ونحن بصدد الاعداد للاحتفال بثمانينية النادي الرياضي البنزرتي، تفرعت عن اللجنة المنظمة، عدة لجان خصوصية لرسم برامج هذا الاحتفال، من بينها لجنة سميت «لجنة تشخيص مستقبل الجمعية» واسندت رئاستها الى الاستاذ عمر البجاوي الذي هو في نفس الوقت رئيس اللجنة الام. ولما كان اسم هذه اللجنة لافتا ومثيرا للتساؤل في موضع كان يفترض ان يخصص للاحتفال بالماضي، فقد حصر الاستاذ البجاوي مهمة هذه اللجنة في جملة واحدة، اذ قال انها ستسعى الى وضع «خارطة طريق للنادي الرياضي البنزرتي».. وهنا اصبح الامر واضحا للعيان، وهو ان لجنة التنظيم لن يقتصر دورها على الجوانب الاحتفالية، بل انها ستسعى للاسهام في بناء مستقبل الجمعية بما ستجمعه من طاقات وما ستقدمه من افكار وبرامج وتصورات. وبما ان خرائط الطرق لا توضع الا لمن يستحقها حتى لا نقول شيئا اخر، فان النادي الرياضي البنزرتي بات فعليا في حاجة الى هذه الخارطة ليؤسس لمستقبل زاهر، تتضح سبله، وتتوفر الياته واسبابه، بعيدا عن كل اشكال الارتجال والعشوائية وفي معزل عما تفرزه الاحداث والصدف ايجابيا كان او سلبيا. الاكيد والثابت ان النادي البنزرتي بات في حاجة متأكدة الى هيكلية مستحدثة تساعده على اقتحام دروب المستقبل بكل ثقة واعتداد، من بين مقوماتها الاساسية: هيئة عليا دائمة تتشكل من بين الوجوه البارزة والفاعلة في الجهة، تكون لها الصفة القانونية والقدرة المعنوية على التصحيح عندما تجنح سفينة النادي او تضطرب ويكون من حق هذه الهيئة الحسم في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب في دفة التسيير.. بالتنسيق والتعاون طبعا مع السلطات الرسمية ووفق مقتضيات القانون، وذلك حتى لا تبقى مسؤولية رئاسة النادي في كل دورة محل مشاحنات ومزايدات.. او كما قال لي احد الظرفاء من احباء النادي: قد يأتي يوم يتم فيه اختيار رئيس النادي الرياضي البنزرتي بالرؤية؟! لجنة قارة للدعم المادي تكون من بين اصحاب المال والاعمال المنتتمين للنادي في الجهة وخارجها، وتوكل اليها مهمة البحث عن طرق ومصادر التمويل المسترسلة لميزانية النادي على اسس متينة من المصداقية والشفافية وحسن التصرف. مخطط تربوي رياضي مرسومة اهدافه العاجلة والاجلة، تتداول الهيئات المديرة على تنفيذه مهما تعددت هذه الهيئات او اختلفت.. وليس من حقها الاخلال بعناصر هذا المخطط.. لان الصروح تبنى لبنة لبنة والطرقات تطوى خطوة خطوة. نظرة اوسع واشمل لموقع النادي ودائرة اشعاعه التي يجب ان تتجاوز المحلية نحو الجهوية على الاقل، حتى يعود البنزرتي كما كان نادي ولاية بنزرت بأكملها له احباؤه ومريدوه في كل شبر منها، وله روافده من الطاقات والعواطف.. ولن يتأتى ذلك الا بعزوف بعض المنتمين عن مظاهر الاحتكار والتعصب وبالسعي الدؤوب لتدعيم اواصر التقارب والتعاون مع النوادي الاخرى في الجهة. ارساء منظومة للاستقطاب والتكوين الرياضي في صلب النادي، توكل شؤونها الى الادارة الفنية وتعزز بالطاقات البشرية والامكانيات المادية، ذلك ان الجهة من ادناها الى اقصاها زاخرة بالمواهب الشابة التي يمكن ابرازها ليستفيد منها النادي والرياضة التونسية عموما. تعميق التفكير في مسألة التخصص، فالنادي الرياضي البنزرتي يشتمل حاليا على فروع لكرة القدم وكرتي اليد والسلة الى جانب الملاكمة.. لكن السائد هو ان الجهد الاكبر مركز على كرة القدم وعلى صنف الاكابر بالخصوص.. في حين تعاني الفروع الاخرى ضروبا من التهميش واللامبالاة احيانا.. ولذا بات من الاكيد فتح هذا الملف والنظر فيه بجدية فاما ان يتحمل النادي مسؤولياته كاملة ويعامل كافة فروعه بنفس الاهتمام والا فليتخصص النادي الرياضي البنزرتي في كرة القدم فقط، وتوكل مهمة الاعتناء بالرياضات الاخرى الى جمعيات مستحدثة ومتخصصة. وعلى الهيئة المديرة ان تعلم وتقتنع انها لن تنجح بالقدر المطلوب الا بتضافر الجهود والعمل الجماعي المنظم وعليها ان تفهم ان التعاون مع الاخرين لا ينقص من قيمتها ولا من مشمولاتها شيئا، بل بالعكس فهو يزيدها توفيقا ونجاحا ويخفف كاهلها ويفتح لها سبل النجاح. ان الجمعيات الرياضية الناجحة، هي تلك التي تستند الى قيم وثوابت وتمتلك اليات وروافد وتتصرف كمؤسسات وتحتكم الى كبار قومها فلا تقصي ولا تهمش وانما تجمع وتوطد وتعلي المصلحة العامة على مصلحة الاشخاص. يمر الناس، ويبقى النادي مدرسة تحتضن الاجيال جيلا بعد جيل.