رغم أن ولاية سوسة تحسب على المناطق الساحلية المحظوظة في البلاد، إلا أنها ما فتئت تسجل تراجعا في النمو الاقتصادي وتعاني من مشاكل اجتماعية عديدة إلى جانب تدهور البيئة والمحيط والخسائر المسجلة في القطاع السياحي بسبب معضلة الإرهاب والمشاكل الأمنية. وإذ تتميز سوسة بطابعها السياحي وتعرف بالقرية السياحية الشهيرة القنطاوي وبعدد من النزل الفخمة، فإن- اذا ما تركنا جانبا، وسط المدينة والمناطق السياحية- أغلب أحواز المدينة وأغلب معتمديات الجهة تعاني من التهميش حتى أن بعض معتمدياتها مصنفة اليوم في ذيل قائمة المناطق الأقل حظا في التنمية في البلاد. «الصباح» حاورت بمناسبة الانتخابات التشريعية في اطار ركنها القار وجها لوجه، كلا من رضا شرف الدين رئيس قائمة حزب «قلب تونس»، وكان قد انتخب في المدة النيابية السابقة عن نفس الجهة باسم حزب «نداء تونس»، وحافظ الزواري رئيس قائمة البديل التونسي الذي كان قد انتخب في الدورة السابقة عن حزب آفاق تونس. اين وجهت لهما اسئلة حول مدتهم النيابية السابقة وما وجه لهما من انتقادات على خلفية «سياحتهما الحزبية « هذا فضلا عن موقفهما من الفساد وحظوظهما في سباق التشريعية. - ماذا قدمت للجهة في المدة النيابية السابقة ولماذا تتقدم مجددا لنيل ثقة الناخب؟ - كيف تتفاعل مع الانتقادات الموجهة للنواب في علاقة ب«السياحة الحزبية» واستغلال الحصانة البرلمانية لأغراض ذاتية؟ - إلى أي حد نجحت الدولة في حربها على تطويق الفساد في البلاد؟ - ما هي حظوظ القائمة في النجاح في الانتخابات؟ رضا شرف الدين رئيس قائمة «قلب تونس»: الحصانة البرلمانية تخليت عنها عن طيب خاطر.. هناك اسباب جعلتني اتقدم للناخبين لتجديد الثقة في شخصي، منها احساسي بالمسؤولية تجاه جهتي وتجاه الوطن عموما. وأعتبر أني قمت طيلة خمس سنوات، مثلي مثل بقية نواب سوسة بعمل مهم إذا ما قارناه بإمكانيات الدولة المحدودة ومواردها الضعيفة. وينتظرنا عمل كبير من اجل تنفيذ هذه المشاريع وجلب مشاريع أخرى تحتاجها جهة سوسة التي تراجعت منذ أعوام وحتى ما قبل الثورة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية دون أن ننسى البنية التحتية المهترئة حتى أن الجهة صارت تغرق بمجرد أن ينزل قليل من الغيث النافع. أنا مثلا كنت وراء مشروع ربط شاطئ شط مريم بديوان التطهير وقد تم رصد 17مليارا للبرنامج. مع العلم أن هذا الشاطئ الذي كان متنفسا للعائلات، هو اليوم ملوث ولا يشجع على السباحة. واشتغلت إلى جانب بقية نواب سوسة على احياء مشروع ميناء النفيضة وبعث المركز التجاري الضخم (سوسة مول) وعملت على حل المشاكل العقارية والفلاحية لاسيما بجهة النفيضة. هناك مناطق لا أحد كان يعرفها منها حومة الظلام (حمام معروف) على سبيل المثال. هذه المنطقة لم يكن بها طرقات ولا كهرباء ولا ماء صالح للشراب ولا ربط بديوان التطهير وهي تعاني من البناء العشوائي. أنا شخصيا عملت على أن تنال هذه المنطقة المنسية حظها. وقد عملت من أجل توفير عدد من المرافق الرياضية للجهة عموما. ومازال أمامنا عمل كبير في جل المجالات. هم يركزون (في إشارة إلى المنافسين) على الحضور وأنا أعتبر أن الأمور لا تقاس بنسبة الحضور وإنما بالفعل وبالفاعلية. وأنا شخصيا خدمت الجهة وأؤكد أننا كنواب عن دائرة سوسة وفي ظل الظروف التي عملنا لم يكن هناك شيء يمكن فعله ولم نقم به. وحتى فيما بتعلق بالمصادقة على مشاريع القوانين، انا عاهدت نفسي على ألا اصادق على مشاريع قوانين القروض الاجنبية وجل مشاريع القوانين التي تمت المصادقة عليها كانت مشاريع قروض. وبالتالي اقول أن بعض الانتقادات التي لا تستند إلى حجج فعلية هي تدخل ببساطة في باب المزايدة ومحاولات التشويه. بالنسبة لما يشاع حول السياحة الحزبية، أنا أحب