-التعذيب والقتل العمد والاحتجاز من أبرز التهم.. و21 سبتمبر القادم سماع الشهود -أشقاء الشهيد يدلون بشهاداتهم وعديد المحامين يتطوعون لنيابتهم -محامو الشهيد يصفون المحاكمة ب"التاريخية" نابل- الصباح نظرت أمس الدائرة القضائية المختصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بنابل في جلسة أولى في قضية الشهيد رشيد الشماخي – قتل تحت التعذيب بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل سنة 1991 – بعد ان أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وشملت الأبحاث فيها 33 متهما بينهم المخلوع ورئيس فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل سنة1991 ومدير المستشفى الجهوي محمد الطاهر المعموري بنابل سنة 1991 والصادق شعبان الذي كان يشغل زمن الحادثة مستشارا لدى رئيس الجمهورية وعبد الله القلال وزير داخلية في تلك الفترة ومحمد علي القنزوعي مدير عام المصالح المختصة بوزارة الداخلية في تلك الفترة و طبيبان ورئيس الفرقة المركزية الأولى للأبحاث والتفتيش بالعوينة سنة 1991 وآمر الحرس الوطني حينها ومدير ادارة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بالعوينة سنة 1991 ومرشد بفرقة الأبحاث والتفتيش للحرس ومدير ديوان سابقا للمخلوع وأحد المستشارين السابقين لبن علي وقد وجهت لل"كوادر" الأمنية المحالة في القضية تهم التعذيب الناجم عنه الموت والقتل العمد المسبوق بجرائم الايقاف التعسفي والاغتصاب والتعذيب الناجم عنه الموت وايقاف واحتجاز شخص دون اذن قانوني فيما وجهت للمخلوع ووزراءه والطبيبين تهمة المشاركة في جل هذه الجرائم كما وجهت لاطارين أمنيين تهمة الاعتداء الجنسي والاغتصاب باستعمال العنف ممن لديه السلطة واستغلاله لنفوذ وظيفته ووجهت لبقية الاطارات الأمنية المحالة في القضية تهمة المشاركة في ذلك وقررت المحكمة اثر المفاوضة تأجيل القضية الى جلسة21 سبتمبر القادم لاستدعاء المتهمين وتعد قضية الشماخي الثانية التي يتم النظرفيها في اطار العدالة الانتقالية بعد جلسة الشهيد كمال المطماطي يوم 29 ماي الفارط ومن المنتظر أن تنظر الدائرة القضائية المختصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بنابل خلال الأسبوع القادم وتحديدا في جلسة6 جويلية القادم في قضية الشهيد فيصل بركات. مثلت أمس جلسة المحاكمة في قضية الشماخي خطوة هامة على درب العدالة وحدثا تاريخيا لايستهان به في سبيل كشف الحقيقة.. جلسة تغيب عنها جملة المتهمين باستثناء متهم واحد حضر في حقه محاميه وطلب التأخير ولكنها شهدت حضورا مكثفا لمنظمات وجمعيات حقوقية تونسية ودولية من بينها المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب و"محامون بلاحدود" اضافة الى مراقبين أجانب جاؤوا لمتابعة سير الجلسة اضافة الى عائلة الشهيد رشيد الشماخي وعدد هام من المحامين الذين تطوعوا لنيابة عائلة الشهيد. محاكمة تاريخية وفي هذا السياق ذكر الأستاذ محمد المداغي رئيس الفرع الجهوي للمحامين بنابل ومحامي عائلة الشهيد ل"الصباح" ان يوم أمس يعتبر يوما تاريخيا لوضع حد لسلسلة الانتهاكات التي طالت العديد من المواطنين في العهد البائد ومازالت متواصلة الى اليوم وحتى لا يتكرر ما حصل في الماضي وأكد أنه في جلسة أمس تم سماع شهادات أشقاء الشهيد فيما طلبت هيئة الدفاع في حقه ارجاء سماع الشهود الى حين مثول المتهمين أمام المحكمة للمكافحة وأكد ان اشقاء الشهيد اتحدوا على جملة واحدة عبروا بها عن موقفهم خلال سماع شهاداتهم وهي "نحبوا نراووا المتهمين ونسمعوهم علاش عملوا هكا". بطاقات جلب من جهته ذكر الأستاذ أسامة بوثلجة محامي عائلة الشهيد ل"الصباح" أنه سيتم توجيه الاستدعاءات مجددا للمتهمين للمثول أمام هيئة المحكمة وفي حال عدم استجابتهم لذلك فسيتم اصدار بطاقات جلب في حقهم للمثول أمام المحكمة أما قاسم الشماخي شقيق الشهيد فعبر ل"الصباح" عن فرحته بهذا الحدث التاريخي وأكد ان انطلاق أولى جلسات المحاكمة في قضية شقيقه يعد خطوة هامة بعد 27 سنة على مقتله وقرابة8 سنوات من نشر القضية بين أروقة المحاكم. وكان الشهيد الشماخي قد ألقي القبض عليه واقتيد إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس الوطني بنابل صباح يوم 24 أكتوبر1991 حيث بدأت عملية تعذيبه منذ وصوله إلى المقر الأمني ودون توجيه أية أسئلة له إذ كانت النية منصبّة على الانتقام والقتل وجعله عبرة للآخرين بتعذيبه بشكل وحشي أمام بقية الموقوفين ولم يكن للاستجواب وهو ما تؤكده شهادة الموقوف حينها كمال الحميدي التي ذكر فيها أنه سمع رئيس الفرقة يقول للأعوان منذ أن جلب رشيد "أقتلوه" وهو ما حصل فعلا إذ ُعلّق عاريا على طريقة "الروتي" وبدأ أحدهم بضربه بكل عنف وقد جرد رشيد من جميع ملابسه ومؤخرته بواسطة عصا غليظة (دبوس) وكان عون ثان يضربه في نفس الوقت على رأسه قبل أن يتناوب على ضربه وتعذيبه عديد الأعوان حتى انسلخ جلده ولم يعد يحتمل حتى الوقوف على رجليه ثم اقتيد الشهيد في مساء نفس اليوم إلى روضة البلدية الكائنة بحي غرة جوان بسليمان للبحث عن أسلحة مزعومة ولم يقع العثور على أي سلاح ونقلوه إلى مركز لتربية النحل على ملك العائلة بمنطقة الشريفات أيضا لم يعثروا على أسلحة أثبتت كل التحريات المختلفة فيما بعد أنه لا وجود لها أصلا بعد ذلك أعادوه إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل أين مارسوا عليه أساليب تعذيب وحشية وكان الشهيد ينادي بما تبّقى له من قوة وصوت خافت" ارحموني.. ارحموني" الى أن فارق الحياة في الليلة الفاصلة بين يومي26 و27 أكتوبر1991 حين حاول الذهاب إلى المرحاض وهو مقيد بالأغلال.