تستقر الفوضى داخل نداء تونس الذي عجز عن كبح جماح المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي وذلك بعد مناوشة مع رئيس لجنة الإعداد لمؤتمر الحزب رضا شرف الدين أول أمس أثناء انعقاد ندوة اللجان الجهوية لإعداد المؤتمر الانتخابي الأول، وقد حاول الندائيون التغطية على هذا الخلاف بتكذيبه وتكليف صفحات فايسبوكية بالتأكيد على واقع «السلام والطمأنينة» داخل النداء. بيد أن البروبقندا الندائية لم تفلح في التغطية على الخلافات الحاصلة داخل الحزب بعد تسريب مقطع فيديو كشف الخلاف بين قائد السبسي الابن وشرف الدين. فقد أظهر المقطع مغادرة المدير التنفيذي للقاعة غاضبا، ثم توجهه بالحديث إلى شرف الدين الذي حاول منعه من المغادرة قصد إتمام الندوة دون جدوى. ولَم تكن المناوشة بين المدير التنفيذي ورئيس لجنة إعداد المؤتمر وحدها عنوان الأزمة داخل النداء، فقد لوحظ غياب عدد من الشخصيات السياسية المنصهرة مؤخرا بالنداء والمنتمية سابقا الى الاتحاد الوطني الحر على غرار سميرة الشواشي ويسرى الميلي وعدد من النواب المحسوبين على الأمين العام الفار سليم الرياحي. أزمة ترجمتها أيضا استقالات شملت كتلة نداء تونس وذلك بعد أن أعلن النائب محمود القاهري في بيان له عن استقالته من حزب نداء تونس والكتلة في البرلمان على خلفية عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من برامج قبل انصهار الاتحاد الوطني الحر في حزب نداء تونس وعدم وضوح الرؤية حول عدة نقاط، حسب تعبيره. استقالة أولى لحقتها أخرى وذلك إثر تأكيد القيادي في نداء تونس ماهر بن ضياء في تصريح ل «جوهرة اف ام» مساء أول أمس استقالته من حركة نداء تونس سواء بصفته منخرطا أو عضوا في التنسيقية الجهوية أو كقيادي في المجلس الوطني للحزب بسبب ما وصفه بانعدام التواصل بينه وبين الحزب. وأوضح ماهر بن ضياء أن علاقته بالحزب انقطعت فعليا بعد الانتخابات البلدية التي خاضها بكل ما أوتي من جهد - حسب قوله - ومنذ ذلك الحين حدثت القطيعة ولم يعد يتلقى أي اتصال من قواعد الحزب، مؤكدا أن هناك أشخاصا يريدون تركيز مكاتب على قياسهم وعلى طريقتهم ولا يمكنه أن يكون مجرد صورة. شرف الدين.. الخلاف الطارئ خلاف شرف الدين وحافظ قائد السبسي وصفه بعض المراقبين ب»الخلاف الطارئ». فشرف الدين قريب من المدير التنفيذي للحزب وهو ما دفعه للاستعانة به لقيادة المؤتمر الوطني الأول إلى بر الأمان لعدة اعتبارات، أولها ان شرف الدين يمثل الواجهة السياسية للعائلة الحاكمة وللباجي قائد السبسي بما يعنيه ذلك من ان ترتيبات الإعداد للمؤتمر ستصب جميعها في حسابات نجل الرئيس الذي سيسعى للمسك بما تبقى من النداء عبر «شرعية صندوق الانتخابات». كما ان تعيين رضا شرف الدين محاولة لاحتواء جهة الساحل باعتبارها جوهر العمل السياسي بالنسبة للدساترة والتجمعيين عموما، فثقل الجهة يبقى المحدد الأساسي في أي بناء حزبي أو عمل سياسي، ومن هنا كان الاعتماد على شرف الدين لترويض تلك الجهات التي انتفضت ضد النداء وأساسا جهة سوسة بالذات وجهة المنستير التي خرجت عن السيطرة المطلقة للحزب رغم التقارير الوهمية التي قدمها قيادات عن وفاء «المساترية» للنداء وخاصة «لسي الباجي»، وهي مغالطة يدركها أبناء المنطقة. خانها ذراعها… وفِي رده عن سؤال حول الخلاف بين المدير التنفيذي وشرف الدين، قال رئيس كتلة النداء سفيان طوبال في تصريح ل»شمس اف ام» إنه لا وجود لأي خلاف وإن الفيديو المسرب لا يمت للواقع بأي صلة، وأضاف طوبال أن هناك من قام بعملية مونتاج احترافي للفيديو المزعوم بما أوحى للمشاهدين بوجود خلافات. كما كشف طوبال عن الدور السلبي لمنسق عام الحزب رضا بلحاج ورغبته في تأجيل الموعد الانتخابي للنداء وعرقلته، وكشف طوبال أن بلحاج غير مرغوب فيه في الحزب وأنه يخشى ردة فعل الندائيين تجاهه خلال أشغال المؤتمر. الشاهد والنهضة.. الحاضران بالغياب لم تكن مداخلة المدير التنفيذي للنداء بمعزل عن الراهن السياسي الذي يعيشه الحزب بعد العزلة السياسية التي فرضها - حسب رأيه - رئيس الحكومة الذي «سطا» على مدخرات الحزب من نواب ومناضلين بالجهات، وكان لحركة النهضة نصيب في مداخلة حافظ قائد السبسي حين اعتبرها «المدد السياسي للشاهد». فقد اعتبر قائد السبسي الابن خلال مداخلة له أمام الحاضرين أول أمس أن الوعود التي قدّمها رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى السكان خلال زيارته إلى جندوبة «هي الوعود نفسها التي قدمها في العام الفارط ولم يحقق منها شيئا» . وأشار قائد السبسي إلى أن يوسف الشاهد ومجموعته «مكلفون من قبل حركة النهضة بإحداث مشروع سياسي جديد الهدف منه ضرب حركة نداء تونس وإضعافها وفسح المجال أمام حركة النهضة خلال الانتخابات المقبلة من خلال ساحة سياسية مشتتة»، وفق تعبيره. وأضاف «أن حركة النهضة هي التي تقود المشروع السياسي الجديد لرئيس الحكومة»، مشيرا إلى أنها تفرض شروطها على الحكومة وتتحكم في أعضائها وكأنهم بيادق وألعوبة، وفق قوله. ويذكر ان نداء تونس حدد موعد مؤتمره الانتخابي الأول يومي 2 و3 مارس 2019، وقد خصصت ندوة أول أمس الأحد لتقديم خارطة الاستعدادات ومتابعة سير عملية تنظيم المؤتمرات القاعدية والمحلية لنواب المؤتمر من 1 إلى 3 فيفري 2019 والجهوية من 8 إلى 10 من الشهر ذاته.