إن الانطباع السائد في الأعوام الأخيرة حول السياسة هو أن هذا المجال قد أصبح مرادفا للقبح وكل مشتقاته. فالسياسيون اليوم في عرف الشعوب والمجتمعات التي اكتوت بنارهم من بين الكائنات الأكثر بشاعة في العالم وهم اقرب إلى أكلة لحوم البشر منه إلى شيء آخر. ولا يمكن أن نتحدث عن السياسيين اليوم دون أن تتراقص أمامنا الأوصاف التي تدل على البذاءة وعلى سوء الخلق والأخلاق. فهم في مخيال الشعوب والمجتمعات، كائنات فضة نهمة ومستعدة للانقضاض على الفريسة في أي لحظة، وهي كائنات مستعدة للتحالف مع الشيطان في سبيل الوصول إلى أهدافها. ولا يمكن التعويل على صورة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حتى يقع التخفيف من قتامة صورة السياسة والسياسيين اليوم. وإذ ذكرنا الرئيس ترامب فلأنه يعتبر النموذج الأكثر دلالة على قتامة الوضع. بل يكفي أن نتمعن في صورته حتى يصيبنا اليأس، فكيف يمكن لدولة في حجم أمريكا وفي قوتها وفي عظمتها أن تنتخب رئيسا في مواصفات دونالد ترامب ، تلك الشخصية الغريبة العجيبة المنفلتة التي يتوقع منها الأسوأ في كل لحظة؟ ذكرنا ترامب لأنه وحده يختزل الوضع البائس للسياسة والسياسيين ووحده يمكن أن يكون درسا حول الانحدار الذي بلغته السياسة في العالم. فالرئيس الأمريكي هو رمز لتلك الكائنات الفظيعة، الغليظة التي تبعث في آن واحد على السخرية والحيرة والإحباط وتثير الحنق والغضب الغيض بسبب سلوكه ومظهره المثير للاستغراب وعدم لباقته واعتداده المفرط بالذات وشعوره بالتعالي وعدم اكتراثه بما يثيره من حوله من مشاعر سلبية وهو على رأس أكبر قوة في العالم. وكل ذلك في تعارض تام مع الصورة التي عادة ما يحملها الأشخاص حول القائد والزعيم الذي هو من المفروض رمز للوقار والهيبة والكاريزما. وحتى، إن قمنا بجولة في عالم السياسيين في العالم، فإنه يصعب أن نظفر بشخصية تتوفر فيها الشروط الدنيا التي من المفروض أنها تتوفر في الزعماء. فجلهم يبعثون على الكآبة ويثيرون في النفس مشاعر السخط والكفر بعالم السياسة والسياسيين إلا ما رحم ربك بطبيعة الحال. وبالتالي فإن خبر يتعلق بنيّة الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي الترشح للانتخابات الأمريكية القادمة، لا يمكن إلا أن يكون خبرا سارا. فأنجلينيا جولي، الممثلة المعروفة بجمالها وبشخصيتها القوية قد تساهم في تغيير الصورة القاتمة للسياسة والسياسيين ولو نسبيا. وقد تنشر بعض العطر الطيب في ساحة مليئة بروائح المؤامرات والدسائس والدنس. فلا بأس إذن بنصيب من الجمال وجرعة من الأمل في ساحة تفتقر إلى المشاعر الإنسانية والقيم الجمالية. وكانت نجمة هوليوود، قد لمحت إلى أنها تفكر في اقتحام عالم السياسة وذلك في مقابلة أجرتها مؤخرا مع قناة « بي بي سي» في برنامج «توداي» اليوم، وأكدت أنها ستقتحم عالم السياسة إن دعتها الحاجة إلى ذلك. ولنا أن نشير إلى أن أنجلينا جولي هي المبعوثة الخاصة لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وقد سبق أن رأيناها تواسي الأطفال والأشخاص المنكوبين في عدد كبير من بقاع العالم بما في ذلك في بلدان عربية ودول افريقية تعاني من النزاعات المسلحة. ووراء تلك المرأة النحيفة والجميلة تتخفى امرأة حديدية، ونتوقع أن تغير أنجلينا جولي الكثير في عالم السياسة، إن نفذت مشروعها فهي امرأة لا تتأخر ولا تساوم في الحقوق وفي الحرية. ورأيناها كيف واجهت المعركة مع زوجها الشهير براد بيت وكيف قاومت الحملات الإعلامية باستبسال شديد، مواصلة مهامها الإنسانية حتى وهي قمة الحزن.. إن امرأة مثل أنجلينا جولي لا يمكن إلا أن تكون ورقة رابحة في عالم السياسة والسياسيين الذي يحتاج إلى تغيير جذري ويحتاج بالخصوص إلى جرعة من الأمل ونصيب من الجمال لعله يخفف الصورة القاتمة والجاثمة على الأنفاس. ولا باس بوجود امرأة مثل أنجلينا جولي تجمع بين جمال الروح والجسد والعزم وقوة الإرادة.