بل ومهين للعراق وشعبه من ملك اسبانيا الذي اختار أن تكون العراق محطته الخارجية وهو يحتفل بعيد ميلاده الواحد والخمسين ويتجه الى القاعدة العسكرية الاسبانية غرب بغداد بالزي العسكري ليغادرالعراق بعد ساعات بالبدلة المدنية.. قد تكون الصورة غير مهمة بالحدث الاهم وهو استمرار وجود القوات الاسبانية ومعها القوات الاجنبية في العراق بعد عقد ونصف على الاجتياح الامركي.. فاذا كانت قوات التحالف صادقة في حديثها عن دحر»الدواعش» في هذا البلد فلماذا تصر على البقاء في العراق وتتمنع من الانسحاب وتبحث عن الذرائع لفرض موطئ قدم لها في المنطقة.. لم تخل الزيارة الاولى للملك الاسباني فيليبي السادس الى العاصمة العراقيةبغداد من الرسائل المتناقضة فهذه الزيارة الملكية الاولى منذ أربعين عاما, ولعل في ذلك أحد الاسباب الذي منح الزيارة التي وصفت بالتاريخية اهتماما خاصا في الصحافة العراقية والتي تسعى حكومة عادل عبد المهدي معها لتعزيز صورة مصداقيتها واستقلالية قرارها أعادت الى الاذهان عكس ذلك وأكدت مجددا أن العراق ساحة مفتوحة لمختلف قوى التحالف حتى وان كان ذلك ظاهريا تحت مظلة اممية وبدعوة من السلطات العراقية.. وقد طغا ذلك على المشهد بعد الزيارة الغريبة والمريبة للرئيس الامريكي دونالد ترامب عشية عيد الشكر الى القوات الامريكية دون سابق اعلان او استئذان لاهل الدار ليحط الرحال متسللا الى أرض الرافدين تحت جنح الظلام ويغادر دون أن يلتقي أحدا من المسؤولين العراقيين بما يعني أنه يعتقد في قرارة نفسه انه صاحب الدار ليكشف للصحفيين الامريكيين الذين رافقوه في جولته ما عاشه من خوف ورعب مع زوجته السيدة الاولى وهو يحل بالقاعدة الامريكية بطائرة دون اضواء ويعيش لحظات من الخوف وكانها دهر... وربما لهذا السبب ولغيره أيضا راهنت الحكومة العراقية التي تلتقط انفاسها لانقاذ المشهد العراقي المستباح من الحركات الارهابية المسلحة للظهور بمظهر المتحكم في مقاليد ادارة الدولة وهي تفرش السجاد الاحمر لاستقبال الملك الاسباني.. ولولا وقوع بروتوكول الضيف في الخطا ورفع الطائرة الخاصة للملك الإسباني، العلم العراقي القديم لما قبل الاجتياح لتحقق الهدف.. الى هنا قد يبدو الامر عاديا أن تطالب السلطات العراقية الرسمية بتصحيح الخطأ ورفع العالم الذي يجمع شعب العراقي رغمكل انقساماته العرقية والطائفية.. ولكن ما لا يمكن ان يكون عاديا أن تكون الزيارة الاولى منذ اربعين عاما للملك الاسباني مقترنة بزيارة للقوات الاسبانية التي لا تزال منتشرة في هذا البلد بعد مشاركتها الولاياتالمتحدة في اجتياح العراق في 2003... ربما كنا نفهم الغضب العراقي لو تعلق الامر بانهاء الحضور العسكري على ارض العراق بعد خمسة عشر عاما ولكن بدلا من ذلك ظهر الرئيس العراقي برهام صالح يشكر الملك على هذا الدور... طبعا لا يمكن الاستهانة براية العراق رمز اختاره الشعب العراقي.. ولكن كان اولى ان يكون الاعتذار في حادثة العلم مقدمة عن الانتشار العسكري اللامحدود في هذا البلد.. والذي يجد له بالتأكيد في تصريحات الرئيس الامريكي مبررا على البقاء بعد أن الغى مسألة انسحاب القوات الامريكية من العراق بل وربط الانسحاب الامريكي من سوريا بأنه مسألة محسومة ويمكن ضمانها انطلاقا من العراق المجاور... ندرك جيدا ان في العراق أصوات برلمانية وطنية ما انفكت تطالب بخروج القوات الاجنبية من هذا البلد وأن هناك مطالب امام البرلمان العراقي لمواجهة هذا الاستحقاق وتحديد مهلة زمنية لانسحاب القوات الاجنبية, لكن يبدو أن هناك من بات بدوره يجد في الشبكات المسلحة والجماعات الارهابية مظلة وسببا لهذا البقاء... ليس من الواضح ان كان العراق وضحاياه على مدى السنوات الماضية سيحظون باعتذار رسمي عما تكبده هذا البلد جراء الاجتياح من خراب و دمار وقتل واغتصاب للعلماء ومصادرة للثروات وانتهاكات للكرامة واعتداءات داخل وخارج اسوار ابوغريب.. وحتى ذلك الحين سيظل اعتذار السفارة الاسبانية في العراق استبلاها للعقول ليس الا...