بحضور وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، تعقد لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الأساسية والبيئة يوم الاثنين القادم تحت قبة البرلمان جلسة بالشراكة مع لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام لنقاش التقرير الرقابي حول التجاوزات المتعلقة بحقل حلق المنزل الذي على اساسه تم حل وزارة الطاقة والمناجم. واطلعت اللجنة أمس على تفاصيل الدراسة التي اعدتها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين حول خفايا عقود المحروقات في تونس، وتبين نوابها انه من بين 23 رخصة استكشاف وبحث هناك 22 رخصة منتهية الصلوحية وخارقة للقانون. وأفاد ممثلو الجمعية ان دراستهم خلصت الى جملة من التوصيات تتمثل بالأساس في انجاز مهمة تدقيق شاملة حول التصرف في قطاع المحروقات، ونشر نتائجها كاملة، وتعزيز الرقابة البرلمانية على هذا القطاع، وتطوير دور الادارة العامة للمحروقات واللجنة الاستشارية للمحروقات بتمكينهما من الموارد البشرية اللازمة، اضافة الى توضيح دور المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية واعادة هيكلتها لتركز على تطوير واستغلال الحقول النفطية وتتخلى نهائيا عن الدور التعديلي والرقابي. ومن بين التوصيات الأخرى التي قدمتها الجمعية، التصدي لحالات تضارب المصالح والافصاح عن هوية المالكين الحقيقيين للشركات البترولية، ونشر كافة المداخيل المتاتية من الشركات البترولية بصفة تفصيلية ومراقبتها ونشر العقود وتحيينها بصفة مستمرة واستكمال نشر الوثائق المنقوصة المتعلقة بعقود المحروقات ومنها محاضر جلسات اللجنة الاستشارية للمحروقات، الى جانب الانضمام الرسمي لمبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية وتكريس مبادئ الحوكمة المفتوحة في قطاع المحروقات. غياب الثقة كريم بالحاج عيسى رئيس الجمعية التونسية للمراقبين العموميين بين أن الدراسة التحليلية حول خفايا عقود المحروقات في تونس التي اعدتها الجمعية قامت على جملة المعطيات المنشورة من قبل الوزارة المكلفة بالطاقة وبناء على القوانين والأوامر المنظمة لقطاع المحروقات وأضاف أن الجمعية عملت على تسليط الضوء على مجال مهم ومثير للجدل وهي ترغب في ان يكون هذا الجدل عقلانيا ومبنيا على أسس علمية وبعيدا عن النقاشات العقيمة. وأشار شرف الدين اليعقوبي عضو هيئة المراقبين العموميين والمنسق الوطني للتحالف التونسي في مجال الطاقة والمناجم الى أن التونسيين لا يثقون في طريقة التصرف في قطاع البترول ولهذا السبب لا يصدق الكثير منهم حقيقة ان تونس ليست دولة بترولية وهناك من يعتقد ان البلاد تسبح على بحر من البترول. وذكر ان هدف الدراسة يتمثل اولا في التأكد من مدى احترام العقود المنشورة للقوانين والتراتيب المنظمة لقطاع الطاقة خاصة مجلة المحروقات، وثانيا في ابراز المخاطر والثغرات المنجرة عن التجاوزات وعدم احترام القوانين ثالثا في تبسيط عقود المحروقات واخيرا في تقديم توصيات عملية بهدف اصلاح القطاع. واضاف اليعقوبي انه تم في مرحلة اول تجميع مختلف المعطيات المتعلقة بالرخص وهي مشتتة بين عديد النصوص القانونية وتطلب الأمر بذل جهد كبير، واثر ذلك تم التدقيق في الوثائق وتحليلها وفي مرحلة لاحقة تم تحديد الاخلالات وابراز المخاطر المنجرة عنها وفي نهاية المطاف تم استنتاج التوصيات. ولاحظ اليعقوبي ان هناك غياب لنشر معطيات هامة من قبيل محاضر اللجنة الاستشارية للمحروقات وفسر انه في صورة عدم النشر فان المعايير المعتمدة في اسناد الرخص لن تكون واضحة، كما لم يقع نشر معطيات حول مداخيل المحروقات بصفة مفصلة حسب الحقول وحسب الشركات وحول احتياطي النفط والغاز لكل حقل وهذه المهمة هي من مشمولات وزارة المالية فعلى هذه الوزارة نشر المعطيات المتعلقة بمداخيل الثروات الطبيعية بصفة دقيقة بناء على المعايير الدولية، وأضاف انه لا توجد معطيات حول دراسات التأثيرات البيئية ومعطيات تتعلق بمدى احترام الشركات لالتزاماتها التعاقدية والبيئة والاجتماعية والمالية وبالغرامات التي سلطت على شركات ارتكبت تجاوزات وبما اذا كانت هناك خروقات في عقود الخدمات. وفسر اليعقوبي انه في قطاع المحروقات هناك مرحلة الاستكشاف والبحث وتصل الى 29 سنة ومرحلة التطوير وتمتد على سنتين ومرحلة الانتاج وتمتد على ثلاثين سنة واخيرا مرحلة الهجر، ولاحظ ان هناك اشكاليات كبيرة على مستوى مرحلة الهجر فمن واجب الشركات في هذه المرحلة احترام المعايير البيئية. نقائص وتجاوزات محمد غازي بن جميع الدكتور في الجيولوجيا والخبير في مجال الطاقة اشار الى ان تونس هي من بين 8 بلدان في العالم نشرت عقودها وهو امر يستحق الذكر لكن اجراءات منح العقود غير منشورة رغم انه يجب ان تكون هناك شفافية في هذا المجال لغلق الباب امام الاخلالات والتجاوزات، كما ان عقود الخدمات بدورها غير منشورة ونبه الى انه يمكن تضخيم المصاريف اذا لم تكن هناك رقابة تقنية تتحقق من غياب التجاوزات. وقدم الخبير لنواب اللجنة خارطة المواقع التي تطلق عليه الوزارة المكلفة بالطاقة اسم المناطق الحرة وقال ان هذه الخريطة موجودة على موقع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وهي تضبط حدود مواقع الامتيازات، ومواقع الرخص، ومواقع المناطق الحرة. لكن عند الاطلاع على القائمة الاسمية للمواقع يمكن ملاحظة ان هناك ثلاثة مناطق الحرة موجودة في الخريطة لكنها غير موجودة في القائمة الاسمية التي تتضمن معطيات تقنية ومعطيات حول المساحة تسمح للمستثمر بمعرفة مدى اهمية تلك المواقع. ولدى حديثه عن الرخص قال بن جميع انها مقسمة الى رخص الاستكشاف ورخص البحث، وذكر ان هناك رخص انتهت مدة صلوحيتها ولم يقع تجديدها في الآجال القانونية. وتتمثل هذه الرخص في: اميلكار ومكثر وكركوان وجلمة وقصر حدادة والحمامات البحرية والكاف وشربان وزارات وبرج الخضراء والمهدية وشمال الشطوط والجم وجنوب رمادة والفحص وقبودية وجناين البحرية وبوحجلة وشعال. ونبه بن جميع نواب لجنة الصناعة والطاقة والثروات الطبيعية والبنية الاساسية والبيئة الى ان هناك حالات فيها تجاوزات كبرى تتطلب فتح تحقيق بشأنها وخاصة رخص مكثر وبرج الخضراء والجنوبي وزارات، واضاف انه بعض الحالات تم منح مدة تمديد اضافية خلافا لما نص عليه القانون مثل ما حصل مع رخص جلمة وجوب رمادة وشمال الشطوط، واضاف ان هناك حالات تعليق لمدة الرخصة حصلت سنة 2014 في خرق لقانون المحروقات ويتعلق الامر برخص كركوان والكاف وبوحجلة وتاجروين وبرقو. ولعل الاخطر من كل هذا حسب قول الخبير وجود تمييز بين المستثمرين عند التصرف في الرخص. ولدى حديثه عن الامتيازات فسر انها تلك التي مازالت في مرحلة التطوير وبين انه يجب ان تكون خاضعة لمجلة المحروقات. وانتهت