لم يمر اجتماع الندائيين يوم الأحد الماضي دون أن يكشف عن واقع الخلاف داخل الحزب في وقت حاول فيه الندائيون تقديم «ندائهم» على انه متماسك بعد ان تجاوز خط الأزمة. بيد ان ذلك لم يكن صحيحا لتخرج الخلافات الى العلن مجددا.. خلاف اول افتتحه المدير التنفيذي الذي غادر قاعة الاجتماع تحت وقع الغضب، فخلاف ثان كشفه غياب قيادات الاتحاد الوطني الحر عن اشغال التخطيط للمؤتمر القادم ليعلن على اثرها 6 استقالات من الكتلة واستقالات قادمة من الديوان السياسي للحزب. اما الخلاف الثالث فقد صنعه رئيس الكتلة البرلمانية سفيان طوبال الذي رفض «تطاول» المنسق العام رضا بلحاج والذي لم يدخر سابقا أي جهد في «قذف» رئيس الجمهورية أو نجله وحتى العائلة الحاكمة، بل تجاوز ذلك ليدخل في دوامة من سب الحزب الذي قال انه «مات سريريا»، ليعود بلحاج بعدها «ذليلا وخائباً» الى حضن من وصفهم بالفاشلين على حد وصف احدهم. رضا بلحاج وسفيان طوبال شكلا عنوان أزمة سبقت المؤتمر بعد ان كشف رئيس الكتلة ان المنسق العام يسعى لتأجيل موعد المؤتمر الثاني لخوفه المسبق من ان يفشل في ضمان مكانه ضمن «نخبة» الحزب او ما تبقى منه . رضا بلحاج رد على طوبال، وقد عمل المنسق العام على تأكيد ولائه لحافظ قائد السبسي اكثر من ولائه للنداء، ذلك ان بلحاج يدرك جيدا ان بقاءه مرهون ومرتبط بإشارة من نجل الرئيس، ويسعى بلحاج من خلال نقاشاته إلى فرض مبدأ التوافق في الانتخابات بما يضمن له البقاء، فطريق الانتخاب مسدود امام بلحاج الذي لن يحصد إلا أصوات قليلة قد تحيله على «المعاش» السياسي. بلحاج يراكم الأخطاء سعى رضا بلحاج في اكثر من مرة لتأكيد ولائه للمدير التنفيذي للنداء، ولاء يأتي بعد قضايا عدة رفعها بلحاج لاستعادة الحزب من براثن آل السبسي قبل ان يطلق مخيلته للإبداع ببعث حزب جديد تحت اسم «تونس أولا». ومع عودته للنداء حمل بلحاج راية الانتصار لحافظ فاستعدى رئيس الحكومة يوسف الشاهد وعمل على الإطاحة به بداية عبر دعم مجموعة السترات الحمراء والدفع بهم لإدراج نقطة سياسية ضمن المطالب الاجتماعية وهي تغيير نظام الحكم من برلماني الى رئاسي وهو ما افقد الحركة الاحتجاجية مصداقيتها لتترك مجموعة السترات الحمراء وحيدة في خضم الأحداث وتنتهي قبل ان تبدأ. وفِي رده على موقف بلحاج صرّح رئيس كتلة حركة نداء تونس، سفيان طوبال ل «آخر خبر أونلاين» بتاريخ 18 ديسمبر 2018، أنّه لا علاقة لحزبه بما يعرف ب«السترات الحمراء»، مشيرا إلى أن نداء تونس ليس ضد الاحتجاجات السلمية التي يضبطها القانون والدستور ودون المساس بالممتلكات العامة والخاصة وذلك في علاقة بقانون المالية أو الوضع الاقتصادي والاجتماعي. وأكّد طوبال أن تصرّف القيادي بالحركة، رضا بلحاج بخصوص دعمه للسترات الحمراء يعتبر شخصيا ولا يلزم حركة نداء تونس وإن ثبت دعمه لهذه المجموعة «سيكون لنا حديث آخر داخل الديوان السياسي»، حسب تعبيره. وأضاف أن هياكل نداء تونس لم تتطرق إلى هذا الموضوع لأن الحزب مؤمن بالدولة ومؤسساتها ولا يدخل في مثل هذه المجازفات التي تقود البلاد نحو المجهول. بلحاج يتبرأ من الرياحي كما كان موقف بلحاج من الدعوى القضائية التي رفعها الأمين العام سليم الرياحي ضد كل من رئيس الحكومة واحد القيادات الأمنية سلبيا مقارنة بموقف الحزب عموما، وقد روج حينها ان ما قام به الرياحي يمثل تحركا شخصيا، وأوضح بلحاج خلال مداخلة له على موجات إذاعة «اكسبراس اف ام» يوم 6 ديسمبر ان «سليم الرياحي قدّم القضية بصفته الشخصية ونحن لم نتبنّاها، لكن قلنا مادام في الحكاية معطيات في ظاهرها جدية، طلبنا من القضاء أن يسرع في البت فيها». موقف اثار استياء واضحا داخل الحزب، استياء دفع ببلحاج للقيام بتدوينة على صفحته الرسمية بعد 48 ساعة من تصريحه الإذاعي نفى فيه ما قاله رغم وجود تسجيل في الغرض بل وتهجم على كل من نقل الخبر وكتب في هذا السياق»... أعرف جيّدا أنّه كلّما ضاقت الحلقة على الجماعة، وكلّما تأكّدت صحّة مواقف نداء تونس سيسعون أكثر فأكثر إلى التشويه والتحريف ونشر الإشاعات والأكاذيب، وهذا لا يقلقنا، فقط أنتهز الفرصة لأدعو الجميع إلى توخّي الحذر في نقل ونشر الأخبار والتأكّد من مصادرها والأجندات التي وراءها». وكان طوبال قد أكد في وقت سابق «أنه بعد تقديم الشكاية من طرف سليم الرياحي تمت الدعوة إلى اجتماع طارئ للديواني السياسي لنداء تونس». بلحاج والقائمة التوافقية لم يكن الحديث عن المؤتمر الثاني لحزب الرئيس بمعزل عن تقسيم مقاعد الصف الأول، حيث سعى ندائيون لإقحام التوافق في المؤتمر كشرط لإنجاز موعد مارس القادم، وهو ما تم رفضه حيث أكد الندائيون ان الصندوق هو الفيصل وان المسالة الديمقراطية داخل النداء لا حياد عنها، ورغم تكثف النقاشات في هذا الباب فقد فشل دعاة القائمة التوافقية في فرض موقفهم. فقد انتقد سفيان طوبال حضور القيادي في نفس الحزب رضا بلحاج ومشاركته في أشغال اللجان الجهوية للإعداد للمؤتمر وقال سفيان طوبال في تصريح إذاعي «إن هناك أطرافا في النداء عادت إلى الحزب للحفاظ على مواقعها»، مصرحا في هذا السياق بأن «رضا بلحاج له نية عرقلة تنظيم مؤتمر الحركة»، وتابع خلال حضوره في «شمس اف ام» أن بلحاج يخشى ردة فعل الندائيين تجاهه في المؤتمر. موقف رد عليه بلحاج بالتأكيد على حسن العلاقة مع ابن «مولى الباتيندا شخصيا» حيث نفى في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء ما راج من أنباء عن سوء علاقته بحافظ قائد السبسي خاصة مع انتشار فيديو ظهر فيه المدير التنفيذي للحزب غاضبا بعد أن توجه بالحديث لكل من بلحاج ورضا شرف الدين.