أعلنت دراسة أمريكية عن احتلال تونس للمرتبة الأولى في معدل استهلاك المضادات الحيوية خلال 15 سنة الأخيرة والثانية ضمن 76 دولة على مستوى استهلاك المضادات الحيوية وهي أدوية تستخدم لمكافحة الأمراض، التي تسببها البكتيريا حيث تقتل البكتيريا أو تمنع نموها وتكاثرها. وسبق وأن حذرت منظمة الصحة العالمية من خطورة المضادات الحيوية وكشفت أن عدم مقاومة هذه الآفة قد يتسبب للبشرية في مواجهة خطيرة مع مرحلة «ما بعد المضادات الحيوية» والتي تصبح خلالها بعض الأمراض الجرثومية الخفيفة والإصابات الطفيفة التي كانت تُعالَج بسهولة سابقا خطيرة وفتاكة من جديد وذلك حسب أحدث الاحصائيات في هذا المجال والتي بينت أن المقاومة الميكروبية مسؤولة عن 000 700 حالة وفاة في السنة وإذ لم يقع التصدي لهذا الخطر ستصبح الأمراض المعدية ذات الأصل البكتيري وراء وفاة 10 ملايين شخص بحلول سنة 2050. وكشف رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة بتونس الشاذلي الفندري ل«الصباح الأسبوعي» في هذا السياق أن المضادات الحيوية تمثل خطرا كبيرا على صحة التونسيين وأن الحملة، التي أعلنت عنها هيئة الصيادلة لمقاومة استهلاك المضادات الحيوية والتي انطلقت يوم 23 جانفي الحالي، كانت بعد عدد من الأنشطة التحسيسية انطلقت منذ سنة 2015 وذلك بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية عن استراتيجية ومعاهدة وقعت عليها عديد الدول من بينها تونس لمجابهة هذا الخطر خاصة وأن بلادنا تعتبر ثاني اكبر مستهلك للمضادات الحيوية بعد تركيا ضمن قائمة 76 دولة فيما تحتل تونس المرتبة الأولى في معدل استهلاك المضادات الحيوية خلال 15 سنة الأخيرة. وعن أسباب ظهور المقاومة، قال محدثنا أن الاستخدام غير الضروري للمضاد الحيوي وبصفة مكثفة عند الإنسان والحيوان بشكل متكرر، ساهم في زيادة المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية كما أن تناول المضادات الحيوية أثناء العدوى الفيروسية، مثل نزلات البرد أو الأنفلونزا، التي لا تتأثر بالمضادات الحيوية هو أيضًا سبب من أسباب المقاومة. وحذر رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة بتونس الشاذلي الفندري من كثرة تعاطي المضادات الحيوية في المستشفيات خاصة وأن الاستخدام المفرط لها يؤدي إلى ظهور ضغط الذي يتسبب في بكتيريا متعددة المقاومة ضارة وخبيثة جدًا كما أن عدم الامتثال للقواعد المتعلقة باستخدام المضادات الحيوية وعدم تطبيق نصيحة الصيدلي إلى إضعاف مفعولها. واعتبر محدثنا أن لتربية الدواجن والمواشي دور كبير وخطير في انتشار وتطوير مقاومة المضادات الحيوية والسبب الأكثر خطورة لظهور سلالات مقاومِة. وعن الحلول لمواجهة هذه الآفة، قال رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة أنه من الضروري ترشيد استهلاك الأدوية وتجنب الاستخدام العشوائي والمفرط للمضادات الحيوية (احترام الكمية، عدد الجرعات ومدة العلاج)، الذي يتسبب في سرعة ظهور المقاومة مع مراعاة القواعد الضرورية لاستخدام المضادات الحيوية الموصوفة والالتزام بنصائح الصيدلي كما يعتبر التلقيح ضد العدوى البكتيرية هو الوسيلة المثلى لتجنب بعض الأمراض، وبالتالي مقاومة المضادات الحيوية وشدد مجددا على ضرورة التصدي للمقاومة للمضادات الحيوية من قبل الطب البشري والقطاع الفلاحي وخاصة تربية الماشية كذلك. من جهته، قال الدكتور منير يوسف مقني عميد الأطبّاء التونسيين، أن للمضادات الحيوية انعكاساتها السلبية على الصحة لكن هذه الخطورة لا يتحمل مسؤوليتها الطبيب فقط وهي مسؤولية مشتركة ومن الضروري أن يعي المريض خطورة ذلك كما على الصيدليات أن تحترم القوانين ولا تبيع مضادات حيوية دون وصفة طبية. ونشير في هذا السياق إلى أن أحدث الإحصائيات التي أجريت من قبل المعهد الوطني للاستهلاك تؤكد أن 61 بالمائة من التونسيين يلجؤون لاقتناء الدواء دون استشارة الطبيب ودون وصفة طبية. وأضاف الدكتور منير يوسف مقني أن عمادة الأطباء لم تصلها أي رسالة للمشاركة في حملة مجابهة المقاومة للمضادات الحيوية، التي أعلنت عنها هيئة الصيادلة بتونس معبرا عن استغرابه من ذلك خاصة وأن هذه المسألة تتطلب مجهودا مشتركا بين وزارة الصحة والصيادلة والأطباء.