رئيس الدولة يشيد بالتضامن الشعبي ويحذر من المتآمرين على سيادة الوطن    عاجل/ تواصل البحث عن الشاب الذي غرق في الهورية منذ يومين..والغواص ختام ناصر يكشف تفاصيل جديدة..    قراءة قانونية معمّقة في تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية ... حوار مع الأستاذة نجاة البراهمي الزواوي    وزارة الداخلية: صفحات تعمدت ترويج مغالطات ضد المؤسسة الامنية و يجري تتبعها قضائيا    ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    رئيس الجمهورية يقلد بطل السباحة العالمي أحمد الجوادي بالصنف الأول من الوسام الوطني للاستحقاق    اليوم.. طقس صاف والحرارة في ارتفاع طفيف    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طقس مستقر وارتفاع طفيف في درجات الحرارة بمختلف الجهات    "عربون" لعماد جمعة على ركح مهرجان الحمامات: عرض كوريغرافي يرقص على جراح الفنان التونسي في ظل الوجع والتهميش    تونس وجهة صحية إقليمية: اجتماع وزاري لدعم السياحة العلاجية وتصدير الخدمات الصحية    5 دول إفريقية تدفع ثمن سياسات ترامب بشأن "وسائل منع الحمل"    مصر.. الكشف عن قضية غسل أموال كبرى عبر تيك توك    رئيس الجمهورية يقلد بطل السباحة العالمي أحمد الجوادي بالصنف الأول من الوسام الوطني للاستحقاق في قطاع الرياضة    الجزائر.. مقتل 4 أشخاص في سقوط طائرة بمطار جيجل    "قتلوا للتو بيليه فلسطين " .. أسطورة مانشستر يونايتد يهاجم إسرائيل    الخطوط الجوية الفرنسية تعلن عن اختراق أمني لبيانات المسافرين... وتحذر من رسائل مشبوهة    رئيس الجمهورية يستقبل البطل التونسي أحمد الجوادي    قيس سعيّد: الشعب التونسي سيُحبط محاولات التنكيل به وتأجيج الأوضاع    تعرض لأزمة صحية شديدة.. نقل الفنّان المصري محمد منير الى المستشفى    بعد عقد على إغلاقها.. تونس تعيد افتتاح قنصليتها في بنغازي    سياحة: تونس تسجل أرقاما قياسية في عدد الوافدين والإيرادات خلال النصف الأول من عام 2025    المهرجان الصيفي «مرايا الفنون» بالقلعة الكبرى .. عبد الرحمان العيادي في الإفتتاح وسنيا بن عبد الله في الإختتام    تاريخ الخيانات السياسية (38): قتل باغر التركي    مستقبل القصرين: انهاء مهام المدرب ماهر القيزاني    إيقاعات إفريقية في قلب العاصمة: ديان آدامز يحيي سهرة استثنائية بساحة النصر    20 ألف هكتار مهددة: سليانة تتحرك لمواجهة آفة 'الهندي'    في دورتها الثلاثين... تتويج مبدعات تونسيات بجائزة زبيدة بشير... التفاصيل    مدير جديد لوكالة التحكم في الطاقة    مكانة الوطن في الإسلام    مبادرة لتنظيم "الفرنشيز"    قفصة : برمجة 18 مهرجانا صيفيّا خلال هذه الصائفة    بطولة الرابطة المحترفة الاولى: الاولمبي الباجي يعلن عن تسوية كل النزاعات والمشاركة في البطولة    عاجل/ مقتل وزيرين في تحطم مروحية بهذه الدولة..    عاجل: لقاء الترجي مهدّد بالتأجيل... وهذا هو السبب !    السالمي: إلغاء جلسات التفاوض حاجة خطيرة وبرشة حاجات صارت اليوم تفوق الخطورة    مدنين: فتح تحقيق في ملابسات وفاة شاب أثناء شجار مع عدد من الأشخاص    فتح باب الترشح للطلبة التونسيين للتمتّع بمنح دراسية بمؤسّسات جامعية بالمغرب وبالجزائر    توننداكس يسجل تطورا ايجابيا قارب 31ر16 بالمائة خلال النصف الأول من سنة 2025    عاجل : الحرس الوطني يكشف معطيات حول فاجعة اشتعال النّار في يخت سياحي بسوسة    عاجل: دولة عربيّة تعلن الحرب عالكاش وتدخل بقوّة في الدفع الإلكتروني!    