جعل دستور 27 جانفي 2014 من اللامركزية إحدى المبادئ الأساسية التي يقوم عليها التنظيم الترابي الجديد للبلاد حيث يهدف ارساء اللامركزية إلى تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الفصل 12 منا لدستور الذي نصّ على أن "تسعى الدولة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة، والتوازن بين الجهات، استنادا إلى مؤشرات التنمية واعتمادا على مبدأ التمييز الإيجابي". ويعتبر المدير الفني للمركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد ياسين التركي في حديثه ل "الصباح" ان تحقيق اللامركزية الفعالة مسار طويل يتطلب وضع العديد من خطط العمل وتظافر جهود جميع الجهات الفاعلة المركزية والمحلية خاصة. لكن الواقع والى حدود 2014 لا يعكس تكريس واضع للامركزية والحكم المحلي حيث اتسمت الحوكمة الترابية في تونس باستمرار الازدواجية بين اللامحورية واللامركزية مع هيمنة الهياكل اللامحورية، خاصةً الوالي الذي يعد شخصية محورية في المشهد المؤسساتي المحلي. ولقد كانت الجماعات المحلية تخضع لإطار قانوني مقيد فيما يتعلق باللامركزي، حيث تتميز بتبعية كبيرة للسلطة المركزية، فضلا عن محدودية الموارد المالية والبشرية. وبالإضافة إلى ذلك، كانت البلديات خلال ممارسة صلاحياتها تخضع لرقابة الإشراف من قبل السلطات المركزية. مراجعة التقسيم الترابي ونذكر بانه تمت مراجعة التقسيم الإداري في سنتي 2015 و2016 بهدف تعميم النظام البلدي على كامل التراب الوطني، وذلك من أجل توفير الخدمات والمرافق لجميع المواطنين، وخاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية، مما أدى إلى إحداث 86 بلدية جديدة وتوسعة 187 بلدية أخرى عن طريق إدماج المناطق الريفية، مما رفع عدد البلديات إلى 350. وحسب المدير الفني للمركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد فانه بعد استكمال الأعمال التحضيرية، يعتزم المركز الدوليCILG-VNG وشركائه الاعلان عن الانطلاقة الرسمية لبرنامجIDEMA. دعما خاص .. و20 مليون دينار للتنفيذ وسيقدم البرنامج دعما خاصا لوضع توجهات استراتيجية قصيرة ومتوسطة المدى ومتابعتها، وتصور دورات تدريبية تستجيب للاحتياجات الجديدة للهياكل اللامركزية وإنشاء وحدة مخصصة للبلديات المحدثة لضمان ارتقائها تماشيا معا احتياجاتها الخاصة. وسيركز في مرحلة ثانية على تعزيز إدارة التعمير من خلال دراسات إستراتيجية تفضي إلى اقتراح رؤية جديدة لإعادة توزيع صلاحيات التخطيط العمراني وتجديد أساليب التصرف الحضري. كما ستشكل المشاركة الفعالة لمختلف الفاعلين في الحوار بشأن الإصلاحات، من خلال منصات التبادل الوطنية والجهوية التي تراعي الإشكاليات الحالية، الرافعة الثالثة لضمان فاعلية حقيقية وشاملة وتوحيد جهود جميع أصحاب المصلحة لإنجاح مسار اللامركزية. وتبلغ قيمة تمويل برنامج ادامة" 6 مليون يورو أي ما يناهز 20 مليون دينار تونسي لدعم جهود تونس في عملية إرساء اللامركزية ودعم ومرافقة 12 بلدية في الجوانب المتعلقة بالحوكمة المحلية مع التركيز على النهج التشاركي ومراعاة خصائص وأدوار النساء والشباب والفئات المحرومة. "ادامة "4 سنوات لقيادة وارساء اللامركزية يتم تنفيذ هذه المبادرة التي تمتد على 48 شهرا الى غاية 2022 من قبل المركز الدولي للتنمية المحلية والحكم الرشيد في تونس" CILG-VNG International" بتمويل الحكومة الهولندية. ويندرج برنامج" IDEMA " ضمن مسارا للدعم التقني الذي يقدمه المركز المذكور لارساء الحكم المحلي في تونس ويتمحور البرنامج حول ثلاثة عناصر استراتيجية تهدف إلى تعزيز الجهات الفاعلة المركزية والمحلية في قيادة وتنفيذ مسار إرساء اللامركزية وضمان استدامتها، وهي اساسا وزارة الشؤون المحلية والبيئة ووزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية لتعزيز قدراتهم على قيادة مسار اللامركزية، وتوحيد مختلف الجهات الفاعلة لإنجاحها ووضع الاستراتيجيات والإصلاحات اللازمة لحسن تنفيذها. الى جانب تقديم المساعدة الفنية للبلديات المستهدفة من البرنامج من أجل تعزيز دورها في تحقيق التنمية الاقتصادية، وتحسين نوعية خدماتها ودعمها في فهم واستثمار قدراتها الجديدة وتعزيز مشاركة المواطنين في إعداد وثائق التخطيط والتصرف الحضري، من اجل إدماج الشباب والنساء والفئات الهشة والمهمشة أو المقصيين من صنع القرار المحلي وتعزيز الشفافية والمساءلة المحلية للفاعلين من قبلا لمواطنين. ويتدخل البرنامج في 12 بلدية وهي: دوار هيشر، ورواد، وعين دراهم، وباجة كريب، وتيبار، وبير الحفي، وحسي الفريد، وبن قردان، وذهيبة، وبوغرارة، وجمنة، من خلال الدعم الفني الذي يهدف بشكل خاص إلى تعزيز قدرة هذه البلديات من حيث التنمية الاقتصادية والتخطيط الحضري واعتماد النهج التشاركي وتقديم الخدمات. جهاد الكلبوسي