46% من المستجوبين يقولون أن الخلافات بين الأزواج سببها المال تونس - الاسبوعي: عرض مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة «الكريديف» مؤخرا نتائج الدراسة التي تحمل عنوان «المال بين الزوجين والتصرف في الدخل الأسري» والتي تندرج ضمن سعيه المتواصل للإلمام بمواضيع تكتسي أهمية تتعلق بالعلاقات داخل الأسرة ودورها في الاستقرار والرفاه العائلي على خلفية أن التصرف في الدخل الأسري يبقى من أدقّ المسائل لما لها من دور في بناء علاقات أسريّة متينة قائمة على الشراكة الواعية والمسؤولة. ألف مستجوب وقد كشفت هذه الدراسة على كيفية التصرف في المال العائلي بمختلف أشكاله لدى الأسرة التونسية والمتغيّرات التي تساهم في تحديد الأدوار بين الشريكين وأيضا مدى مساهمة المرأة في التصرف في الدخل الأسري والمشاركة في أخذ القرار بصفة عامة. وحرصا من المركز على نجاعة هذه الدراسة العلميّة تمّ الاعتماد في إنجاز هذا المشروع المنهج الكمّي وفق مقاربة النوع الاجتماعي وشمل العمل الميداني عيّنة جمليّة تتكون من 500 رجل متزوّج ومن 500 امرأة متزوّجة منهم 600 متزوّجة ومتزوّج حديثي العهد بالزواج منذ أقل من 10 سنوات و400 متزوّجة ومتزوّج منذ أكثر من 10 سنوات، هذه العيّنة شملت أسر من اقليمتونس الكبرى (ولايات تونس - أريانة - بن عروس - منوبة). نتائج أوليّة وأفرزت هذه الدراسة الميدانية جملة من النتائج الاوليّة التي نذكر أهمها: ففيما يخص المسائل المالية، اعتقد 83,5% من التونسيين والتونسيات المستجوبين بأن المال يعدّ العنصر الهام للحوار حيث وأثناء فترة الخطوبة تستأثر مصاريف الزواج وتجهيز المنزل بالجانب الهام من النقاش في حين تكون المواضيع المطروحة خلال فترة الزواج متعدّدة حيث نجد الميزانية العائلية وأولويات الانفاق وحجم المصاريف... هذا وتأتي مسألة توزيع الأدوار في مرحلة أخيرة وتبقى الأجور من الموارد الماليّة الأكثر أهمية بالنسبة للأسر التونسية. وإلى جانب ما ورد كشف الاستبيان أن نسبة 52,2% من المستجوبين تعتقد بأن الموارد الماليّة الحالية للأسرة غير كافية، كذلك 60% من المستجوبين يؤمنون بأن التصرف في ميزانية الأسرة يقوم به الزوج مع الزوجة. ومن المسائل الأخرى التي طرحت ضمن هذه الدراسة نجد الادخار والاشتراك في الملكيّة، حيث أن 47% من المستجوبين يقومون بعملية الادخار بمبالغ صغيرة، فالادخار في أغلب الأحيان يكون لمجابهة المصاريف الطارئة وعن الاشتراك في الملكيّة اختار 46% من المستجوبين بعد إصدار القانون المتعلق بذلك سنة 1998 هذا النظام عند إبرام عقد الزواج، كما صرّح 46% من المتزوّجين لفترة أكثر من 20 سنة عن حدوث خلافات بسبب المال وكثرة المصاريف لمجابهة أعباء الحياة. تلك كانت النتائج الأوّلية للدراسة فماذا تعكس هذه النتائج إذا ما قرأناها قراءة علميّة؟ للبحث عن الإجابة اتصلنا ببعض المختصين في علم الاجتماع لتقييم هذه المعطيات وتقديم قراءة عن تطوّر العلاقات الأسرية داخل مجتمعنا. الكلمة لعلم الاجتماع السيد علي صولي وهو مختص في علم الاجتماع يقول حول ما أفادت به الدراسة من أن المال هو العنصر الرئيسي للحوار وأن ذلك يختلف باختلاف العقليات ويعتبر هذه النسبة مبالغ فيها حيث يقرّ أن اهتمام الأزواج بالمال في حواراتهم لا يتجاوز 30% حسب اعتقاده. كما أضاف أن الأسر التونسية التي لها دخل محدود لا تنفق وفق امكانياتها إنما تسعى لتضاهي الأسر الغنية في الاتفاق دون مراعاة ميزانياتها وقال أن من ينفق وفق امكانياته لا تتجاوز نسبته 15% على عكس ما أقرّته نتائج الدراسة التي تقول بأن 52,2% ينفقون وفق امكانياتهم ويعتقدون أن الموارد المالية للأسرة غير كافية. كما أكّد في جانب ثان على ضرورة الادخار ولو بمبالغ محدودة وذلك لمجابهة الطوارئ والمناسبات وأوضح أن هذه النسبة أي 47% التي وردت في الاستبيان لا تعكس الحقيقة إذ كيف يمكن أن ترتفع نسبة المدخرين إلى 47% في حين نجد أن من يطلب القروض من الأسر التونسية يرتفع إلى 80% مشددا في الآن نفسه على أن الادخار ينمّ عن عقلية إنسان متطوّر في تفكيره وبه يمكن تحقيق رغبات كل العائلة في شتى المجالات ممّا يبعدنا كل البعد عن الخلافات والمشاكل التي يمكن أن تنجرّ عن الضغط المادي ولم ينف محدثنا أن هناك نسبة قليلة ممن يعي بأهمية الادخار وأن هناك تطور نسبي على هذا المستوى لكنه لا يرتفع إلى تلك النسبة التي جاءت في الاستبيان أما عن مسألة الاشتراك في الملكيّة عند إبرام عقد الزواج فيرى أن الزواج هو عقد عاطفي ذو بعد روحي وإنساني وليس عقدا ماديّا بين طرفين وأن هذا القانون لا يعدّ ضمانا للمرأة في غياب الضمير الديني والوازع الأخلاقي، كما أكد على ضرورة توفّر الثّقة بين الزوجين التي بدونها يصعب التفاهم وضرورة كسب عقلية راقية تنبني علي أسس دينية إسلامية وتجنب النظرة المادية السلبيّة في اعتبار المال حلّ لجميع المشاكل. رأي آخر أما السيد معز بن حميدة وهو أيضا مختص في علم الاجتماع فإنه صرّح أن المواطن التونسي بصفة عامة لا يحسن التصرّف في ميزانيته لخضوعه لمعايير عاطفية في تصرّفاته ومن النّادر جدا وجود عائلة تونسية لا تشكو من مشكلة التداين التي تعدّ أضخم مشكلة يمكن أن تواجهها العائلة. وعن مسألة الاشتراك في الملكيّة فقد اعتبره قرارا يفتقد إلى الموضوعية وبرّر ذلك بأن من يختار هذا القانون عند دخوله إلى الحلقة الزوجية فإن ثقته محدودة في الطرف الآخر. كما ذكر السيد معز بن حميدة أن التونسي أصبح يشكو من عجز على مستوى إدارة ميزانيته وذلك لاعتبارين اثنين أوّلهما هو أن دخله غير كاف باعتباره يطمح إلى نيل العديد من الكماليات كقضاء العطل بالنزل وما إلى ذلك، وهو لا يستطيع ذلك نظرا لأن القسط الأوفر من دخله موجّه إلى التعليم والصحّة أما عن الاعتبار الثاني فهو المفهوم الشائع لملكيّة الراتب وخاصة بالنسبة للزوجة التي مازالت تؤمن بهذا المبدأ وتعتبر أنه من حقها وحدها الاقتصار على دورها الذي يتمثّل في مجرّد المساهمة في الانفاق في أفضل الحالات معتبرة ذلك من باب الفضل أي «مزيّة» ممّا يثقل كاهل الزوج ويشعر العائلة بصعوبات مالية يزيدها تعقيدا وعدم تمكّن التونسي من ترتيب أولوياته.السؤال ظل يتردّد هنا وهناك، الجميع مدركون وواعون بضرورة توفير المال لضمان حياة أسريّة كريمة إلاّ أن متطلبات العصر والتي صارت عديدة قد تعيق هذه الغاية وتتسبب في كثير من المشاكل التي تهدّد كيان الأسرة التونسية. سعيدة الميساوي للتعليق على هذا الموضوع: