معاناة يومية يعيشها متساكنو ولايات تونس الكبرى مع وسائل النقل العمومي وخاصة مع حافلات وعربات مترو شركة نقل تونس، وبين تأخير في الرحلات وتوقف فجئي للحافلات والمترو، تضيع مصالح المواطنين، هذه المعاناة تعود إلى عدة أسباب مثل الاكتظاظ، وعدم قدرة شركة نقل تونس على استيعاب الكمّ الكبير من المسافرين يوميا، ويبلغ طول شبكة الحافلات 6800 كلم عبر 221 خطا وأكثر من 1500 حافلة، شبكة المترو الخفيف طولها 61 كلم عبر 136 عربة و6 خطوط، وخط قطار تونسحلق الواديالمرسى الذي يبلغ طوله 19 كلم، وتشغّل فيه 18 عربة. تتصدر خدمات النقل العمومي قائمة اهتمامات المواطن في إقليم تونس الكبرى وأبرز انشغالاته اليومية التي لم تجد حلولا مقنعة وعملية ذات جدوى وفاعلية ملموسة منذ سنوات متتالية أمام عدم جاهزية أسطول الحافلات والمترو الخفيف والنقص الفادح في التجهيزات والعربات، وهو ما ألقى بضلاله على المشهد العام داخل أربع ولايات تمثل أهم ثقل سكاني في البلاد لتفرز تأخيرات يومية في الالتحاق بالدراسة والعمل وقضاء المصالح وتكون سببا في تنامي القطيعة وفقدان الثقة بين المواطن الحريف الذي يعتبر خدمة النقل العمومي واجبا من واجبات الدولة نحوه ومؤشرا من مؤشرات جودة الحياة التي تسهر مؤسساتها على ارسائها تفعيلا للعقد المدني الذي يقضي بحسن تصرفها في مواردها والمحافظة عليها باعتبارها أموالا عمومية موجهة بالأساس لخدمة المواطن وبين شركة نقل تونس بكل مكوناتها. ويعتبر ملف النقل ملفا شائكا لتعقده ولكثرة المتدخلين فيه سيما بما يحيط به من غموض واستفهامات أفرزت شكوكا واتهامات معلنة بالفساد وسوء التصرف والتسيير خلال الفترة التي أعقبت الثورة والتي أفضت إلى طرح الإخلالات القائمة خاصة على مستوى إجراء الصفقات العمومية منذ فترة ما قبل جانفي2011 وهي ملفات نتركها لعارضيها لتناولها تحت قبة البرلمان وفي أروقة المحاكم، لننزل إلى الميدان ونرصد انطباعات المواطن الحريف وننقل واقع خدمات النقل العمومي من خلال متابعة لخط النقل (حي التضامن– تونس) الذي يشهد ضغطا كبيرا بالنظر الى الثقل السكاني لمنطقة التضامن. معاناة يومية «الصباح» تابعت جزءا من ظروف تقديم خدمة النقل العمومي عبر حافلات شركة نقل تونس انطلاقا من المحطة النهائية بحي التضامن في حدود الساعة السابعة صباحا حيث كانت مجموعات غفيرة من المواطنين تنتظر انطلاق أول سفرة على متن الحافلة "3 ث" أعداد تتجاوز بأضعاف كثيرة حمولة الوسيلة المنتظرة تستعد للانقضاض على أبوابها حال ظهورها ثم اقترابها ليبدأ السباق نحو الحافلة ومحاولة الالتصاق بهيكلها المهترئ ويتقوس جوفها إبان فتح أبوابها لتستوعب جزءا ضئيلا من المرابطين بالمحطة وتنطلق بأبواب مفتوحة نحو محطة البلهوان بباب الخضراء لتبقى أعداد أخرى يغلب عليها العنصر النسائي في انتظار أن يحل ركب الحافلة الموالية على أمل الظفر بمكان وسط تذمر وغضب ومخاوف من تأجيلات أخرى ستكون سببا في تأخرهم عن مراكز عملهم التي لا يعترف مسؤولوها بتبريراتهم.. تنطلق حافلات حي التضامن في رحلاتها على أن تقل أعدادا أخرى من الحرفاء عند مرورها بحي التحرير وقصر السعيد وباردو وبوشوشة، لكن من العسير أن يظفر هؤلاء بخدمة النقل العمومي فيتوجه اهتماماهم وتركيزهم وترصدهم لسيارات التاكسي الجماعي أو القيام بمحاولات "ستوب" تنتهي عادة بالفشل ليكون مصيرهم نفس مصير من بقي عالقا في محطة التضامن، معاناة تتواصل بقية ساعات اليوم لتشمل الطلبة الذين يتعذر عليهم في كثير من الأحيان الالتحاق بجامعاتهم بالنظر إلى الاكتظاظ المسجل بالحافلة اليتيمة المخصصة لهم حيث عاينا بقاء عشرات من الطالبات والطلبة رهن الانتظار ما دفعهم إلى الاستنجاد بسيارات التاكسي الفردي. متابعتنا الميدانية للوضع في محطة حي التضامن، أكدت تباعد توقيت الرحلات المنطلقة من حي التضامن باتجاه وسط العاصمة بشكل يجعل جميع المحطات تعج دائما بالمواطنين إلى جانب الحالة السيئة للحافلات وما تشكوه من تهرؤ بشكل يدل على ضعف الأسطول وتردي خدمات النقل في ولايات تونس الكبرى. وفي انتظار ايجاد حلول حقيقية لمشاكل النقل في تونس الكبرى، يدفع المواطن ثمن تأخر وسائل النقل العمومي وعدم صلوحية العديد منها، وحتى لا تطالعنا كارثة جديدة على الطرقات وجب على السلطات المعنية التدخل الحاسم في أقرب الآجال.. للاشارة اتصلت "الصباح" بمصالح شركة نقل تونس لأخذ موقفها في هذا الموضوع لكننا لم نحظ بأي جواب. وجيه الوافي