سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شارع القناص: فسحة العين والأذن يؤمنها: الهادي السنوسي.. بين فن الكلام والأنغام.. «جمهورية الثقافة» ضد المزاعم النخبوية.. و«موسم الموسيقى التونسية» في خدمة الهوية..
قد يعم الضباب أحيانا الأوساط الثقافية والفنية وتصبح الرؤية غير واضحة.. فتتعدد الآراء وتتصادم المواقف.. ولكن ذلك لا يحول رغم صعوبة الحال دوننا واكتشاف بعض نقاط الضوء التي تشكل بوارق أمل في إصلاح شؤوننا وإنارة سبيلنا إلى مستقبل أكثر إشراقا.. جمهورية بلا حدود.. الحديث في برنامج «جمهورية الثقافة» الذي يعده ويقدمه د. عبد الحليم المسعودي على القناة الوطنية الاولى.. بلا حدود أو فواصل.. وذلك خلافا لما قد يذهب اليه الظن عند «غير الجمهوريين»! لقد قيل الكثير وقدمت أكثر من قراءة لمحتوى هذا البرنامج وماهيته وأهدافه ولكن الأمر وقف عند الاستقراء السطحي والهامشي على غرار الأحكام التي تصدر بالاستناد على لمحة خاطفة او مشاهدة متسرعة. لقد قيل عل سبيل المثال إن هذا البرنامج يتوجه بالدرجة الأولى إلى النخبة دون سواها بالاعتماد على مواضيع ليست في متناول الجميع وعلى ضيوف من صنف خاص يعسر الارتقاء الى طروحاتهم.. قد يبدو ذلك وللوهلة الاولى غير مجانب للصواب من منظور الباحث عن التبسيط.. ولكن هل من شروط التبسيط الوقوع في مطب السفسطة والتسطيح؟.. هذا من ناحية.. ومن ناحية اخرى هل من شروط «الشعبوية» ان تغض الطرف عن النخب القادرة على الارتقاء بالفكر الجمعي وتوسيع دائرة النخبة؟.. فأيهما افضل والوضع على ما ذكرت كي تعم الفائدة وتسقط ستائر التفرقة بين النخبة والقاعدة! لقد تابعت حلقات عديدة من «جمهورية الثقافة» ووقفت على نقاط القوة في بعض مفاصله ونقاط ضعفه في البعض الاخر.. ولكن الخلاصة الاهم تتمثل اساسا في دحض التهم الموجهة اليه بالنخبوية.. اذ اقول هذا ليس من باب الدفاع عن برنامج لم اقترب منه الا عن طريق المشاهدة او للإطراء على صديق لم التق به مذ سنوات «دار الصحفي» ولكنه للإقرار بواقع تجسده الاختيارات والمساجلات التي تدور في رحاب البرنامج. لقد تعددت المواضيع المطروحة وتنوعت وتوزعت بين المنشور والمنثور والمتداول في مستويات مختلفة بحضور فسيفساء من اهل الاختصاص والمهتمين او الفاعلين في الشأن الثقافي بصفة عامة.. ولم ألاحظ اي اقصاء لمن يستوجب الموضوع حضوره.. هذا بالإضافة الى التعريف بالإصدارات الجديدة من باب الاخبار والحث على الاستفادة منها مطالعة ونقاشا. وقد استطاع د. المسعودي السيطرة على نسق الحوارات وتوجيهها بحكم خلفيته العلمية وكفاءته الاكاديمية بالإضافة الى ما راكمه من تجارب في عالم الصحافة التي خبر دروبها من خلال كتاباته ومساهماته المتعددة على مدى سنوات طويلة. اردت بهذه الملاحظات البرقية التوضيح بان الادعاء بنخبوية البرنامج هو مجرد هروب من البرامج ذات العمق والاكتفاء بالفرجة على منوعات التهميش والترييش ونشر ثقافة الدروشة والتعميش.. عافاكم الله! اللوم يقع فقط على القناة الباثة التي تعودت وهذه العادة سيئة على بث البرامج الثقافية في مواعيد متأخرة لا تشجع العامة على المتابعة.. حصاد الموسم «موسم الموسيقى التونسية».. منجز جديد يحسب لوزارة الشؤون الثقافية خلال السنة التي نودعها اليوم.. وقد اختتم دورته الاولى ليل الاربعاء الماضي على امل ان يواصل النشاط في السنة الجديدة.. باركها الله على الجميع. لقد جاءت الفكرة الاساس للموسم انطلاقا من التوجه الذي ورد في اختيارات الوزير محمد زين العابدين والتي تعتمد القطع مع ظرفية الاحتفاليات التي سرعان ما تخرج