متفقدة عامة للتعليم الإعدادي والثانوي تلقت الصباح نيوز مقال رأي من الدكتورة سلوى العباسي متفقدة عامة للتعليم الإعدادي والثانوي حول الامتحانات. وفي ما يلي نص المقال: في وقت برهنت فيه وزارة الصّحة بكامل فريقها وعدّة مواردها البشريّة واللوجستيّة على حسن إدارة لأزمة انتشار وباء الكورونا، تبدو وزارة التربية إلى حدّ الأن كسيحة عاجزة تتوخّى سياسة الارتجال ولعبة السيناريوهات المحتملة وملاحقة الأحداث واتّباع منطق "لكلّ حادثة حديث". يكفي أنها لم توسّع من دائرة الاستشارة مع أهل الخبرة والاختصاص ولا لجنة علمية أو قاعة عمليات لديها ، إذ اكتفت باجتماع يتيم مع النقابات وتصريحات محتشمة متذبذبة عبر وسائل الإعلام، قد تثير من المخاوف وتطرح من الأسئلة، أكثر ممّا تقترح من الحلول والأجوبة، ليستقرّ قرار السيد وزير التربية المبتدئ على ترك الأمور لما سيحدث وما سيكون بحكم الطبيعة أو جهود إستراتيجيا بقيّة الأطراف والوزارات ،فيغدو السيناريو المحتمل المصرّح به مؤخرا وعلنا على لسان المسؤولين والمتحكمين في الشأن التربويّ العامّ لآلاف التلاميذ: - إمكانية توقّف كلّ الدروس والامتحانات لكلّ المستويات باستثناء الأقسام النهائية في كلّ المراحل. - إمكانية استئناف العودة للأقسام المعنية بالامتحانات في عزّ الصائفة مع إجراء تلك الامتحانات من نهاية جوان أو بداية جويلية إلى أوت والأدهى من كلّ هذا الحفاظ على نفس الترتيب أي، الباكالوريا أولا والتاسعة ثانيا والسادسة ثالثا. لم تفكّر وزارتنا الموقرة ومن يمسك أخطر الملفات على الإطلاق بعد الملفّ الصحيّ -وهو التّعليم في السيء والأسوأ لا قدّر الله- وهو أننا قد نضطر -حتى نتجنب السنة البيضاء- إلى اجتياز امتحاناتنا الوطنية والوباء لم يتوقف انتشاره تماما ، هذا يعني أنه في كل قاعة من قاعات مؤسساتنا سيجلس عدد قليل من المترشحين قد يكونون أقل من 10 يضعون أقنعة وقفازات وربما ألبسة وقاية أخرى مع عدد أكبر من المراقبين ومن العملة والكتبة والإداريين قد يفوق الضعف بحكم ضاغطات نجهلها منها الزمان والمكان. لم تتحسّب وزارتنا ومستشاروها والقائمون بأمر التربية لضرورة إعداد مؤسساتنا لوجستيا وتنظيميا ووقائيا لاحتضان هذا الحدث المجتمعي الكبير وإنجاحه في ظروف قد لا تخطر على بالنا، وهذا يتطلّب الموازاة الاستعداد لمخزون إصلاح أكبر ماديا وبشريا ولموارد إعاشة أعظم، ولعدد مضاعف من مراكز اجتياز الاختبارات الكتابية ومراكز الإصلاح، يكون فيها عدد القاعات مناسبا مجهزا (تماما كالمستشفيات) وتكون التجهيزات والمطابخ والمبيتات في اتساق تام مع قواعد حفظ الصحة والوقاية ومنع مزيد انتشار العدوى. وحين تحدثنا وزارتنا عن إمكانية استئناف الدروس في قلب الصيف، فهذا يعني أنها ستستأنف من تطاوين إلى بنزرت وفي درجات حرارة قد تصل الخمسين في بعض الجهات، وستكون في عدد محدود من الساعات ،لا يتجاوز منتصف النهار، مع عدد مكثّف من المواد والمحتويات، لن تدرّس إلاّ إلقاء وتلقينا وجريا وراء الوقت والبرنامج وهذا معروف، لتخص المساءات للدروس الخصوصية وتتعاظم الفوارق بين الفقير والغنيّ، وقد كان بالإمكان تجنّب كل هذا بالتنسيق مع لجان إعداد الامتحانات واتخاذ قرار تخفيف ما يمكن تخفيفه من مواد، كاللغات والمواد الإنسانية والاجتماعية التي لا صلة بين محاورها. ولكن كل المواضيع منجزة مختومة، معلّبة،مخزّنة ،مقفول عليها بالمفاتيح والمتاريس، "فمن ذا سيحاول فكّ ضفائرها؟" وهل فكّر أي مسؤول في ضرورة فتحها وتعهّدها بالتنقيح والتّعديل، مع خطّة بيداغوجية موازية تقوم على إعادة جدولة الحصص والمحتويات واقتراح مقاربات اختزالية أفقية إدماجية مع مدونة تمارين وتطبيقات وأدلّة عمل يسهم المتفقدون والمدرسون عن بعد في بنائها وتصميمها منذ الآن وقبل فوات الأوان ،وتنزّلها وزارة التربية على موقعها الرسمي بمثابة "منهاج خصوصي" أو وحدات تعلّم وتقييم تفرضها بيداغوجيا الطوارئ. أمّا عن التدريس المتباعد أو المتلفز فعدّة محاذير تحفّ به وتعرّضه إلى أن يكون حلاّ ناجعا على قدر إمكانية فشله، متى لم يتبع من وزارة التربية نفسها ومن معدي هذه الدروس بآليات رقابة ومتابعة وتشخيص وتعزيز تشرك المتعلمين في الفرجة وتضمن أقصى حدود الإفادة بالفهم والتطبيق كمّا ونوعا ، وخاصة تضمن عدم الحطّ من مبادئ التربية والتعليم الوطنيين وعدم مساس تكافؤ الفرص وتساوي الحظوظ ومغالطة كونها غير خاضعة للجزاء والإشهاد واضحة وضوح الشمس لأنّ من سيستفيد منها غير من سيحرم منها لأيّ سبب من الأسباب، إضافة إلى كونها لا تخرج عن كلّ ضروب التلقين والإملاء. إنّ السماء ليست زرقاء – سيدي وزير التربية- كما قد تظنّ ولا العصافير تزقزق وقت الامتحانات ما لم تكن في حجم ما ينتظرك من مسؤوليات.