نظرت أمس الدائرة الجنائية المختصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بنابل في جلسة ثانية في قضية السجينة السياسية بسمة البلعي التي أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وشملت الأبحاث فيها 12 متهما بينهم المخلوع ورئيس فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل سنة 1990 واللذين تمت إحالتهما بحالة فرار، وعبد الله القلال وتسعة كوادر أمنية تابعين لفرقة الأبحاث والتفتيش بنابل سنة 1990 وأعوان من الفرقة المركزية للأبحاث والتفتيش حينها، وقد تمت احالتهم بحالة سراح، من أجل تهم التعذيب والاعتداء الجنسي بفعل الفاحشة وإيقاف وحجز شخص دون اذن قانوني والمشاركة في ذلك. وفي جلسة أمس، لم يحضر المتهمون فيما حضرت المتضررة بسمة البلعي وتم سماع شهادتها وكذلك شهادة شقيقتها. وقررت المحكمة تأجيل القضية إلى موعد لاحق لمواصلة سماع الشهود ولاستدعاء المتهمين. شهادة مؤثرة.. حضرت في جلسة أمس بسمة البلعي بجسدها العليل على كرسي متحرك وروت تفاصيل المعاناة التي عاشتها والتعذيب الذي "أنهى" سعادتها ومستقبلها وتحدثت عن تفاصيل تعذيب الشهيدين رشيد الشماخي وفيصل بركات أمام أعينها وقالت بسمة في سياق حديثها "يوميا جسمي يتمس.. عشت الخوف، عشت في رعب.. عذاب كبير". وأضافت "اعتداءات وحشية حتى من الخصي يخصيوا "... وفي خصوص الشهيد رشيد الشماخي قالت "رشيد الشماخي كانوا يدوروا بيه كالجمل، اللحم متاعو ولّا moveمن التعذيب" و"بقات حسرة في قلبي إنو رشيد الشماخي يمشي لدورة المياه بالمينوت ومايحبوش يعطيوه شربة". وقالت بسمة بكل حسرة "ما ننساش فيصل بركات اني غسلتلو... دمو لتوا في يدي.. وأكثر واحد شفتو رشيد الشماخي وما نجمتش نعطيه شربة". كما قالت "الوالد والوالدة خذاوا نصيب من التعذيب قدامي" . وروت بسمة تفاصيل ايقافها حيث أوقفت للمرة الأولى سنة1987 بعد مداهمة منزل والديها واقتيادها إلى مركز الشرطة بمنزل بوزلفة ووقع استنطاقها مطولا عن علاقتها بحركة النهضة، حيث تعرضت للضرب والإهانة كوسيلة لانتزاع الاعترافات منها لمدة ثلاثة أيام. وأمام تمسكها بالإنكار تم إطلاق سراحها في اليوم الثالث ليقع تنبيهها سنة 1991 بأنها مطلوبة من السلط الأمنية، فاختفت بالعاصمة لمدة تجاوزت عشرة أشهر. وفي أواخر سنة 1991 تمت مداهمة منزل عائلتها والاعتداء بالعنف على أفرادها وإهانتهم واقتياد شقيقتها الصغرى لتدلهم على مكان اختفائها، فسلمت نفسها بإرادتها حيث تم نقلها من العاصمة الى منزل بوزلفة حيث تعرضت للتحرش الجنسي وتم نقلها بمعية شقيقتها الى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل، أين أوقفت دون إذن قضائي لمدة تجاوزت الشهرين تعرضت خلالها للتعذيب والإهانة والتحرش، كما وقع تهديدها بالاغتصاب وإجبارها على تنظيف المراحيض وغسل الأدباش الخاصة بالأعوان والأغطية المخصصة للموقوفين المغطاة بالدماء، في حين تم إطلاق سراح شقيقتها بعد إيقاف دام 10 أيام تعرضت خلاله للضرب والإهانة والتحرش والتهديد بالاغتصاب. كما تم تعذيب أشخاص آخرين بحضورها. فقد تم تعذيب الشهيد رشيد الشماخي أمامها إلى حد الموت وأجبرها الأعوان على غسل الغطاء الصوفي الذي تم استعماله لتغطية جثته عند إخراجها من مقر الإيقاف. ثم صدرحكم بسجنها مدة 7 أشهر من أجل الانتماء لحزب غير معترف به وعقد اجتماع محجر وتوزيع مناشير، وتم إقرار الحكم استئنافيا في حقها فأمضت شهرا ونصفا من العقوبة ثم وقع إطلاق سراحها لتخضع للمراقبة الإدارية لمدة تجاوزت العشر سنوات رغم أن الحكم الصادر ضدها لم يتضمن هذه العقوبة. كما أوقفت سنة 1995 لمدة نصف يوم تعرضت فيه للاستجواب والضرب على رأسها والإهانة النفسية التي أدت الى اصابتها بنوبة هستيرية حادة ثم أطلق سراحها ونقلت اثر ذلك الى المستشفى في حالة انهيار عصبي حاد وفقدت النطق لمدة أربعة عشر يوما. فاطمة الجلاصي