من الذاكرة بمجرد انطفاء اضوائها من جهة والبحث عن صيغة تعيد للأغنية التونسية حضورها وذلك من خلال العودة الى الجذور واستغلال نفائس الموروث الغنائي الزاخر بالإبداعات ولا يمحوها الزمان وان طال. وانطلاقا من هذه الفلسفة الجديدة في التناول عملت الهيئة المتكونة من الفنان عز الدين الباجي كمدير فني ومنسق عام والناصر صمود كمستشار موسيقي وخالد العازف ككاتب عام وعبدكم كمستشار اعلامي.. على الخروج من جبة التظاهرات ذات البعد المحدود زمنيا ومكانيا. وفي هذا الاطار حددت هذه الهيئة.. بعد جلسات عمل متعددة اهداف الدورة الاولى التي تمثلت اساس في استغلال الموروث الغنائي لعمالقة الغناء عندنا (شعرا وتلحينا واداء) وتقديمه بأصوات الحاضر وذلك تحريكا للسواكن واستعادة الاذن لأصداء الماضي وتعويدها على معايشة النغمة التونسية الاصيلة في خضم ما يعيشه الوسط الفني من انفصام يكاد يأتي على الذائقة العامة ويثبت القطيعة بين الاجيال في هذا المجال. وقد وقع اعتماد هذا التمشي ثنائي الرأس: *أولا: الخروج بالعروض إلى داخل الجمهورية وعدم الاكتفاء بتنشيط العاصمة مع الاهتمام بالأسماء والاصوات الفاعلة اصيلة تلك الجهات وذلك تجنبا للتمييز المقيت بين جهة واخرى.. وتم تقديم ما لا يقل عن 59 عملا غنائيا لم يسبق تقديم جلها على المسارح اطلاقا.. *ثانيا: توجه الاهتمام بكبار الاغنية التونسية (شعراء، وملحنين ومطربين) وذلك بالحرص على تكريمهم سواء مباشرة على الركح او في مقرات سكناهم وذلك تثمينا لما قدموه لفائدة الاغنية واعترافا لهم بجميل فعلهم الابداعي وحث الاجيال الشابة من خلالهم على بذل الجهد لأخذ المشعل ومواصلة المسيرة نحو افاق ارحب. وقد بلغ عدد المبدعين المكرمين في مجالات الابداع الثلاثة) نحو 49 مبدعا.. وهي مبادرة اعتمدت تكريم الاحياء وعدم انتظار رحيلهم للقيام بذلك. وانطلاقا من تجربة الدورة الاولى لموسم الموسيقى التونسية فان الهيئة المديرة حريصة على تدعيم نشاطها ومواصلة عروض الموسم لتجسيم اهدافه المتمثلة في العودة الى الجذور والتأسيس لأغنية تونسية اكثر حضورا في المحافل والاذهان.. خاصة وان ذلك العمل يلقى المساندة المطلقة من سلطة الاشراف الحريصة على تذليل الصعوبات اللوجستية والتنظيمية.. فإلى الدورة القادمة إن شاء الله.. قاسم بيننا.. ونبقى في اطار «الموسم» لأشير الى التكريم الذي حظي به المطرب الراحل قاسم كافي الذي غادر دنيانا قبل 40 يوما. لقد عرفت قاسم كافي منذ اواسط الستينات من القرن الماضي عندما كنت اخضع لتربص مهني بولاية صفاقس. كان قاسم في خطواته الاولى يتردد على صديق له يعمل بالولاية فكانت الفرصة للحديث معه والتعرف على أحلامه وطموحاته.. ومرت السنوات لينتقل قاسم الى العاصمة حيث عرف النجاح الكبير واصبح الرقم الصعب في الحفلات والتظاهرات. لا اريد الاطالة في هذا الموضوع لان الحديث عن قاسم بلا ضفاف.. فقط اتوقف عند اغنية لم يؤدها الا مرة وحيدة قبل ان يدفنها وكان ذلك ضمن منوعة كان يقدمها الراحل نجيب الخطاب.. وكان عنوانها «إلاّ كاسُو».. وقد سأله نجيب عن معنى هذه الكلمة فلم يقدم جوابا واكتفى بتمتمة بعض الكلام غير المفهوم.. وبعد ذلك اليوم لم نسمع لتلك الاغنية حسا ولا خبرا.. رحم الله الصديق قاسم كافي ورزق أهله وذويه وأحباه جميل الصبر والسلوان.. زقزقة: ملايين *قال خبر صحفي: أمينة فاخت ستتقاضى 180 مليونا مقابل غنائها في رأس السنة الميلادية ** قالت العصفورة: ..ومن قال إن أمينة لا تشغّل المخ.. والحال انها لا تعرف الرخ..؟ والقاعدة عندها تقول: 180 مليون خير من الف عربون.. وهذا هو فن الفنون..