رغم أن الخطاب الرسمي حريص على أن يتحرر الاعلام بكل روافده من جميع القيود التي تكّبله ..كنحو الرقابة الذاتية وانغلاق مصادر الخبر على نفسها فإن بعض المسؤولين في هياكل مهنية صغيرة لا يترددون في ابقاء الوضع على ما هو عليه.. وذلك بإتيان ممارسات غير مقبولة خصوصا إذا تعلق الامر بمن يمارس مهنة نبيلة ومقدسة كمهنة الطب.. ولعل ما حدث لي مع المسؤول الاول عن عمادة الاطباء بالجمهورية التونسية.. أكبر دليل على ما يزيد الى مهنة المتاعب.. متاعب أخرى لا طاقة لها بحملها. وأصل الحكاية اني أتصلت هاتفيا بالعمادة بعد أن وردت معلومة تفيد بأن عددا من الاطباء اغلقوا نهائيا عياداتهم وتحولوا للعمل بالخارج.. وانها ظاهرة ما فتت تتفاقم في اختصاصات طبية بعينها.. في سياق الحديث عن الديموغرافيا الطبية بالبلاد ومستقبل المهنة.. وانسداد أفق بعض الاختصاصات الطبية في الآونة الاخيرة ..نظرا لكونها لا تجد اقبالا من قبل عموم الناس.. وبحثا عن الحقيقة من مصادرها الرسمية اتصلنا بالعمادة للتثبت من صحة المعلومة والحصول على أرقام ومعطيات دقيقة حول الاختصاصات المعنية بهذا الحديث.. وعدد الاطباء الذين اتخذوا فعلا مثل هذا القرار..وذلك لانجاز مقال في الموضوع لعله يكون وثيقة هامة على طاولة المسؤول.. وايضا الدارس بمختلف مقاعد كليات الطب.. وكل من ينوي التوجه نحن بعض الاختصاصات الطبية.. خصوصا ونحن في موسم التوجيه الجامعي اضافة للافادة التي ستحصل لكل المهتمين بالشأن الطبي ببلادنا.. فضلا طبعا عن اهمية الانارة الاعلامية بوجه عام.. ويعلم الله وحده كم حاولت وحاولت للحصول على موعد ولو بالهاتف مع حضرة الطبيب المسؤول.. أو على جواب حول ما طلبت.. ولو كان الامر مع وزير أو حتى مع سلطة عليا.. ما انتظرت كل ذلك الوقت الذي أنفقته في الاتصال ومعاودة الاتصال منتظرا ردا لم يأت. وفي البداية حاولت كاتبته التملص مني بشتى الطرق كلما اتصلت بها.. وأما إصراري أغدقت عليّ بسيل من الاعذار.. يبدأ من الاجازات المهنية وينتهي عند المهمات الادارية.. ولكني تشبثت اكثر بما أود معرفته ..عندها أشارت علي بضرورة إرسال موضوع الطلب عبر الفاكس فكان لها ما أرادت.. ورغم ذلك فقد تواصلت الحلقات المملّة لمسلسل التهرب.. وكانت تعلمني في كل مرة بأني سأحصل من الغد على ما أريد.. حتى كان يوم الجمعة الماضي عندما أعلمتني بأن رد السيد الدكتور المسؤول لن يتم قبل اجتماع المجلس الوطني القادم للعمادة بكامل تركيبته المتكونة من 16 طبيبا عضوا.. وأن الامر برمته سيعرض على جدول اعمال المجلس للبت فيه.. وإذا ما تمت المصادقة على ذلك من قبل جميع الاعضاء فقد يتم تمكيني مم أريد (هكذا إذن.. مجرد تمكين صحفي من بعض المعطيات يتطلب انعقاد مجلس وطني لأطباء العمادة برمته وبأكمله.. والله عيب عليكم أن تقولوا ذلك لأنه حتى مجلس النواب الذي يشرع قوانين البلاد لا يشترط لانعقاد اجتماعاته المهمة تلك اكتمال النصاب بنسبة 100%) فقلت لمحدثتي هل معنى ذلك أنه عندما تطلب من وزير بعض المعطيات حول أمر ما من صميم مهامه.. سيضطر لدعوة مجلس الوزراء للانعقاد قصد أخذ رأيه في الموضوع.. فردت بأنها لا تهتم كثيرا لما علقت به..عندها سألتها : طيب متى سينعقد هذا المجلس الوطني الموقر؟ فأجابت: شهر، شهران، عام، لست أدري ..فتساءلت عندها: هل من الممكن أن انتظر والحالة تلك الى غاية 2010 حتى أحصل على جواب بسيط كهذا طالما أنك لا تدرين.. ومرة أخرى وبلهجة لا تخلو من سخرية واضحة قالت لا بل قد تضطر للانتظار الى غاية 2015 وعندها قد تحصل وقد لا تحصل على ما تريد.. شخصيا لا أعتقد أن أساتذته الاجلاء من جهابذة الطب ورموزه تعاملوا يوما مع الاعلاميين بمثل هذا الاسلوب المتحجر.. الذي لا يختلف كثيرا عن تلجيم الافواه رغم ما عرف عن الكثير من هؤلاء من مهارة وتمرس ودراية بمهنتهم وعلو كعب. واذا ما كان هذا التصرف ناجما عن احتراز وتحفظ في التعامل مع وسائل الاعلام فتلك مشكلة.. اما اذا كان مرد ذلك عقلية ترفض التعامل أصلا مع رجال الاعلام فتلك كارثة.. لأنه لا يحق لأي كان أن يمنع المعلومة من الوصول الى الرأي العام.. خير الدين العماري للتعليق على هذا الموضوع: