تجاهل تنظيف الأسنان قبل النوم: عواقب أكبر مما نتخيل    عاجل: البوليس يطيح برجلين في قضية سرقة مجوهرات من متحف اللوفر    شنوّة الBomb Cyclone؟ منخفض ينفجر في نهار واحد    علاش أوقفت الصيدليات الخاصة العمل بصيغة الطرف الدافع للأمراض العادية؟    دعم صغار الفلاحين وتعزيز صادرات الزيت المعلب: الحكومة تتحرك    عاجل: ديوان الخدمات الجامعية يفتح باب منحة التربص للطلبة...الرابط والآجال    "قوة استقرار دولية" في غزة.. واشنطن تعلن قائمة دول    رابطة الأبطال الافريقية - الجيش الملكي المغربي يعبر إلى دور المجموعات بفوزه على حوريا كوناكري 3-صفر    جامعة العمال التونسيين بالخارج تنظم يوم 24 جانفي 2026 الملتقى الجمعياتي الفرنسي تحت شعار 'العمل الجمعياتي جسر التضامن والتعايش الانساني "    لأوّل مرة: نادين نجيم وظافر العابدين في تعاون درامي رمضاني!    توزر: تأسيس نادي محاورات لتقديم تجارب إبداعية وحياتية    قابس: دعوة لتغيير المنوال التنموي القائم على الصناعات الكيميائية بمنوال جديد يضمن استدامة التنمية    تحب تحمي قلبك؟ تجنّب الأطعمة هذه قبل الصباح    الإنجاب بعد 35 سنة: شنو لازم تعمل باش تحمي صحتك وصحة الجنين    شوف شكون ضد شكون ووين: الدفعة الثانية من الجولة 11    البطولة الالمانية: بايرن ميونيخ يعزز صدارته بفوزه على بوروسيا مونشنغلادباخ    عاجل: غيابات في الترجي قبل مواجهة رحيمو    اليوم الأحد على 16:15... الريال والبرسا في كلاسيكو ناري    وزير الشؤون الدّينية يشارك في الملتقى الدولي للمذهب المالكي بالجزائر    طقس اليوم: سحب قليلة بأغلب المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    نهار الأحد: سخانة خفيفة والنهار يتقلّب آخر العشية    عاجل: مطار خليج سرت يفتح بعد 12 عام    ترامب يعلن إنهاء "الحرب الثامنة"    محمد رمضان يكشف عن تعاون فني غير مسبوق مع لارا ترامب ويعلن مشاركة حفيدة الرئيس الأمريكي في الكليب الجديد    قيس سعيّد يستقبل بيسان وبيلسان بعد ما شرّفوا تونس في تحدّي القراءة العربي    تايلاند وكمبوديا توقعان إعلانا لتسوية النزاع بحضور ترامب    خبير في قانون االشغل: التوجه العام لقانون الشغل الجديد حمائي واجتماعي لمجابهة التشغيل الهش    بطولة فرنسا: ثنائية لحكيمي تعيد باريس سان جيرمان إلى الصدارة    رئيس الدولة يستقبل التوأم الفائزتين في تحدي القراءة العربي بيسان وبيلسان..    قبل الكلاسيكو.. مبابي يتوج بجائزة لاعب الشهر في الدوري الإسباني للمرة الثانية تواليا    سوتو غرادو حكما لمباراة الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة    بعد وصوله ماليزيا.. ترامب يرقص على السجادة الحمراء أثناء استقباله    قمة الآسيان في كوالالمبور: تحولات عالمية حاسمة وملفات استراتيجية على الطاولة    المُق.اومة اللبنانية.. لن نُسلّم السلاح ولن تؤثر علينا الضغوط    مجلس وزاري مضيّق لمتابعة خطة إنجاح موسم زيت الزيتون 2025-2026    طقس الليلة    عاجل: بداية من الإثنين...الصيدية ماعادش تعطيك الدواء بهذه الصيغة    مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر .. أكثر من 20 مسرحية ...وندوة فكرية حول هوية المسرح التونسي    طلب فاق المعدلات العادية على أدوية الغدة الدرقية    تفكيك وفاق إجرامي مختص في ترويج المخدرات وحجز حوالي 350 غرام من الكوكايين    مطار قرطاج : استقبال بيسان وبيلسان أبطال تحدي القراءة في دبي    الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    مدنين: افتتاح فعاليات ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجزيرة جربة بلوحة استعراضية زينت سماء الجزيرة    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    تفاصيل تقشعر لها الأبدان عن جزائرية ارتكبت واحدة من أبشع جرائم فرنسا    رئاسة الحكومة تقرّر تعليق نشاط الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات لمدة شهر    وزارة الصحة: تقنية جديدة لتسريع تشخيص الأمراض الجرثوميّة    عاجل: وزارة التربية تعيد فتح المناظرة الخارجية لسنة 2024 لتوظيف أعوان..