ما تزال معتمدية حيدرة تعيش الى غاية الامس على مخلفات العواصف الثلجية والرياح العاتية التي شهدتها يومي الاربعاء والخميس الماضيين. وفي ظل «الدمار الشامل» الذي تعرضت له شبكة الكهرباء بتحطم كل الاعمدة التي تحمل خطوط الضغط العالي والمتوسط، لم تستطع المولدات الكهربائية المتنقلة التي وفرتها «الستاغ» حل الاشكالية الا بصفة جزئية، نتيجة توقفها بعد ساعات قليلة من جراء نفاد «الفيول» الذي تشتغل به، وعدم وجود محطة بنزين بحيدرة والاضطرار للتحول الى مدينة تالة لجلبه، ولذلك عاشت المدينة ليلة اول أمس في ظلام دامس بداية من التاسعة مساء مثلما أكده لنا عدد من اهالي المنطقة. من جهة أخرى، وبفضل تركيز مولد مؤقت بخزان محطة المياه الموجودة بجبل «الطباقة» التي تزود المدينة، عادت المياه بصفة تدريجية الى المنازل بداية من منتصف ليلة اول أمس، علما أن المندوبية الجهوية للفلاحة بالقصرين كانت قد اضطرت قبل ذلك الى توزيع المياه على اهالي المدينة بواسطة الصهاريج في مشاهد أعادت حيدرة الى السنوات الاولى بعد الاستقلال على حد وصف أحد شيوخ المدينة.. قرى معزولة ودون كهرباء لئن تم فك العزلة عن اغلب المناطق الريفية بأحواز حيدرة وفتح طرقاتها، فان القرى الجبلية المتواجدة على تخوم الحدود التونسية الجزائرية بمرتفعات جبلي «الطباقة» و»الاجرد» ما تزال تعيش عزلة تامة واهاليها في انتظار وصول الجرافات لإزالة ملايين الاطنان من الثلوج والاوحال من المسالك الريفية التي تربطها بحيدرة، في غياب الكهرباء ووجود نقص فادح في وسائل التدفئة، ومع انفراج حالة الطقس أمس ينتظر ان تكون وصلتها النجدة. اليوم عودة شبكة الكهرباء للعمل أفادتنا مصادر من اقليم الشركة التونسية للكهرباء والغاز بالقصرين، بأن أشغال صيانة الشبكة الكهربائية بمختلف مناطق معتمدية حيدرة جارية منذ صباح الجمعة وهي تحتاج الى مزيد من الوقت لتعويض مئات الاعمدة التي تحطمت وكيلومترات الاسلاك التي تلفت، ومن المنتظر ان تنتهي مساء اليوم لتستعيد الشبكة عملها بشكل عادي بكامل حيدرة. مكتب بريد متجول في غياب الكهرباء ومع حلول موعد سحب جرايات العملة والموظفين والمتقاعدين وحوالات الشيخوخة والعائلات المعوزة، وبما ان كل هؤلاء بحيدرة حرفاء للبريد نظرا لكون المدينة لا يوجد بها أي فرع بنكي، قرر الديوان الوطني للبريد امس تخصيص مكتب بريد متجول لتمكين حرفائه من سحب اموالهم لشراء مختلف حاجياتهم بعد تعطل تواصل أربعة أيام، لكن الاشكالية ان هذه الخدمة شهدت اضطرابا كبيرا نتيجة ضعف «الريزو» وفق ما أكده لنا مدير مكتب بريد حيدرة صالح الخضراوي، الذي قال ان ذلك كان خارج مسؤولية ديوان البريد وإنما يعود الى شركة اتصالات تونس. عودة تدريجية للدروس بعد توقفها منذ يوم الخميس الماضي بقرار من اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث بالقصرين، استؤنفت أمس الدراسة بالمدارس الابتدائية بمدينة حيدرة وبعض أريافها، في حين بقيت معطلة بالمعهد الثانوي وعدد من المدارس الريفية لتواصل اغلاق المسالك الريفية وعدم تمكن حافلات النقل من المرور عبرها.