أصدقاء الضحية بفرنسا حضروا الجنازة وشهادة مهاجر روسي قد تقود إلى الحقيقة تونس - الاسبوعي - القسم القضائي شيّع سكان باب الجزيرة بالعاصمة خلال الاسبوع الفارط جثمان المهاجر التونسي سالم الصولي (41 سنة) الذي توفي داخل معتقل «فانسان» الفرنسي في الاسبوع الأخير من شهر جوان الفارط في ظروف مسترابة وشارك في هذه الجنازة عدد كبير من أقارب الضحية واصدقائه وممن تعاطفوا مع حادثة وفاته الغريبة في فرنسا التي سارعت سلطاتها مباشرة إلى الإعلان عن أن الوفاة ناجمة عن أزمة قلبية وهو ما أدى إلى اندلاع ثورة داخل المعتقل وإضراب جوع واعتصامات داخل وخارج السجن الوقتي للمهاجرين غير الشرعيين وأعمال تخريبية تسببت في اندلاع النار داخل المبنى وتدمير طابقين منه بالكامل. انتفاضة داخل المعتقل وذكرت وسائل الإعلام الفرنسية التي تابعت أطوار الحادثة لحظة بلحظة أن المهاجر التونسي توفي داخل معتقل فانسان إثر نقص في الرعاية والاحاطة الطبية والإهمال وهو ما دفع بالمعتقلين إلى الانتفاضة داخل مبنى السجن الوقتي واضرام النار والتصادم مع الحراس وأعوان الامن الذين تدخلوا بقوة وعنف للسيطرة على الوضع واستعملوا الهراوات ومسيلات الدموع في قمع الانتفاضة فتحولت «الزنزانات إلى بيوت غاز وأخرج المعتقلون للساحة العامة» حسب ما ورد بإحدى الصحف الفرنسية التي أضافت أن هذه الأحداث تسببت في تدمير مبنى داخل السجن يتكون من طابقين وفرار عدد من المعتقلين وترحيل عدد آخر إلى معتقلات أخرى وقيام بعض المعتقلين ممن بقوا داخل معتقل فانسان بإضراب جوع تضامنا مع المهاجر التونسي. تضامن بلا حدود وفي ذات الإطار أصدرت منظمة «المجموعة التاسعة» المدافعة عن حقوق الانسان نداء للاعتصام تضامنا مع الانتفاضة التي قام بها المعتقلون إثر وفاة المهاجر التونسي سالم الصولي الذي يعيش منذ نحو 27 سنة بفرنسا دون وثائق رغم استقراره المهني والعائلي كما تضامنت عدة جمعيات ومنظمات حقوقية مع المعتقلين بالمركز وندّدت بظروف العيش في المعتقلات وقامت بمظاهرات ومسيرات وندوات أمام المعتقل نفسه طالبت أثناءها بالكشف عن الحقيقة. ولكن إدارة المعتقل أكدت أن الوفاة ناجمة عن أزمة قلبية وأن المهاجر التونسي فارق الحياة أثناء نقله إلى المستشفى دون ذكر تفاصيل أخرى حول التأخر في الإسعاف وعدم الاكتراث بطلبات المهاجر ورفاقه بضرورة العناية به خاصة وأنه مصاب بضيق في التنفس. ومتابعة منا لتفاصيل وفاة سالم التي اكتنفها كثير من الغموض تحولنا إلى مقر سكنى عائلته بالعاصمة حيث كان الحزن والحسرة يخيمان على المنزل وقد تحدثنا إلى أفراد عائلته خاصة شقيقته المقربة جدا منه ووالده عم أحمد أفادانا بالتفاصيل التالية: صديقته كادت له في البداية تحدثنا إلى شقيقته كريمة التي كانت على اتصال دائم بشقيقها وقالت أن «حيث الخبر نزل علينا كالصاعقة خاصة وأننا لم نره منذ غادر تراب الوطن وقد