الرابط والآجال    عاجل: موسم فلاحي قياسي في تونس...خبير يكشف    سليانة: افتتاح موسم جني الزيتون    الفحص الدوري للسيارة: كيفاش تحمي روحك وكرهبتك قبل ما تصير مصيبة!    رضا الكشتبان يحاضر حول "تاريخية العلاقات التّونسيّة الإسبانيّة"    رسميا/ أودي "A6 سبورت باك إي ترون" في تونس: أيقونة السيدان الكهربائية.. فخامة واداء..مميزاتها وسعرها..    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على خلفية جريمة الماديسون.. التونسي والتطبيع مع اللامبالاة والسلبية.. ظاهرة تعيد خلط القيم
نشر في الصباح يوم 21 - 11 - 2019

كثيرة هي الأحداث والمآسي التي باتت تعكس لامبالاة التونسي في التعاطي مع مشاهد العنف اليومي في الساحات العمومية والفضاءات المدرسية وغيرها.. بل أن عديد المواقع الاجتماعية باتت تسجل يوميا إقدام البعض على تسجيل أحداث لا تخلو من الخطورة كأن يعمدوا إلى توثيق عمليات اعتداء او خطف او سرقة او قتل كما حدث مع الشاب آدم نهاية الاسبوع الماضي دون ادنى محاولة او اقدام على التدخل للمساعدة او للنجدة .. مشاهد واحداث من شانها ان تفرض اكثر من نقطة استفهام حول سلوكيات التونسي في التعاطي مع مختلف مظاهر العنف حتى وان لم يكن يشكل تهديدا له... فلماذا اضحى التّونسي اليوم سلبيا ولا مٌباليا الى هذه الدرجة؟ وهل الى هذا الحد تصاعد لديه مفهوم الفردانية ليتحول الى فرد اناني او حتى سادي في بعض الاحيان؟
هذه الاسئلة و غيرها باتت تفرض نفسها بشدة وتدعو الى اعادة تامل مفهوم القيم في مجتمعنا..
عقب الحادثة البشعة الاخيرة التي جدت في نزل "الماديسون"والتي ذهب ضحيتها الشاب ادم (بعد ان تعرض الى العنف الشديد الامر الذي ادى الى وفاته)، اذ لايستطع العقل البشري ان يستوعب كيف يمكن للبعض ان يعمدوا الى تصوير الضحية وتوثيق الحادثة عبر تقنية الفيديو وهو يتعرض الى شتّى انواع العنف والتنكيل عوض التدخّل وانقاذ حياته.. فاي تحولات تلك التي طرأت على شخصية التونسي لتجعله "يستمتع" الى درجة السادية على حد توصيف كثيرين بتصوير حادثة بشعة ومؤلمة ومستفزة وكل هاجسه نشرها على مختلف الصفحات الاجتماعية دون ان يسعى الى التدخل وانقاذ ما يمكن انقاذه...
وليست هذه المرة الاولى التي يعمد فيها كثيرون الى تصوير حالات العنف او التحرش الجنسي الذي يتعرض له البعض سواء في الشارع او في مختلف وسائل النقل. ورغم بشاعة بعض المواقف نجد أن التونسي كل هاجسه توثيق الحادثة والتفاعل معها "فايسبوكيا". اذ لم يعد التونسي اليوم تغلب عليه كما في السابق قيم الشهامة والشجاعة لذا اضحى وعلى حد قول كثيرين يطبق وباتقان مقولة : "نفسي نفسي وبعدي الطوفان"....
في تقديمه لقراءة مطولة للمسالة، لا سيما في علاقة بالتحول الطارئ على شخصية التونسي يٌشير الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين في تصريح ل "الصباح" ان هنالك عديد المتغيرات على المستوى الدولي والمحلي" . واعتبر الباحث في علم الاجتماع في البداية ان نموذج المواطنة قد تغير فالدولة كانت مهيمنة على الفضاء العام وعلى هامش الحريات الذي كان محدودا لدى المواطن التونسي فضلا عن ان تعامل المواطن مع الفضاء العمومي فيه نوع من الخوف والرييبة والعدوانية اي تعامل لا مسؤول مع كل ما يتنتمي للدولة وللفضاء العمومي.
