تونس الصباح: كان العرض الذي قدمته الفنانة التونسية لطيفة العرفاوي على ركح مسرح قرطاج الأثري في سهرة اول امس مناسبة للتأكيد على قدرة هذه الفنانة على صنع النجاح والخروج عن نمط الرتابة والتكرار زادها في ذلك ذكاؤها المعهود وسعة وتنوع تجاربها في الموسيقى والغناء والمسرح والسينما وانفتاحها على عديد الالوان والانماط الموسيقية في الوسطين العربي والغربي وهو ما جعلها تحافظ على تحكمها بزمام السهرة التي تألقت فيها كأبهى ما يكون على امتداد اكثر من ساعتين وذلك امام حضور جماهيري محترم العدد. وقد كان للفرقة الموسيقية التي تكونت من عديد الموسيقيين التونسيين بقيادة المايسترو سامي سعبد اضافة لهذا النجاح. اطلالة جديدة حافظت لطيفة العرفاوي على عنصر المفاجأة والجديد والتغيير التي دأبت عليها طوال مسيرتها الفنية وجعلتها تتنزل في خانة الفنانين المتجددين لتتماشى وتتلاءم مع كل الالوان التي تقدمها وحقق بذلك التواصل مع مختلف الاجيال والاذواق. وكانت اطلالتها في هذه السهرة ايذانا بذلك من خلال الديكور والاخراج والتصور الذي أعِدّ لهذا العرض ليساهم في اضفاء مسحة من الجمال والسحر على الركح بما يحمل الجماهير الحاضرة على الانحراط في التفاعل والانسجام مع الاغاني والايقاعات وقد كان للحضور الكوريغرافي في بعض الاغاني اضافة للحفل. مراوحة مدروسة راوحت الفنانة في هذه السهرة بين الاغاني القديمة واخرى جديدة بتقديم باقة من الاعمال لاقت استحسان الجماهير الحاضرة اذا كانت البداية «بنص الجو» ثم «الحومة العربي» ف«ماتروحش بعيد» وهي اختيارات تنم عن استعداد نفسي واعداد مسبق ودراسة جادة للطيفة من اجل انجاح هذا العرض وتكذيب المشككين في قدرتها على تحقيق ذلك على ركح قرطاج. اذ تفاعل الجمهور مع هذه الاغاني رقصا وغناء الى حد الهيستيريا. وقد كان لحضورها الركحي وقدرتها على التخاطب مع الحضور عاملا جعلها تقضي السهرة وتغني باريحية مستفيضة لتأخذ الجمهور التونسي في لحظات اعتراف بما قدمه فقيد السينما باداء اغنية «تعرف تتكلم بلدي وتشم الورد البلدي» التي غنتها في فيلم «سكوت حنصور» الذي شاركت فيه بعد الوقوف دقيقة صمت ترحما عليه، في الاثناء عرضت شاشة الركح صورا له اثناء تصوير مشاهد من الفيلم لتكون العودة الى الغناء والرقص مع «يا سيدي مسي» ثم تقديم العمل الجديد للمحلن نادر عبد الله «في الكم يوم اللي فاتوا» فيا غدار. جديدها مع نصير شمة حرصت لطيفة على تقديم جديدها الذي جمعها مع نصير شمة على ركح المسرح وهي استضافة استحسنها الجمهور الحاضر نظرا لقيمة هذا الفنان وما قدمه من اعمال جذرت ولخصت علاقته المتينة والثرية بآلة العود باداء اغنية يقول مطلعها: سلام على دار السلام وعتبي على ان العتاب طويل.. بغداد لا أهوى سواك.. وهي في شكل مرثية لبغداد طغى الايقاع الجنائزي عليها اما الفصل الثاني الذي قدماه على نفس الركح فهي «لو سهران حبيبي» كانت في مستوى الفنانين كلمة ولحنا فيما كان ايقاعها في مستوى ما ينتظره الجمهور الذي يبحث عن الرقص والحركة. ومن الاعمال الجديدة الاخرى التي قدمتها في هذه السهرة اغنية «في ليالي تعدي علينا» للملحن الجزائري حسين الاصنامي وما يحسب لهذه الفنانة امتلاكها لاستراتيجية الوصول الى النحاح بالامتاع والاقناع وايلاء الاهتمام والعناية بكل الجزئيات البسيطة المؤثرة في ذلك وهو ما تجلى من خلال محافظة على نفس القدر من الثقة بالنفس ونفس النسق من الحضور والعطاء على الركح.