تعصف الازمة الغذائية باقتصاديات عشرات الدول الفقيرة وبمصير ملايين البشر الذين اصبحوا على حافة المجاعة. وهذه الازمة الحادة الناتجة عن ارتفاع غير مسبوق في اسعار الحبوب بسبب تزايد الطلب والحواجز التجارية والاجراءات الحمائية اضافة الى الاسعار المشطة للبذور والأسمدة التي زادت بسرعة اكبر من اسعار المواد الغذائية ذاتها دفعت بالمدير العام لمنظمة الاغذية والزراعة الدولية «الفاو» الى توجيه دعوة ملحة للدول الأكثر فقرا وخصوصا الافريقية منها لان «تنتج لوحدها ما تحتاج اليه» للخروج من هذه الأزمة، وتاتي هذه الدعوة في غياب مبادرات عملية من قبل الدول الصناعية المتقدمة للتخفيف من وطأة المجاعة التي تهدد حوالي مليار نسمة بالوفاء بالتزاماتها في مجال المساعدات الانمائية بما في ذلك المواد الغذائية. لقد كانت الآمال معلقة على قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني التي احتضنتها اليابان خلال اليومين الماضيين للاعلان عن مبادرات عملية من شأنها ان تخفف من حدة هذه الازمة بشكل فوري ومباشر.. ولكن هذه القمة التي انهت اعمالها امس اكتفت بالتعبير عن «قلقها الشديد» من عواقب ارتفاع اسعار المواد الغذائية بالاسواق العالمية التي زادت بأكثر من 80 بالمائة منذ ثلاث سنوات مكتفية بتجديد التزامها باتخاذ كل الاجراءات الممكنة لمعالجة تداعيات هذه الازمة. ان الاجراءات الحاسمة لمعالجة الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لهذا الارتفاع الحاد في اسعار الغذاء في العالم قد تستدعي على المدى المنظور التعويل على الذات مثلما دعا الى ذلك المدير العام ل«الفاو» بتمكن الدول الأكثر فقرا من انتاج غذائها بنفسها.. ولكن مواجهة الازمة الحالية لا يمكن تأجيلها الى مواسم وسنوات قادمة. ان الامر يتعلق بتمتيع الاخرين بفائض الغذاء المسجل في الدول الأكثر تقدما ورفع الحواجز على صادرات الحبوب من الدول الاكثر انتاجا والاسراع بمد الدول المهددة بالمجاعة بالمعونات الغذائية الضرورية لمجابهة اوضاعها الاجتماعية غير المستقرة. ان معظم الدول الافريقية ما وراء الصحراء وعديد الدول الآسيوية وفي الكراييبي تعاني من شح الامطار وغياب الاستصلاح الزراعي والبحث العلمي الفلاحي والتركيز على تداول النشاط الفلاحي الرعوي البدائي.. وهذا الواقع يستدعي جهود سنوات لاصلاحه بينما الراهن هو اطعام ملايين الأفواه قبل ان تستفحل الازمة الغذائية وتجر أكثر من بلد الى الفوضى والصراعات الدموية.