تونس الصباح فوجئ العديد من منخرطي الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، بوجود شروط جديدة للحصول على القروض الشخصية التي تعوّد منظورو الصندوق الحصول عليها بكل يسر ومن دون أي تسويف.. فقد تقدم عديد المنظورين بمطالب للحصول على قرض شخصي، لكن إدارة الصندوق كانت تجيبهم بأن إجراءات جديدة تم اتخاذها خلال الفترة الاخيرة، أصبح تقديم هذه القروض بموجبها يخضع إلى جملة من الشروط الاساسية.. وعند المطالبة بتفاصيل هذه الشروط وتوقيت اتخاذها، طالما أنه لم يقع الاعلان عن هذه الشروط، سواء من خلال أمر وزاري أو قرار من الادارة العامة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، تكون الاجابة التي تلقاها المنظورون، أن الامر يتعلق بإجراءات داخلية، في سياق الضغط على موازنة الصندوق، الذي يعاني أزمة مالية منذ عدة سنوات.. ولا شك أن صندوق التقاعد، شأنه شأن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يعانيان مشكلات مالية كبيرة منذ فترة طويلة، بحكم تزايد نفقات المنظورين، وضعف المصاريف التي يسترجعها الصندوقان، بالاضافة إلى ارتفاع عدد المنظورين من عام إلى آخر، خصوصا في ضوء المعلومات المتداولة حول بداية "تشيّخ" المجتمع التونسي، وهو ما سوف يؤثر على نفقات الصندوق الذي سيتحول إلى "ملجإ" للمتقاعدين من جميع الاصناف، بما سوف يثقل كاهله بجملة من الاعباء المالية التي ستزداد تراكما مع السنوات.. مشكل الضمان الاجتماعي وكان مشكل الضمان الاجتماعي، طرح على أكثر من مجلس وزاري في وقت سابق، حيث تم تدارس السبل المؤدية إلى تجنيب الصناديق الاجتماعية أزمة مالية متوقعة، خصوصا وأن بلدانا عديدة في أوروبا، وقعت في هذا المطبّ، على غرار فرنسا، التي وجد نظامها الاجتماعي نفسه في مأزق لم يخرج منه إلى الان، على الرغم من المناقشات الواسعة التي دارت بشأنه في الاوساط "الفنية" والسياسية، بل إن هذا الموضوع، استحوذ على اهتمامات المرشحين والناخبين على حدّ السواء في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية، وشكّل عنوان مزايدة سياسية بين الاطراف المتنافسة.. والحقيقة، أنه مهما كانت ظروف الصندوق، فلا يمكن تبرير التعقيد الذي بات عليه ما يعرف ب"القرض الشخصي"، الذي لا يتجاوز الراتب ونصف الراتب لا غير، وهو قرض كثيرا ما أخرج منظورين عديدين من أزمات مالية كادت تعصف بهم، بما جعل هذا النوع من القروض، في مقام الحلول المنفّسة لكربات الكثير من منخرطي هذا الصندوق.. وفي الوقت الذي كان العديد منهم يمنّي النفس بالحصول على قرض لمواجهة الصعوبات التي تواجه الكثيرين اليوم، مع اقتراب العودة المدرسية ومصاريف عيد الفطر ونفقات رمضان، فإن "الاجراءات الجديدة" التي اتخذها الصندوق جعلت الكثير من المنظورين في وضع لا يحسدون عليه.. لكن الغريب في الامر، أن هذا النوع من القروض، الذي كان يمنح للمنظورين بشكل آلي، بات اليوم وبحسب عديد المنظورين يسند وفقا ل"التدخلات" و"الوساطات" للحصول عليه، مما يجعل السؤال مطروحا حول طبيعة الاجراءات التي اتخذت، وما إذا كانت لمنع هذا القرض جملة وتفصيلا، أم للحيلولة دون صنف محدد من المنظورين؟؟ الاولوية للحالات الاجتماعية وقال مصدر مسئول بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، أن القروض الشخصية باتت تسند بحسب وضعية الميزانية العامة للصندوق الذي يمر بالفعل بأزمة مالية منذ فترة طويلة.. وأوضحت السيدة سهام بن رجب، نائبة مدير إدارة القروض بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية في تصريح ل"الصباح"، أنه منذ أن دخل الصندوق في أزمة مالية، أصبحت القروض تسند للمنظورين وفقا لجملة من الضوابط الاساسية.. وشددت على أن من بين هذه الضوابط، الحالات الاجتماعية وخاصة ذوو الدخل المحدود (الذين لا تتجاوز رواتبهم الاربعمائة دينار)، إلى جانب ذوي الامراض المستعصية والمعوقين.. ولاحظت أن بقية المطالب تسند وفقا لتاريخ الايداع، لكنها تحتاج إلى وقت قد يمتد لفترة طويلة ربما بلغت العامين، حسب ميزانية الصندوق، وبعد إعطاء الاولوية للحالات الاجتماعية.. ونفت السيدة بن رجب، أن تكون هذه القروض خاضعة للتدخلات أو الوساطات، بل إن ثمة العديد من المطالب التي تقدم بها مسئولون إداريون في مؤسسات عديدة ولم يحصلوا على القرض، للاسباب التي أتينا عليها..