ما هي التطورات المتوقعة في قطاع الاستهلاك الصيني؟    نجم المتلوي يعزز صفوفه بالمهاجم مهدي القشوري    50 درجة حرارة؟ البلاد هاذي سكّرت كل شي نهار كامل!    عاجل/ رئيس قسم طب الأعصاب بمستشفى الرازي يحذر من ضربة الشمس ويكشف..    علامات في رجلك رد بالك تلّفهم ...مؤشر لمشاكل صحية خطيرة    كيلي ماك.. نجمة The Walking Dead تخسر معركتها مع المرض    الحمامات: وفاة شاب حرقًا في ظروف غامضة والتحقيقات جارية    لبنان يغيّر اسم شارع حافظ الأسد إلى زياد الرحباني    ماء الليمون مش ديما صحي! شكون يلزم يبعد عليه؟    كارثة في جنوب فرنسا: نار الغابات تقتل وتهدد آلاف المنازل!    جريمة مروعة تهز هذه الولاية..والسبب صادم..#خبر_عاجل    أوساكا تتأهل إلى قبل نهائي بطولة كندا المفتوحة للتنس وشيلتون يُسقط دي مينو    الرابطة المحترفة الاولى : شبيبة العمران تعلن عن تعاقدها مع 12 لاعبا    مهرجان قرطاج الدولي 2025: الفنان "سانت ليفانت" يعتلي ركح قرطاج أمام شبابيك مغلقة    تاريخ الخيانات السياسية (37) تمرّد زعيم الطالبيين أبو الحسين    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي/ عن الزكاة والأوقاف ونخبة احتقار الذات!؟
نشر في الصباح يوم 21 - 05 - 2020

كنت قبل ثلاث سنوات ونيف في بنغلاديش، وهي دولة علمانية تفصل بين الدين والدولة منذ أسسها الشيخ مجيب الرحمن سنة 1971 كانشقاق عن دولة باكستان التي كانت تشكل الجزء الشرقي من إقليمها منذ الاستقلال عن بريطانيا وتقسيم شبه القارة الهندية أواخر الأربعينيات. هذا رغم ان مبرر وجود بنغلاديش وقبلها باكستان، هو الإسلام، فما يميز "بنغال" بنغلاديش عن "بنغال" الهند هو ان غالبية الأوائل مسلمون، فيما يدين غالبية الهنود البنغال بالهندوسية والبوذية، لكن الاسلام اصبح ينظر اليه في بنغلاديش باعتباره مقوِّما من مقوّمات الأمة البنغلاديشية الجديدة وعنصرا مميزا من عناصر ذاتيتها القومية، فحتى البنغلاديشيون الملحدون يعتبرون انفسهم مسلمون ثقافيا ولا يجدون غضاضة في اعتماد الرموز الاسلامية ليس من باب التديّن بل من باب الاعتزاز بالذات الحضارية
وكان الشيخ مجيب الرحمن، الذي تحكم بنغلاديش حاليا ابنته الشيخة حسينة واجد، نموذجا للزعيم العلماني المتديّن المعتز بثقافته القومية الاسلامية، وهو أمر ينطبق على جل القادة المسلمين الذين ساهموا في تحرير شبه القارة الهندية من الاستعمار البريطاني وأسسوا دولة باكستان بشقيها الغربي والشرقي، وعلى رأسهم الزعيم محمد علي جناح الذي اسس الرابطة الاسلامية الهندية وكان الشخصية الثانية في سلم القادة الهنود بعد الماهتما غاندي، وكان هذا المحامي البارز ذا جذور شيعية إسماعيلية، كعدد من الزعماء الباكستانيين الآخرين مثل ذو الفقار علي بوتو، علماني الفكر والسلوك لكنّهُ كان شديد الاحترام للاسلام باعتباره ركيزة من الركائز التي قامت عليها الأمة الباكستانية، فالعلمانية والقومية لا تعني كما يفهمها بعضنا حالة عداء بنيوي لكل ما يمتّ للاسلام بصلة.
وقد اتيت على سيرة زيارتي البنغلاديشية انطلاقا مما رأيته في هذه الدولة العلمانية المسلمة من احترام للرموز الاسلامية، ومن ذلك على سبيل المثال افتتاح جميع نشرات الاخبار في جميع القنوات بعبارة "السلام عليكم"، هكذا ينطقها قراء نشرات الاخبار إناثا وذكورا بالعربية، وقد قلت لأحد رفاقي في تلك الرحلة، لو طلبنا من قراء نشرات الاخبار ان يستهلوا قراءاتهم بالسلام لقيل انه قد جرى "أخونة" وسائل الاعلام، في حين انه ليس هناك أجمل من "السلام عليكم" في جميع عبارات التحية في كل اللغات الحية والميتة، لكن ماذا نفعل مع نخبة تحتقر ذاتها وتراثها الوطني بدل الاعتزاز به، وتنظر الى الحقل الدلالي والموروث الديني وكأنه جزء من الأصل التجاري للحركات الاسلامية، وفي ذلك تناقض عجيب فهؤلاء من جهة يلومون حركة النهضة الاسلامية على احتكار الاسلام ومن جهة ثانية يَرَوْن في كل ما يمت للاسلام بصلة "شأناً نهضويا".
وفيّ هذا الإطار وددت الإشارة إلى الكيفية التي يتناول بها بعض دعاة الحداثة والعلمانية المتطرفة مسائل مستجدة من قبيل "الأوقاف" أو "الزكاة"، فهؤلاء يَرَوْن في هذه المواضيع محاولات "نهضوية إخوانية إسلامية" لامتلاك وسائل حركيّة من اجل تنفيذ مخططات سياسية، فيما انظر اليها باعتبارها ضربا من ضروب "العودة إلى الذات" والتصالح معها، فدون صناعة إنسان معتز بذاته الحضارية لن يكون بمقدورنا صناعة التقدم وتحقيق التنمية. وهي وسائل لها ما يقابلها او يعادلها لدى الامم الغربية وفيّ اعرق الديمقراطيات الأوربية والأمريكية، ففي فرنسا او المانيا او امريكا او كندا بمقدور المواطن اليوم تأسيس وقف وإنشاء صندوق للزكاة، وليس في ذلك ما يتعارض مع الديمقراطية او العلمانية، فالقانون العام يسمح بذلك مادامت مصارف هذه المؤسسات منضبطة للشروط والالتزامات القانونية، بين يجد استحالة في فعل ذلك في بلده الأصلي.
فلماذا يا ترى بمقدور المسلم أن ينشئ وقفا او يؤسس صندوقا لجمع الزكاة في هولندا مثلاً، بينما يعجز عن ذلك في باد عربي مسلم. إن غالبية من قاموا بذلك في الغرب هم مواطنون غربيون من اصول إسلامية وليسوا من جماعة الاخوان المسلمين، وفيّ حمأة الحملة على الارهاب والجماعات الإرهابية لم تقم السلطات جزافا باتهامهم بتمويل الاعمال والانشطة الإرهابية، ففي الجريمة يعتمد التخصيص لا التعميم حرصا على العدالة.
لقد ألغى الزعيم بورقيبة الأوقاف من منطلقات سياسية وليست دينية، بل لقد كان المنطلق الاساسي لديه في هذا القرار السعي الى تأميم الشأن الديني واعتباره "شأن دولة"، وهو سلوك مخالف لروح العلمانية التي يحاول بعضهم تأويل الزعيم على ضوئها، فبورقيبة كان حريصا على ان يكون الاسلام الى جانبه لا الى جانب خصومه عند خوضه لمعاركه السياسية معهم. أما وقد تجاوزنا هذا السياق التاريخي الى مرحلة جديدة تقوم على مقاربة الدولة المدنية فقد ان الاوان لخوصصة الشأن الديني، ولو تدريجيا، فالدين لله والوطن للجميع، ومن حق المتديّنين في كنف احترام القانون العام ان يقيموا مؤسساتهم،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.