للمرة الثالثة على التوالي تغيب أمس المتهمون في قضية السجينة السياسية بسمة البلعي- تعرضت للاحتجاز والتعذيب والتحرش الجنسي بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل سنة 1991 - التي نظرت فيها الدائرة الجنائية المختصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بنابل في جلسة كان من المفترض فيها ان تباشر المحكمة استنطاق المتهمين فيها ولكنهم تغيبوا للمرة الثالثة. وقد شملت الأبحاث في القضية 12 متهما بينهم المخلوع ورئيس فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل سنة 1990 تمت احالتهما بحالة فرار وعبد الله القلال وتسعة كوادر أمنية تابعين لفرقة الأبحاث والتفتيش بنابل سنة 1990 وأعوان من الفرقة المركزية للأبحاث والتفتيش حينها تمت احالتهم بحالة سراح من أجل تهم التعذيب والاعتداء الجنسي بفعل الفاحشة وايقاف وحجز شخص دون اذن قانوني والمشاركة في ذلك، وأمام تغيب المتهمين قررت المحكمة تأجيل القضية لتبليغ الاستدعاءات اليهم الى جلسة قادمة سيتم تحديدها لاحقا. وفي هذا السياق أكد الأستاذ أسامة بوثلجة عضو هيئة الدفاع عن بسمة البلعي ل»الصباح» غياب الحرص من قبل المصالح الادارية المكلفة بمسألة تبليغ الاستدعاءات الى المتهمين مما جعل الأمر يتحول الى «معضلة» في أغلبية القضايا المنشورة أمام الدوائر المختصة في العدالة الانتقالية على خلاف قضايا الحق العام التي يتم فيها التبليغ بسرعة في حين أنه في قضية بسمة البلعي مثلا فان المتهمين لم يحضروا للمرة الثالثة ب»تعلة» عدم بلوغ الاستدعاءات اليهم، واضاف أنهم في حال عدم القيام بعمليات التبليغ وعدم مثول المتهمين أمام المحكمة فان هذه المحاكمات ستتحول الى مجرد «مسرحيات» وأكد أنه في حال عدم تبليغ الاستدعاءات الى المتهمين ومثولهم أمام المحكمة في الجلسة القادمة التي سيتم تحديدها للمحاكمة فان هيئة الدفاع في القضية ستتخذ موقفا تصعيديا في هذا الخصوص بل أنه سيتم اتخاذ موقف موحد بين هيئات الدفاع عن ضحايا الانتهاكات في قضايا العدالة الانتقالية باعتبار ان جل المتهمين في هذه القضايا لم يمثلوا أمام القضاء ولم يتم حتى «تفعيل» حتى بطاقات الجلب في خصوص من صدرت في شأنهم بطاقات جلب. من جهته ذكر كريم بوليلة الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بنابل ل»الصباح» أن اشكالية تبليغ الاستدعاءات لا تعترض فقط قضايا العدالة الانتقالية فحسب بل كذلك قضايا الحق العام وأكد أن الأمر موكول في التبليغ لأعوان الضابطة العدلية من شرطة وحرس وهم من يتحملون مسألة تبليغ الاستدعاءات الى المتهمين. وكانت الجبهة الوطنية للنقابات الأمنية أصدرت عند انطلاق المحاكمات في اطار العدالة الانتقالية بيانا «شديد اللهجة» اعتبرت فيه أن مسار المحاكمات في إطار قانون العدالة الانتقالية هو «مسار مختل ومناف لروح وفلسفة العدالة الانتقالية وللتجارب المقارنة عبر التاريخ»، وأكدت وجود «عملية تجييش ممنهجة من جهات وشخصيات عرفت عبر التاريخ بحقدها على أبناء المؤسسة الأمنية وتحاملها المتواصل على وزارة الداخلية»، واعتبرت وفق نفس البيان أن «المحاكمات الاستثنائية تعد مخالفة صريحة للمعاهدات والاتفاقيات الدولية ولدستور الجمهورية الثانية خصوصا في ظل افتقارها لضمانات المحاكمة العادلة ولمبادئ حقوق الانسان»، ودعت رئيس الجمهورية الى التدخل العاجل عبر مبادرة تشريعية «تنقذ» مسار العدالة الانتقالية وتحول دون انحرافها الى ما وصفته ب «العدالة الانتقامية» التي تدوس على المبادئ الدستورية والكونية والقانونية وتكفل توفير الضمانات الضرورية للمحاكمة العادلة، كما دعت النقابات الأمنية منظوريها الى عدم المثول للمحاكمة أمام الدوائر المختصة.