أن أؤكد أني بقيت في حزب «نداء تونس» إلى آخر لحظة ولم أغير وجهتي إلا بعد أن تأكدت من استحالة مواصلة المهمة التي عهد بها إلينا الناخبون. أما بالنسبة للحصانة البرلمانية، فإني أؤكد أني لم استعملها في يوم ما وتخليت عنها عندما دعيت للتحقيق عن طيب خاطر وانا لست فوق القانون. أما فيما يتعلق بما يروج حول رجال الأعمال فإني لا انفي أن هناك فسادا ومحاولات للاستفادة من الموقع السياسي او النيابي لكن لا بد من تنسيب الأمور. فكل القطاعات في تونس( فلاحة طب، هندسة، تعليم، قضاة، محامون وغيرهم) لا تكاد تخلو من وجود فاسدين وبالتالي، إن التعميم ووضع الجميع في سلة واحدة لا يخدم البلاد ولا يساعد تونس على الاقلاع. على كل، ان وضعيتي واضحة، والدولة يمكنها مراقبة كل أعمالي وأؤكد، ويمكن التثبت من ذلك، أنني لم أستفد من موقعي كنائب في اعمالي ولم أنتفع بشيء في هذا الباب. ثم، إن رجال الاعمال هم شريحة من المجتمع والدستور يكفل لهم حقهم في الترشح للبرلمان. أنا مثلا من طينة رجال الأعمال الذين بدأنا من الصفر ونريد أن يؤمن التونسي أنه يمكن له أن ينجح مادام صادقا وعادلا مع العمال والموظفين. ان كل القطاعات تعاني من الفساد والدولة تقوم بسياسة انتقائية في مقاومة الفساد. وما عليها إن ارادت أن تواجه هذه الآفة إلا أن تطبق القانون على الجميع دون تمييز أو مراعاة أي اعتبارات أو مصلحة ضيقة. واعتبر أن الدولة يمكنها أن تقدم المثل في حسن التصرف وأن توفر على البلاد ما لا يقل عن 7 بالمائة من الميزانية إذا ما تخلت عن المصاريف الزائدة وعن الامتيازات غير المبررة التي تمنح للموظفين من سيارات وبنزين وغيرها. إن برنامج حزب قلب تونس هو برنامج اجتماعي اقتصادي. ولدينا قناعة أن بلادنا يمكنها أن تنجح لكن شريطة أن تتخلى عن السياسات التي تسببت في تعطيل عجلة الانتاج وعرقلت عملية انتاج الثروة وجعلت مشاعر الاحباط تتفشى بين المواطنين وتسببت في ارتفاع نسب الفقر والمديونية. إن الفقر ليس مكتوبا على تونس. فقط علينا أن نعيد الأمل إلى الناس حتى يعودوا إلى العمل والانتاج و ان نعيد الثقة إلى شبابنا الذين باتوا لا يفكرون إلا في الهجرة. وأعتقد أن قائمتنا لها كل الحظوظ للفوز لأننا نتقدم إلى الناخبين ببرنامج واقعي. نحن سنقترح عقدا اجتماعيا في الثلاثة أشهر الأولى (جميع مكونات الدولة) لايجاد حل للمشاكل الاستعجالية وبالتوازي مع ذلك سنشتغل من أجل عودة الاستثمار وعودة المشاريع التي تخلق الثروة ومواطن الشغل. لدينا مثلا ضمن برنامج قلب تونس مشروع لخلق 2000 شركة صغرى والهدف من ذلك أن يتمكن فرد على الاقل من كل عائلة معوزة من بعث مشروع يعود بالنفع على العائلة ويشجع على المبادرة الخاصة. حافظ الزواري رئيس قائمة حزب البديل التونسي: ميناء النفيضة سيوفر للدولة 3 نقاط في نسبة النمو ان احياء مشروع ميناء النفيضة الذي كان يكلف المجموعة الوطنية الف مليار خسارة في السنة هو مكسب للجهه وللبلاد.. وقد كنت لسان الدفاع عن المشروع وتمكنت من تحسيس مائة نائب أمضوا على عريضة من أجل المطالبة بالاسراع باحياء المشروع الذي سيوفر للدولة فيما بين 2 و3 نقاط من نسبة التنمية. وقد كلفني هذا المشروع بعض الخصومات مع عدد من النواب الذين كانوا يعارضون فكرة وجود ميناء النفيضة وجهدا كبيرا من أجل اقناع رئيس الحكومة بأهمية المشروع الذي سيقوم بدور كبير على المستوى التجاري واللوجستي. فليس لدينا كما هو معلوم الكثير من الموانئ العميقة وميناء سوسة وصفاقس هما وسط المدينة مما يعني أنه يمكن تحويلهما إلى موانيء ترفيه. المشروع الثاني الذي اعتز به هو مشروع مترو الساحل الذي سيخفف على جهة سوسة الاختناق المروري. فالمدينة شهدت توسعا عمرانيا كبيرا لم يقع للأسف التفكير فيه جيدا وهو ما تسبب في