الدراسة التي قامت بها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين الى كشف ثمانية امتيازات تتطلب فتح تحقيق في كيفية التصرف فيها وبينت ان هناك سبعة امتيازات معلقة رغم انه في القانون لا وجود لتعليق الامتيازات. ونبه الخبير نواب الشعب الى ان هناك العديد من الامتيازات التي تنتهي مدة صولحيتها قبل نهاية 2020 ولكن لم يقع اتخاذ قرارات في شأنها وحتى ان تم اتخاذ قرارات فإنها لم تنشر في الرائد الرسمي. واشار الى ان هناك معطيات غير صحيحة منشورة على موقع الشركة التونسية للأنشطة البترولية وبالإمكان ان تتسبب في احداث بلبلة ففي علاقة بامتياز الاستغلال « مخروقة» نجد على هذا الموقع ان متوسط الانتاج اليومي يبلغ 24 فاصل ستة مليون برميل وهو رقم ضخم وغير منطقي في حين ورد على موقع الوزارة ان متوسط الانتاج لهذا الامتياز خلال سنة الفين وستة عشر بلغ 1231 برميل نفط يوميا، وطالب الخبير الشركة التونسية للأنشطة البترولية بالتثبت من الارقام قبل النشر. وذكر ان هناك امتياز تسبب لتونس عند لجوء المستثمر للتحكيم الدولي في خسارة وصلت الى 22 مليار وسبق ان خسرت تونس قضية الجرف القاري لان المعطيات التي يتم توفيرها للجنة التحكيمية اذا لم تكن دقيقة وصحيحة لا يمكن ربح القضية. واضاف بن جميع ان هناك امتيازات عندما تمت الموافقة عليها كان ذلك على اساس مساحة محددة لكن تبين انه تم تجاوز المساحة المسموح بها وهذا يعني انه تم السماح للمستثمر بالقيام باستكشاف دون أي التزام وهذا حال امتياز ادم وامتياز شروق، وطالب النواب بالاهتمام بهذه النقطة كما نبههم الى مسألة تثير الشبهة وقال لهم ان وزير الطاقة قام في 31 ديسمبر 2014 بالتمديد في عديد الامتيازات لفائدة شركة وحيدة. وتم في نفس السنة على حد تأكيده منح تجديد لشركة رغم انها لم تحرم التزاماتها التعاقدية في مرحلة البحث ولم تدفع الغرامة المسلطة عليها. ولاحظ الخبير ان المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية كان من حقها ممارسة حق الشفعة في عدة امتيازات لكنها لم تفعل ولم توضح السبب.. مخاوف خلال النقاش طالب النواب بعقد جلسة عاجلة مع وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة بصفته المشرف على قطاع الطاقة حول ما جاء في دراسة خفايا عقود المحروقات، ودعوا الجمعية التونسية للمراقبين العموميين الى مد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالمعطيات التي تبين وجود خروقات في عقود المحروقات وهناك منهم من اقترح تنظيم يوم برلماني حول قطاع الطاقة حتى يعرف الجميع «وين البترول؟» وكيف توزع العقود والامتيازات؟ وعبر النواب عن مخاوفهم من تبعات حل وزارة الطاقة، وهناك من دعا الجمعية الى كشف ما اذا كانت هناك لوبيات تقف وراء الاحتجاجات وتدفع نحو طرد شركات تقدمت في الاستكشاف والبحث لكي تحل محلها وتجني الثمار دون تعب. وإجابة عن أسئلة النواب بين ممثلو الجمعية التونسية للمراقبين العموميين انهم ارسلوا الدراسة الى وزارة الطاقة وسيتصلون بهيئة مكافحة الفساد لاطلاعها على الملفات التي فيها اشكاليات، وقالوا إن التجاوزات موجودة في كل الشركات وهي تتعلق بتضخيم المصاريف بنسب يمكن ان تصل الى ثلاثين بالمائة علما وان هذه المصاريف يقع طرحها من المداخيل فهذه نقطة حساسة يجب اعادة النظر فيها من خلال دعم الرقابة وباللجوء الى الخبراء.