في أحد الشوارع الكبرى كانت سائحة أجنبية تسير وفي يديها قارورتا ماء لإطفاء العطش في ذلك اليوم الأغبر الذي اقتربت فيه الحرارة من الخمسين درجة. وكان أحد الشبان يتبع خطاها وعندما التحق بها دخل معها في حديث كان واضحا أنه يريد من ورائه كسب صحبتها.. ولئن كان الله وحده هو الذي يعلم ما دار بينهما فإن الواضح أن السائحة لم يكن لديها وقت للكلام الفارغ فتجاهلته مدة.. وعندما أصرّ على وقاحته صاحت في وجهه ثم سكبت على رأسه قارورة ماء وغيرت مسارها بعيدا عنه.. أما الشخص الوقح «الرقعة» فنظر يمينا وشمالا ليرى أثار «التهنتيلة» لدى الناس فلم يجد خلقا كثيرا قد شاهدوه.. لذلك تظاهر بالسعادة وواصل سيره كأنّ شيئا لم يكن! انتحار بعد منتصف إحدى الليالي الماضية حضرت مشهدا شنيعا قرب الساعة العملاقة بشارع بورقيبة.. سيارات متوقفة أمام الاضواء.. ثم يظهر فجأة سائق مجنون يقود سيارة برتقالية اللون ويكبح الفرامل فجأة فتدور السيارة 180 درجة وبقدرة قادر لم تصطدم.. بأية سيارة أخرى.. وعوض أن يتوقف واصل السائق سيره بسرعة لا تخطر ببال أحد.. هذا الشخص قد يكون أراد الانتحار، وهو حرّ في حياته، لكنه ليس حرّا في تهديد حياة الآخرين وتعريضهم للخطر. لقد كان مفروضا أن يقع ايقافه فورا على الاقل من باب الاحتياط ومنعه من ارتكاب جريمة في حق الاخرين.. لكن الشخص فعل ما أراد.. وعندما رويت الحكاية لسائق تاكسي ركبت معه قال لي إن السيارة التي أتحدث عنها اعترضته قرب جبل الجلود تسير بنفس السرعة ونفس الضجيج ونفس الجنون. حجز وضع الرجل سيارته في مكان لا توجد فيه علامة لمنع الوقوف أو التوقف ثم نزل ليقضي شأنا مستعجلا وقد ترك زوجته داخل السيارة.. وبعد حوالي دقيقة واحدة جاء «الشنقال» يتهادى في مسيرته المرعبة فأخذ السيارة الى مستودع الحجز بنهج يوغسلافيا.. ولكم الآن أن تتصوروا المشهد.. «الشنقال» يجرّ السيارة والمرأة داخلها.. والرجل يجري وراء السيارة ويستعطف ويتعجب.. دون جدوى أنا في العادة أدعي أنني أفهم بعض القوانين لكن هذه الحالة لم أفهمها: فهل يسمح القانون التونسي بجر سيارة الى مستودع الحجز وصاحبها، أو صاحبتها أو أي كائن بشري آخر داخلها؟ «بورطابل» حدثني صديق مهاجر فقال: «عندنا في باريس ((chez nous à paris لا تكاد ترى شخصا يتحدث من خلال هاتفه الجوال. فالجميع هناك أصبح واعيا بخطورة القيادة مع استعمال الجوال إضافة الى صرامة العقوبات التي يصل بعضها الى سحب الرخصة».. بعد ذلك أردت أن أبيّن لصديقي أننا شعب متحضّر جدا ولا نقلّ تحضرا عن الشعب الفرنسي فدعوته الى أن يشاهد بعينيه ما يحدث على طرقاتنا.. وقفنا على حافة شارع رئيسي يعج بالحركة وطلبت منه أن يحصي عدد الذين يمسكون المقود بيد ويمسكون الجوال بيد أخرى فكاد يغمى عليه من هول ما رأى.. فقد أحصينا 27 حالة في دقيقة واحدة فلم يتمالك صديقي نفسه وقال: «Mais c'est de la folie tout ça» ياخي ما يخافوش من البوليس؟ ها هم يتكلموا قدّامو..» وتعليقا على ملاحظات صديقي قلت: إن العقوبات عندنا من وزن الريشة (10 دنانير) وإن الكثير من «المجانين» الذين رأيتهم مستعدون في حالة ضبطهم متلبسين أن يرموا العشرة آلاف من شبابيك سياراتهم و«ديما يمشي»!! سمك «في طمبك» موسم السمك شح السمك ولم نعد نجد منه حتى السردينة «صديقة الزواولة» مثلما يقال.. فأين ذهب السمك خاصة أن الطقس ملائم وظروف الصيد ملائمة؟ بعض الألسن «الخبيثة» قالت إنه هاجر» ليتمتع به «أولاد عيسى».. فهل هؤلاء أحسن منا ليحرمونا حتى من سمكنا؟! رصد: جمال المالكي للتعليق على هذا الموضوع: