من الخلافات إلى الاستقالات يعيش نداء تونس حالة من التخبّط الداخلي سببه تشقّق الحزب وتآكله بعد تفرغ رئيسه المُؤسّس الباجي قائد السبسي لرئاسة البلاد. ومنذ 2015 إلى يومنا هذا عرف الحزب تفكّكا داخليّا على مستوى القيادة والكتلة البرلمانية، وهو ما أدّى إلى مغادرة عدد من القيادات لسفينة النداء في فترة صعبة وقبل أشهر من انتخابات 2019 ما يجعله من الأحزاب التي قد تستفيد من تأجيل الانتخابات لاسترداد أمجاده الضائعة. عدد المغادرين لسفينة النداء مُرشّحٌ للارتفاع بعد موجة الاستقالات التي عرفها نداء تونس يوم أمس الثلاثاء حيث بلغ عدد الاستقالات من الكتلة 6 نواب شملت كل من النائب علي بالإخوة ورضا الزغندي وطارق الفتيتي ومحمود القاهري، بالإضافة الى النائبتين ألفة الجويني ودرة اليعقوبي. ويرجعُ مراقبون سبب هذه الاستقالات إلى الخيارات غير المدروسة التي تبنّاها نداء تونس في الأشهر الماضية، من ذلك الانصهار مع الاتحاد الوطني الحر في إطار صفقة سياسيّة غير محسوبة العواقب. وفي تعقيبه على موجة الاستقالات، اعتبر القيادي في نداء تونس والنائب عن الحزب بالبرلمان رمزي خميس في تصريح ل”الشاهد” أن نداء تونس شهد تحرّكات “دخولا وخروجا” انطلقت منذ المجلس التأسيسي، مشيرا إلى أن الاستقالات استفاد منها الحزب بقدر ما تضرّر منها. من جانه، أكد رئيس كتلة نداء تونس بمجلس نواب الشعب سفيان طوبال انه تعذر الاتصال بأمين عام الحزب سليم الرياحي لاستفساره حول أسباب الاستقالة مقرا بأنها كانت مفاجئة وأنّ أسبابها غير معلومة . وكشف سفيان طوبال في تصريح إعلامي أنه سيجتمع اليوم مع النواب المستقيلين من كتلة الحزب والبالغ عددهم 6 وكلهم من الاتحاد الوطني الحر قبل انصهاره في النداء. طوبال تحدث في وقت سابق عن وجود أطراف في النداء عادت إلى الحزب للحفاظ على مواقعها وأن رضا بلحاج له نية عرقلة تنظيم مؤتمر الحركة وأنه في صراع مع المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي. وكان محسن حسن قد أعلن يوم 15 أكتوبر 2018 عن استقالته من هياكل حزب حركة نداء تونس، وذلك بعد يوم واحد من إعلان حزبه الانصهار مع الاتحاد الوطني الحر. أما وسام السعيدي فقد أعلن عن استقالته من النداء بتاريخ 10 سبتمبر 2018، قائلا “عاصفة الاستقالات ستتواصل بحدّة في سابقة لم يعرفها أي حزب من قبل”. كما توقعت مصادر مقربة من نداء تونس إمكانية إقالة سليم الرياحي من منصب الأمانة العامة للنداء في ظلّ تواصل غيابه وعدم مشاركته في أشغال المؤتمر الانتخابي للحزب الذي سينظم مارس القادم. حالة الترقيع التي يعشيها نداء تونس عمّقت في الواقع من أزماته الداخلية وشوشت خياراته المستقبلية، وهو ما يجعله ربّما من الأحزاب التي لن تكون مرتاحة إن حافظت الانتخابات التشريعية والرئاسية على موعدها المُنتظر ، وهو ما تكشفه التعطيلات التي حالت دون حلحلة أزمة هيئة الانتخابات ورئيسها