر، وبعد شد وجذب وحرب كلامية، عادت أزمة الثانوي لتتصدر المشهد حيث قررت الهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الثانوي المنعقدة يوم 14 نوفمبر مقاطعة امتحانات الثلاثي الأول من السنة الدراسية 2018/2019 مع مواصلة الدروس بصفة عادية، وذلك احتجاجا على تراجع الحكومة عن تنفيذ اتفاقات مسبقة، وبدأ مقاطعة الامتحانات يوم 26 نوفمبر، تلتها مسيرة تحت عنوان «يوم الغضب» نظمتها الجامعة العامة للتعليم الثانوي يوم 12 ديسمبر انطلقت من بطحاء محمد علي و تواصلت على امتداد شارع الحبيب بورقيبة تنديدا بما اعتبرته مماطلة الحكومة في الاستجابة لمطالب الأساتذة، لتنتهي سنة 2018 بقرار جديد قديم اتخذته نقابة الثانوي بمقاطعة امتحانات الثلاثي الثاني من السنة الدراسية 2018/2019، احتجاجا على ما تصفه بعدم تجاوب وزارة التربية مع المطالب المهنية والاجتماعية لمنظوريها. انتهت 2018 بما لها وما عليها، انتهت حسابيا وستتواصل على أرض الواقع، حيث ينتظر أن ينطلق 2019 بقوة على الصعيد النقابي بتنفيذ اضراب عام هو الأول من نوعه بعد الثورة في القطاع العام والوظيفة العمومية، في حال تواصلت الأزمة على ما هي عليه الآن.