الحالة التي هي عليها اليوم. والمشروع قابل للإنجاز بعد انهاء الدراسات. هناك أيضا بعض المكتسبات الصغيرة التي تمكنا من تحقيقها بالتدخلات لدى الوزارات والمصالح المعنية، غير أني أعتبر أن دور النائب يتمثل بالخصوص في التركيز على البرامج البنوية. فالإدارة موجودة لحل مشاكل المواطن اليومية (أدوية كهرباء وماء واصلاح الحفر بالطرقات..) أما النائب فيجب أن يكون عمله استشرافيا. ونحن للأسف نمارس منذ أكثر من 20 سنة سياسة ترقيعية وقد حان الوقت للتفكير في المستقبل وفي الأجيال القادمة. ليس هناك سياحة حزبية وأعتقد ان المسألة فيها الكثير من المغالطة. وكل ما في الأمر ان نسبة من الذين يمتهنون السياسة بدل الحديث عن برامجهم، تراهم يسعون إلى تحويل الحملة الانتخابية إلى مناسبة لرمي النواب السابقين بالفشل دون أن يتقدموا ببرامج بديلة حقيقية. نحن ملتزمون أخلاقيا مع المواطن وهذا الالتزام هو الذي جعلني أغير انتمائي إلى حزب آفاق تونس الذي رغم أنه كان حزبا صغيرا إلا أنه حاول أن يكون فاعلا في البرلمان. وعندما أدركت أنه من واجبي أن أكون ضمن الكتلة التي وقفت ضد تغيير الحكومة انتصارا للاستقرار الحكومي، لم أتردد، بل كنت ضمن مجموعة من مؤسسي حزب تحيا تونس. كوّنا في البداية كتلة نيابية بهدف توفير حزام سياسي للحكومة التي مازال أمامها حينها 18 شهرا من العمل وكانت النية متجهة نحو تغييرها (وثيقة قرطاج 2) وقد اجتمعنا في اطار مجلس النواب ضد الاطاحة بحكومة السيد يوسف الشاهد. لكن الكتلة تحولت فيما بعد إلى مشروع سياسي وقفزت العديد من الشخصيات القادمة من آفاق سياسية مختلفة في الحزب ففضلت الخروج. أما عن سؤال لماذا حزب البديل التونسي بالذات، فإن الأمر بالنسبة لي كان بديهيا. فالحزب ينتمي إلى العائلة الوسطية ومهدي جمعة كان قريبا من تحيا تونس وآفاق تونس وأنا شخصيا عملت على أن ينضم إلى حزب آفاق تونس. بالنسبة للحصانة البرلمانية لا يمكن الحديث عنها إلا أذا تمسك بها النائب وأنا لم أتمسك بها عندما دعيت إلى التحقيق حول مسائل جبائية في2017 ( بصدد التخلي كليا عن مسؤولياتي المدنية)، بل تنقلت إلى مكان التحقيق وانتظرت لساعات ولم اتحصن بالحصانة البرلمانية التي اتخلى عنها بكل تلقائية. هناك اليوم في تونس الفساد الصغير الذي باتت تتطبع به نسبة كبيرة من التونسيين وهناك الفساد الكبير في علاقة بالصفقات وبالتهرب الجبائي والتهريب وغيرها. وأعتقد أن الفاسدين معروفين فردا فردا وإن أرادت الدولة أن تمارس دورها في مقاومة الفساد، فإنها لن تعوزها الوسائل. المهم أن تكون هناك ارادة حقيقية لمقاومة الفساد. وقد حاول يوسف الشاهد مقاومة هذه الآفة لكنه طبّع في نهاية الأمر مع الفساد الموجود في محيطه. أما فيما يتعلق بصورة رجال الأعمال، فإن الأمر بالنسبة لي واضح. لا بد من التمييز بين من يشتغل ويخلق الثروة وبين من يسرق هذا البلد. أولئك الذين يتهربون مثلا من الجباية ثم «يتمزّون» على الدولة حتى في شكل اعانات. واغلب ما يروج حول رغبة رجال الأعمال في الدخول إلى البرلمان من أجل الحصانة البرلمانية، هو في اعتقادي يدخل ضمن الشعبوية، لا غير. اعتقد أن بلادنا في حاجة إلى احزاب سياسية فاعلة. ولا أعول كثيرا على المستقلين لتسيير شؤون الدولة وحل مشاكل البلاد. وحظوظ قائمة البديل التونسي في سوسة وافرة وأنا شخصيا ما كنت لأواصل في السياسة (مهنتي ليست السياسة) لو لم ألاحظ تفاعل الناخبين مع المجهودات التي قمت بها في الجهة والاصرار على أن أواصل المهمة. فسوسة وخلافا لما يتداول ليست محظوظة في شيء وهي تواجه» الضرب» منذ سنوات رغم أن مواطن العمل ( أكثر من 700 الف موطن شغل) لا ينتفع بها أهل الجهة فقط وإنما هي مفتوحة على كل المواطنين من كل تراب الجمهورية. حياة السايب
