نشرت وزارة الصحة كلمة الدكتور فوزي مهديفي موكب تسلّم مهامه على رأس وزارة الصحّة وجاء فيها ما يلي: بكلّ فخر واعتزاز أتولّى على بركة الله وعونه تسلّم مقاليد وزارة الصحّة التي سبق أن نالني شرف الانتماء إليها والعمل صلبها إلى جانب أعوان وإطارات أكفّاء متطلّعين دوما نحو تطوير أفضل السياسات الصحيّة للبلاد وتقديم أرقى الخدمات الوقائيّة والعلاجيّة للمواطن التونسي. فخر واعتزاز أشعر بهما للثقة التي منحت في شخصي للإشراف على حظوظ هذه الوزارة العتيدة، معبّرا عن امتناني للدّعم الذي يلقاه هذا القطاع لدى الحكومة وللرعاية الفائقة التي تحيطه بها رئاسة الجمهوريّة ومجلس النوّاب. وفي البداية، اسمحوا لي أن أتوجّه بخالص الشكر إلى الحبيب الكشو، الوزير لكلماته اللطيفة نحو شخصي متقدّما بصادق التقدير للجهود التي بذلها على رأس وزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة وسعيه لتطوير منظومة الصحة العمومية والحد من التفاوت بين المواطنين في النفاذ إلى الرعاية من خلال العمل على تحقيق المشاريع المعطّلة والتي هي بصدد الإنجاز. وهذا ما سنواصل القيام به جميعا بتضافر جهود كل المتدخلين في هذا القطاع الحيوي والحساس والعمل جميعا على إخراج المنظومة الصحية من أزمتها والإستجابة للتحديات الكبرى التي تعترض هذه المنظومة خاصة تلك التي تمّ تحديدها من طرف الحوار المجتمعي بمرحلتيه منذ أكتوبر 2012 واستجابة لما نص عليه الفصل 38 من الدستور بضمان الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن وتوفير الامكانيات الضرورية لتحقيق السلامة وجودة الخدمات الصحية، وتوفير العلاج المجاني لفاقدي السند ولذوي الدخل المحدود. كما ستكون أولويتنا في هذه المرحلة الدقيقة والظروف الخاصة التي تمرّ بها تونس والعالم بأسره، على مقاومة تفشي مرض الكورونا الجديد وانتشاره بين أهالينا. وإيمانا منّا بأنّ الوقاية ركيزة أساسية لمنظومتنا الصحية، فإني أؤكد على عزمنا تعزيز الهياكل المكلفة بمراقبة الأمراض (السارية وغير السارية) والوقاية منها، وتطويرها ودعمها بالموارد البشرية والمالية حتى تقوم بدورها على أحسن وجه، وإدراج الصحة في جميع السياسات العامة والحد من انتشار الأمراض ذات الصلة بعوامل الاختطار السلوكية والبيئية والمحددات الاجتماعية للصحة سعيا إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وفي هذا الإطار سنعمل على إحداث وكالة وطنية للوقاية ومكافحة الأمراض جامعة لكل الأطراف المعنية بالوقاية. علاوة على ذلك وبالتوازي سنعمل جميعا، وبمشاركة كل الأطراف المعنية، على: 1. التنسيق مع الجهات المعنية لإيجاد الصيغ الكفيلة بمراجعة نظام التأمين على المرض على أساس تغطية فاقدي السند وذوي الدخل المحدود وتعزيز القدرة المالية للمؤسسات الاستشفائية العمومية. 2. تحديد كلفة الأعمال العلاجية بكل الخطوط الصحية بفضل المنظومة المعلوماتية "الطبية الاقتصادية" التي تمّ تطويرها ببعض الهياكل الصحية العمومية منذ سنة 2014، 3. مراجعة النصوص القانونية قصد تحفيز الإطارات الطبية وشبه الطبية والإدارية والتقنية العاملة بالهياكل الصحية العمومية والسعي إلى رقمنة هذه الهياكل بنسبة 100%. 