كان يهاتفني وأهاتفه باستمرار ويرسل إلينا المال لمساعدتنا على دفع معلوم الكر اء وشراء الدواء لوالدتي فقد كان يعمل في مجال التجارة ويسعى جاهدا لجمع المال بالحلال رغم أنه يتعرض دائما للمضايقة من قبل الشرطة الفرنسية». وعن سؤالنا عن سبب بقائه كل هذه الفترة دون سند إقامة أكدت أن أخاها كان يعيش مع فرنسية دون عقد قران وقد أنجب منها ابنه بلال وقد عرقلته حتى لا يتحصل على سند إقامة خاصة بعد أن زارتنا سنة 2005 وتسربت لها معلومات تفيد أن أخي كان على علاقة بفتاة تونسية ومازال يحبها ولما عادت إلى فرنسا أرسلت عدلا منفذا لأخذ ابنها الذي كان من المفترض أن يبقى في تونس للدراسة وقد اتهمت أخي بتعنيفها وأدخلته السجن». سوء معاملة وتضيف محدثتنا «ورغم ذلك فقد صمد شقيقي لكن خلال الشهرين الاخيرين أصبنا بهلع بعد أن انقطع جسر التواصل بيننا حيث لم يتصل بنا مثل العادة إلى حدود يوم 14 جوان الفارط عندما هاتفني وأعلمني أنه كان بالمستشفى بسبب مرضه «ضيق التنفس» لكن وأثناء مغادرته المستشفى ليلا والتوجه إلى احدى المقاهي قبض عليه وتم إيداعه المعتقل في انتظار ترحيله إلى تونس في الاثناء تدهورت حالته الصحية ولكن إدارة المعتقل رفضت اسعافه رغم توسلاته وقام الحراس بتعذيبه وسلبوه هاتفه ودواءه وماله وحاولت الاتصال به لكن دون جدوى إلى أن اتصل بنا أحد اصدقائه وأعلمنا بوفاته». وأضافت محدثنا: «إننا نفند ونرفض الادعاء القائل بأن وفاته كانت نتيجة أزمة قلبية وننتظر نتيجة التشريح سيما وأن اصدقاءه باجماع وخاصة الروسي الجنسية أكدوا تعرضه لسوء المعاملة والإهمال». وختمت كريمة: «أخي لا يستحق ذلك ومجيء اصدقائه من فرنسا ومن جنسيات مختلفة لتشييع جثمانه يبيّن الصورة الحقيقية لشقيقي فهو مستقيم السيرة ونطلب من السلطات التونسية مزيد الوقوف إلى جانبنا لمعرفة حقيقة وفاة أخي الذي ذهب ضحية أخطاء لا يتحملها كما نطالب بالبحث عن ابنه البالغ من العمر 14 سنة ومساعدتنا على السفر إلى فرنسا لاسترجاع أمتعته». شهادة تؤكد حصول التعذيب تحدث «عم أحمد» عن خصال ابنه وقال أنه يتميز بدماثة الأخلاق «يحب الجميع ويحبه الجميع» وأكد أن «المظاهرة التي قام بها اصدقاؤه ومجيئهم إلى تونس وإرسال حوالة بريدية للعائلة تدعم ما قلته». وأضاف «أطلب من سلطاتنا مساعدتنا على استرجاع حق ابني ومعرفة الملابسات والاسرار الخفية التي كانت سببا في هلاكه سيما وأن شهادات اصدقائه تؤكد تعرضه للتعذيب والإهانة من قبل الشرطة الفرنسية وشخصيا لن يهدأ لي بال إلا بمعرفة الحقيقة». ما مصير بلال؟ الكل تحدث عن سالم لكنهم لم يتغافلوا عن بلال ابن الضحية وعن مصيره خاصة وأنهم لا تربطهم أي علاقة بوالدته وقد علمنا أنه يقيم في احد المراكز الخاصة بالاطفال في فرنسا. وأكدت كريمة أنهم تعلقوا به كثيرا فهو يزورهم كل صائفة ويأملون في أن يتمكنوا من العثور عليه. صابر المكشر