تنهي هيئة الحقيقة والكرامة أعمالها اليوم.. ولكن بالرغم مما تتحدث عنه من تحقيق للأهداف التي وجدت من أجلها يبقى مسار عملها محل تجاذبات لم تنته بين من يدعم الهيئة ورئيستها ومن يرى أن المسار لم يحقق شيئا فعليا. «الصباح الأسبوعي» تحدثت إلى عضو الهيئة المقال زهير مخلوف الذي أكد في حوارنا معه أن الهيئة لم تحقق أيا من الأهداف التي وجدت من أجلها بما في ذلك جبر الضرر، بل اعتبر أن الضحايا لن يحصلوا على أية تعويضات من صندوق الكرامة. مخلوف رأى أيضا أن سهام بن سردين قد «خانت ما ائتمنتها» حركة النهضة عليه وأنه لابد من مبادرة لتحقيق العدالة الانتقالية. وفي ما يلي نص الحوار: ● هيئة الحقيقة والكرامة تنهي مهامها اليوم، فهل تحقق مسار العدالة الانتقالية..؟ -إذا أردنا أن نقيم الأمر بشكل موضوعي يجب أن نرى ما كان مطلوبا من الهيئة أن تنجزه منذ البداية من جبر للضرر ومصالحة وطنية شاملة وأن تقوم بالمساءلة وإعطاء توصيات للإصلاح السياسي والمؤسساتي. ولكن لم يتحقق أي من هذا.. فلا توجد قائمة بالضحايا ولم يتحقق جبر الضرر. كان من المفترض أن يتم تحديد قائمة الضحايا من السنة الأولى لعمل الهيئة. لأنه يمكن أن يقع فيها اعتراضات ويمكن أن يتم فيها حوار حتى مع الدولة حول المعايير المعتمدة.. إلى حد الآن لم توجد معايير واضحة.. وهنالك اليوم نقطة استفهام في المقرر الشامل وفي قائمة الضحايا.. ولا توجد مقررات نهائية لكل ضحية وهو مقرر يسمح لكل ضحية أن تنازع به لدى صندوق الكرامة وهذا لم يحدث.. في ملف جبر الضرر لا معايير لتحديد الضحايا ولا معايير جاهزة لتحديد التعويض لها ولا القائمة جاهزة ولا المقررات الفردية جاهزة والمقرر الجماعي فيه خلاف.. صندوق الكرامة سيقول للهيئة مقرراتك الفردية كلها لاغية لأنك أعددتها خارج الآجال القانونية ماذا سنفعل حينها؟ هذا إخفاق شامل.. فجبر الضرر لم يقم على معايير واضحة وتم فيه تجاوز الآجال وفعليا لن يقدم شيئا للضحايا. ولجنة جبر الضرر فيها خمسة أعضاء أربعة استقالوا أو أقيلوا وبقيت رئيسة اللجنة وحدها يعني أن هذه اللجنة هي لجنة فرد واحد والمقرر من داخل اللجنة هو مقرر باطل. كما أن هنالك الكثير ممن تحصلوا على تعويضات مستعجلة من الهيئة دون أن يكونوا ضحايا. وقد تم تقديم هذه الأموال نقدا مما يعني عدم إمكانية إثبات من تحصل عليها ولماذا. وهنالك موظفون أخذوا أموالا على أساس تسليمها لضحايا واستحوذوا عليها ودائرة المحاسبات ستكشف هذا الفساد. ● ماذا عن التحكيم والمصالحة؟ -لجنة التحكيم والمصالحة أخذت من نزاعات الدولة 685 ملفا من القطب القضائي كان ينتظر أن تتم التسوية في هذه الملفات بين المعنيين والدولة. من يقوم بهذه التسوية؟ العدالة الانتقالية. لم يتم فتح ولو ملف واحد باستثناء ملف سليم شيبوب.. فما بالك بالملفات الأخرى التي جاءت للهيئة غير هذه الملفات البالغ عددها 685 ملفا. فأين مخرجات العدالة الانتقالية في ملف الفساد؟ ملف الفحص الوظيفي وإصلاح المؤسسات حتى لا تعيد المؤسسات أخطاء الماضي وتنخرط في الاستبداد.. رئيس اللجنة أقيل وأعضاء من اللجنة أقيلوا ولم يعد للجنة وجود منذ 14 أكتوبر 2016 ولم يقع تعويضهم. أما عن كشف الحقيقة وحفظ الذاكرة فدخلت رئيسة الهيئة في خصومة مع أساتذة التاريخ لأنها فهمت كشف الحقيقة وحفظ الذاكرة وتخليد الذكرى على أنه يخص تاريخ البلاد كله.. في حين أن حفظ الذاكرة بالقانون هو ذاكرة الضحايا وكشف حقيقة الانتهاكات التي وقعت على الضحايا. نتيجة الفهم الخاطئ دخلت في صراع مع أساتذة التاريخ في تونس ومؤسسات الدولة والأرشيف. جمعت رفات «أقري» وهو أكبر انتهاك وقع في تاريخنا ودفنت الرفات ليلا دون حضور لا مسؤولين ولا أي أحد هل هذا تخليد لذكرى الضحايا؟ فأنت لم تأت لا لكشف الحقيقة وحفظ الذاكرة بل لتزييف وتحريف التاريخ. أما الأرشيف فقامت بحفظه في الخارج مما جعل رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية شوقي قداس يرفع ضدها قضية. ●من بين الأهداف التي وجدت من أجلها الهيئة هو تحقيق المصالحة الوطنية، هل نجحت في ذلك؟ -الهيئة لم تحقق المصالحة الوطنية بل بالعكس جزرت التوافق الوطني وقسمته وشتته وقامت بكل ما يمكن أن يفجر البلاد.. صنعت خصومة داخلية وشتت التوافق المجتمعي وجاءت لتعمق الجراح وانحازت إلى أطراف سياسية ضد أطراف أخرى.. بل انتمت إلى النهضة والمرزوقي وهذا يصنع توترات وفرزا مجتمعيا وسياسيا.. وبذلك في المصالحة الوطنية هي أنجزت الضد تماما.. ●اذن بالنسبة إليكم لم يتحقق مسار العدالة الانتقالية؟ -هكذا يمكن أن نقيم بشكل موضوعي مسار العدالة الانتقالية.. والفشل يجمع عليه الجميع تقريبا.. رئيس الحكومة قال أن هنالك فشلا.. أهم رئيس حزب سياسي الذي دعمها قال فشلت وهو الغنوشي.. رئيس الجمهورية حدث ولا حرج.. مؤسسات الدولة لم تعد تريد مواصلة التعامل معها.. كل هؤلاء يجمعون على فشل الهيئة.. ●رئيسة الهيئة قالت إن مواصلتها لعملها في ظل المعارضة الشديدة والانتقادات يعد في حد ذاته إنجازا.. -كل ما في الأمر هو هل مكنتها الدولة من الإمكانيات والمجال والوقت والأموال للقيام بمهامك؟ مكنتها الدولة من 43 مليارا وكذلك من مكاتب لم تحظ بها وزارات.. مكنتها من الوصول إلى الأرشيف.. مكنتها من كل شيء ولم نر أي طرف قد عطل عملها حتى من عارضها في مجلس النواب مكنها من الآليات للعمل.. هذا إذا أضفنها الأحزاب التي دعمتها حتى في الهلاك.. وهو حزب حاكم وهو حركة النهضة.. شماعة التعطيلات هذه غير صحيحة بالمرة.. ●ما تسميه بالفشل هل هو نتيجة نقص في كفاءة الرئيسة في حد ذاتها أم خيار منها؟ -أولا لا يتعلق الأمر بنفس الكفاءة فقط بل بالعجز عن الفهم.. عجز على إدراك الآلية وماذا يراد منها.. ومحاولة منها لإفساد المسار لأن من كان على فهم بهذا المسار إما استقال أو أقيل.. وهذا ما جعلها تفشل إضافة إلى إيمانها بأن الحياد يضرها فانحازت إلى أحزاب سياسية.. إيمانها بأن العدالة الانتقالية أقصى مآلها هو أن تواجه الدولة.. تعتقد أنها في المعارضة في عهد بن علي في حين أنها لو عكست لأصابت لأن العدالة الانتقالية هي تفاعل مع الدولة وهي مصالحة مع الدولة.. وأيضا فهمها للقانون خاطئ مائة بالمائة وانتدابها لأناس ليس لهم فهم للعدالة الانتقالية أو أناس جاؤوا ليكونوا طوع أمرها.. وهي لا تريد العدالة الانتقالية هي تريد من يطيعها ويأتمر بأمرها ويتماهى مع مفهومها للعدالة الانتقالية. كما أن هذه المرأة مريضة وشخصيتها معتلة نفسيا (psychopathe).. ●على أي أساس تصفها بالمعتلة نفسيا، هل لديك ما يثبت ذلك، الطبيب فقط قادر على التشخيص؟ -أنا تعاملت معها في المعارضة في عهد بن علي وتعاملت معها في الهيئة.. في فترة من الفترات كان الأجدر بالأعضاء إقالة سهام بن سدرين.. وفي تلك اللحظة تدخل حزب سياسي ليمنع هذه الإقالة.. كل الأفراد كانوا مقتنعين بعدم قدرة هذه المرأة.. هذه المرأة تحمل مقومات الفشل في داخلها من الناحية النفسية وفي أسلوبها وطريقة تعاملها ومنذ الأيام الأولى كنت أطلب أن تعرض على طبيب نفسي لأنها غريبة الأطوار تستطيع أن تكذّب ما يشهد الجميع انه حصل.. لديها انفصام في الشخصية.. ●الفصام مرض نفسي يمكن للطبيب فقط أن يشخصه.. -هي من المستحيل أن تعرض نفسها على طبيب ولكن عندما اشتغل معها أناس اعتبروا أنها تعاني من انفصام ولا يمكن لهم أن يكملوا العمل معها.. وهنالك أعضاء يتعاطون أدوية أعصاب داخل الهيئة.. وبقية الأعضاء يتحكم فيهم حزب سياسي.. الأصحاء ومن رأوا أن المسار لن يتحقق إما استقالوا أو أقيلوا. ●حركة النهضة دعت إلى مبادرة تشريعية لاستكمال مسار العدالة الانتقالية، ما رأيكم في هذه المبادرة؟ -أعتبر أن ما قامت به حركة النهضة هو جريمة ضد الضحايا وجريمة ضد تونس.. وهو وضع اليد على الهيئة ودعمها لامرأة تأكدوا جميعا أنها تريد تخريب الدولة.. وهي تدعمها ضد كل من تخاصمت معه.. هذه الحركة لا تريد من المسار أن يصل إلى منتهاه.. ● إذا كانت حركة النهضة قد دعمت الهيئة بهذا الشكل، لماذا تأتي اليوم للمطالبة باستكمال العدالة الانتقالية؟ -النهضة رأت أن ما حققته سهام بن سدرين هو الخراب والفشل.. للنهضة ضحايا.. ولم يتحقق المسار بالنسبة إليهم لذلك فإن النهضة في خيارها الحزبي الضيق تطرح مبادرة جديدة لجبر ضرر ضحاياها.. لو جبر ضرر حتى ضحية واحدة لكانت النهضة قالت إن المسار نجح.. ●ولكن كما تقول النهضة تدعم رئيسة الهيئة ورئيسة الهيئة تطبق أجندة النهضة، لماذا لم تحقق للنهضة ما تريده؟ -كانت النهضة تتصور أنها بدعمها لسهام بن سدرين قد تحوز على مخرج.. لم تنل ذلك.. لذلك تقترح هذه المبادرة لجبر ضرر ضحاياها.. وليست مشكلتهم الأهداف الشاملة للعدالة الانتقالية.. وسهام بن سدرين استطاعت أن توهم حركة النهضة أنها تتجه إلى تحقيق المخرجات التي تريدها النهضة.. هي أوهمت الجميع أن هنالك تطبيقة يتم إدخال كل المعطيات الخاصة بالضحايا فيها ولكن لا وجود فعليا لهذه التطبيقة.. النهضة كانت تتصور أن الرئيسة والهيئة تقوم بهذا العمل.. وهذه المخرجات من المفترض أن تتم بعد عام ونصف من عمل الهيئة.. وقد ادعت أنها تمتلك هذه التطبيقة وهي لا تملك شيئا.. وكل هذه المعطيات وضعت على صفحة «وورد» بسيطة ولكن ليس على تطبيقة يمكن بمجرد وضع اسم الضحية أن نجد كل المعطيات الخاصة بها في ما يتعلق بالانتهاكات وجبر الضرر.. النهضة ائتمنت سهام بن سدرين وبن سدرين قامت ب»خيانة مؤتمن». ●إذا كان مسار العدالة الانتقالية لم يتحقق بالنسبة إليكم، ما هو الحل؟ -أنا مع مبادرة تشريعية لا تتجاوز سنة واحدة تعتمد المعطيات التي جمعتها هيئة الحقيقة والكرامة ولا يكون في الهيئة الجديدة أي فرد ممن عملوا في الهيئة السابقة ممن بقوا فيها أو غادروها..