4. التقليص من التفاوت الجهوي وفك العزلة بين الجهات بمزيد تقريب الخدمات الصحية ذات جودة عالية من المواطنين وذلك بتأهيل الأقسام الاستشفائية (خاصة بالنسبة للاختصاصات الحياتية) بمستشفى على الأقل بكل ولاية وخاصة تطوير وتأهيل أقسام الطب الاستعجالي والانعاش الطبي بهذه المستشفيات ومواصلة تعزيزها بكل وسائل التشخيص اللازمة من تصوير طبي وتحاليل طبية، وتعزيز أهم المراكز الصحية الأساسية والمراكز الوسيطة بكل معتمدية بسيارات إسعاف مجهزة. 5. تطوير المنظومة الخاصة بالتصرف في الأدوية والمستلزمات الطبية وتوفيرها بالكميات اللازمة ودعم انتاجها وترشيد استهلاكها وتطوير أساليب الحوكمة الخاصة بها. وفي هذا الإطار سنسرع في إجراءات إحداث الوكالة الوطنية للدواء. أساتذتي، زملائي وأصدقائي، ضيوفنا الكرام هذه الخطوط العريضة لبرنامج عمل ارتأيت اقتراحه عليكم بهذه المناسبة وإني على يقين أنّنا قادرون جميعا على تحقيق هذه الأهداف، وغيرها التي لا يسمح الوقت بذكرها كلها، على أن نتحلّى جميعا بالقيم التالية: − أولا المسؤولية: كلنا مسؤولون وكلنا سنساءل يوما ما على مسؤولياتنا من رئيس المصلحة إلى الوزير وإني أدعوكم جميعا لتحمّل هذه المسؤولية وأخذ المبادرة قصد تحقيق الأهداف المرسومة للرفع من نجاعة الخدمات المسداة لفائدة المواطن التونسي محور ومركز المنظومة الصحية. − ثانيا الشفافية: حيث سنعمل معكم على تكريس مبادئ الحكومة المفتوحة صلب الهياكل الصحية العمومية وانتهاج أسلوب قائم على الشفافية وتشريك المواطن في تصور السياسات العمومية للصحة وفتح البيانات العمومية وتطوير البيانات المفتوحةopen data، وإعادة النظر في مهام الهياكل المكلفة بالإعلام بمختلف هياكلنا ومؤسساتنا ودعم وظيفة الاتصال بها. − ولا أنسى التطرّق إلى موضوع الحوكمة الرشيدة وإرساء الآليات الناجعة في ما يتعلق بطرق التسيير والإشراف والتقييم وتعزيز الإدارة الالكترونية والتي ستمكننا من إضفاء مزيد من النجاعة على عمل هياكلنا ومؤسساتنا كما ستمكننا من مكافحة الفساد. حضرات الإخوة والأخوات، هذا ما أردت إبرازه في هذه الكلمة ويسعدني أن أجدّد اعتزازي بالثّقة التي منحت في شخصي للإشراف على قطاع الصحّة وتقديري للساهرين على حسن أداء المنظومة الصحيّة الوطنيّة ومساندتي التّامة للأسرة الصحيّة جمعاء. واسمحوا لي أن أغتنم هذه المناسبة المتميّزة للتوجّه بتحيّة إكبار وامتنان لكافّة الوزراء والمديرين العامّين للصحّة الذين تعاقبوا على وزارة الصحّة للتمشّي الرّائد الذي اعتمدوه للرّفع من جودة ومردوديّة خدمات القطاع الصحّي العمومي رغم قلّة الموارد والذي يمثّل خير نبراس لرفع كلّ التحدّيات. في الختام، شكري يتجدّد للسيّد محمد الحبيب الكشو، مع دعوة إطارات الوزارة للعمل بعقليّة الفريق المتكامل وحثّ مرؤوسيكم على مواصلة احترام الأخلاقيات وميثاق المهنة والذي يمثّل ركنا أساسيا يميّز رسالتنا النبيلة ممّا سيمكننا من دعم ثقة المواطنين والمهنيين في منظومتنا الصحية.