اما بعد ثورة 2011 "فقد تغيّر النموذج واصبحنا نتحدث عن مواطنة احتجاجية وضعف هيبة الدولة بصفة عامة كما تغيّر بشكل كبير هامش الحريات وسادت عقلية الافلات من العقاب وهو ما انجر عنه ضعف آليات المراقبة كما ساد ايضا ما يعرف بالتهرب من العلاقات وتحديد مفهوم اللامبالاة"، على حد تعبيره.
تصاعد الفردانية
وفسر الباحث في علم الاجتماع في هذا الخصوص ان هذه الوضعية انجر عنها تجاوز مؤسسات التنشئة الاجتماعية ( العائلة، المدرسة، الاعلام...) واصبحت لا وظيفية تعاني اساسا من ازمة هيكلية على مستوى التسيير وعلى مستوى القيم التي يضبط فيها النموذج واساسا مفهوم القائد فكل المؤسسات الاجتماعية بكل مستوياتها تعاني ازمة على مستوى مؤسسات الدولة لا سيما الخدمات التي يقدمها المواطن في حين ان الثورة جاءت لتعطي او تمنح نفسا جديدا. وهو ما ادى الى ازمة قيم نتج عنها تصاعدا لمفهوم الفردانية.
واوضح عز الدين في هذا الشان ان الفرد اصبح متمركزا على ذاته يختار كل ما يمس حياته الشخصية دون تدخل اي طرف مهما كانت السلطة التي تمارس عليه فعلي سبيل المثال اضحى الاب لايتدخل في الخيارات الشخصية لابنائه كما هو الحال سابقا. وبالتالي فقد تراجعت سلطة الاب كما تراجعت بعض القيم الاخرى على غرار قيم العمل والعلم فضلا عن الاحساس بالواجب او المسؤولية. وقال عزالدين في هذا الشأن : "طغت على قيم المواطنة المصلحة الفردية وهو ما انجر عنه تصاعدا لمفهوم الفردانية لتصبح الذات متمركزة على ذاتها".
من جانب آخر اشار الباحث في علم الاجتماع الى "اننا نعيش اليوم عصر الصورة وليس الكلمة بعد ان كانت الكلمة في حد ذاتها تعتبر موقفا بما انه في السابق كانت الصفقات التجارية تنفذ وعلى حد تاكيده "بالكلمة"، وهو اكبر دليل على وجود نموذج مجتمعي قائم على كل ما هو جماعة، لكننا اليوم اضحينا نعيش مجتمع الافراد ليعطي بذلك كل شخص الاولوية لذاته على الاخرين قائلا :" لعل كثافة صور السلفي التي تنشر حاليا يشكل كبير في مختلف الصفحات الاجتماعية خير دليل على ذلك".
واضاف محدثنا "ان هذه التحولات والمتغيرات الاجتماعية افرزت ان الفرد اصبح القيمة المركزية للمجتمع وبالتالي حين تحدث اشكالية ما يجد الفرد نفسه وحيدا متروكا من قبل الجماعة حيث تراجع بشكل كبر مفهوم الجماعة بعد ان كان المجتمع التقليدي يقوم على الجماعة فمصلحة الفرد في هذا المجتمع تاتي قبل الجماعة" .
لا مبالاة.. وسادية
ليخلص الباحث في علم الاجتماع الى القول بان التحولات الاجتماعية السالفة الذكر اسفرت عن تعامل الفرد بلامبالاة او حتى سادية مع بعض المواقف فحتى نوعية الجرائم تغيرت اليوم واصبحت ترتكب بشكل كبير في الفضاء العام كنوع من انواع التعبيير على الذات بعد ان كانت مرتبطة اكثر بالفضاء الخاص قائلا :" طغت اليوم قيم الفردانية والتهرب واللامبالاة تجاه ما هو اجتماعي لنقف على عدوانية بلغت في بعض الاحيان حد السادية".
تجدر الاشارة الى ان نشطاء من المجتمع المدني قد نفذوا امس وقفة احتجاجيّة أمام نزل الماديسون الذي توفي فيه الشاب آدم بوليفة ابن ال23 سنة بعد الاعتداء عليه بالعنف من طرف أعوان الحراسة حيث طالبوا بمحاسبة المجرمين المتورّطين في جريمة القتل.
منال حرزي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.