يؤكد خبراء التربية دائما أن أي تطوير لأي منظومة تربوية – وهنا لا أتحدث عن خطط الإصلاح – لا يمكن أن ينجح إذا لم يبن على مبادئ ومسلمات هي تحديات تتعلق خاصة بواقع المنظومة الوطنية الضيق في ظل الواقع التربوي العالمي وفي علاقة بالتحولات التي يعيشها العالم في القطاعات ذات العلاقة بالقطاع التربوي . فما هي هذه التحديات؟ التحديات التكنولوجية من المسلمات التي يفرضها علينا التطور التكنولوجي السريع في عالمنا اليوم بزوغ شمس علمية تكنولوجية جديدة هي محل تنافس كل الدول العظمي هي ما يسمى اليوم بالثورة الصناعية الرابعة وهي ثورة الذكاء الاصطناعي واستعمال الروبوتية وخاصة في تقاسم المهام مع الانسان . هذا التطور الواسع الذي يشهده العالم في الاستخدامات الجديدة للذكاء الاصطناعي وفي كل المجالات الحياتية للإنسان يفرض على كل المنظومات التربوية ومنها منظومتنا تحديا كبيرا لا بد من رفعه لتكوين جيل تكون له مكانته العلمية الإبداعية في مجال الثورة الصناعية الجديدة . ويقر الباحثون وعدد هام من السياسيين اليوم بأن من سيسيطر على الذكاء الاصطناعي مستقبلا هو من سيسيطر على العالم لذلك تبلغ استثمارات الولاياتالمتحدةالأمريكية في الذكاء الاصطناعي اليوم 62% من الاستثمارات العالمية وتعمل الصين على أن تصبح الأولى عالميا في إنتاج الروبوتات سنة 2030 . ومن التحديات أيضا التفاعل مع الوضع الاقتصادي العالمي وخاصة الوضع التجاري وما يجري من تحديات للعولمة وما تدعو إليه بعض الدول اليوم من العودة إلى حماية الأسواق المحلية إضافة إلى تفاقم ظاهرة الهجرة من دول العالم الثالث نحو الدول المتقدمة وخاصة هجرة الكفاءات وفتح تلك الدول حدودها أمام هجرة كفاءات الدول الفقيرة إليها . ولا ننسى الثورة الاتصالية والاعلامية التي ألغت الحدود بين الشعوب وكذلك الانفجار الذي يعرفه تدفق المعطيات والمعارف عبر الانترنات والتي تعرف انتشارا لم يعرفه العالم سابقا. التحديات المجتمعية ومن التحديات أيضا تلك المتعلقة بالحياة الاجتماعية المتشعبة التي نعيشها اليوم وما تشهده من اضطرابات وانتشار بعض الظواهر التي تتطلب معالجة منذ المدرسة. وحتى يفتك مجتمعنا موقعه الاستراتيجي ضمن المجتمعات التي يتفاعل معها تأثيرا وتأثرا ويكون له شأنه في مجالات التقدم العلمي والاقتصادي والتكنولوجي والثقافي علينا أن نكوَن مواطن الغد المثقف المتمكن من كفايات القرن 21 والذي له زاد من الكفايات التي يستطيع توظيفها في كل الوضعيات التي تعترضه في حياته العملية والقادر على القيام برد الفعل المناسب تجاه التغيرات السريعة التي يعيشها العالم اليوم وسيعيشها في المستقبل وعلى التأقلم مع كل جديد وعلى حل المسائل التي تطرح وعلى الابداع في وضع الحلول. التحديات التعليمية ومن بين التحديات ذات العلاقة بالمدرسة نذكر وظائفها إذ من المهم في خضم التطور الذي يعيشه العالم أن تؤدي المدرسة ثلاث مهمات رئيسية هي مهمة التعليم وهو دورها التقليدي بتطوير النشاط الفكري للمتعلم وجعله يتحكم في المعارف وتطوير كفاياته وتتمثل المهمة الثانية في التنشئة الاجتماعية القائمة على مبادئ جديدة كالعيش معا والتربية على المواطنة وترسيخ القيم التي تبنى عليها الديمقراطية والتصدي للفشل المدرسي بكل أشكاله أما المهمة الثالثة فتتعلق ببناء القدرات والمهارات لدى المتعلمين وزرع روح المبادرة والابداع فيهم لتحقيق النجاح في المدرسة ثم في الحياة فيما بعد على أن تستجيب المدرسة لاهتمامات الشباب وتطور قدراتهم و تدعم كفاياتهم . إن أخذ مثل هذه التحديات بعين الاعتبار سيسمح بالرفع من أداء المتعلمين ويمكنهم من تكوين أساسي ضروري لحياتهم المستقبلية وبذلك يتحقق الهدف الأساسي من التطوير بتخريج متعلم قادر على التأقلم مع عصره والاندماج فيه وتغيير مجتمعه في اتجاهه. (*) باحث وخبير تربوي