قراءة لنظرة خير الدين والبايات وبورقيبة للاسلام والفصل بين السلطات ودور القضاء تونس الصباح: صدرعن شركة فنون الرسم والصحافة كتاب جديد للاستاذ حسن الممي القاضي وشيخ مدينة تونس سابقا تحت عنوان :" مفهوم الدولة عند خيرالدين باشا وبورقيبة". الكتاب من مائة صفحة من الحجم الصغير وتضمن وثائق وملاحق طريفة من بينها بلاغ اللجنة المركزية للحزب الدستوري في 25 أفريل 1970 بعد ايقاف تجربة التعاضد وخطاب الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة يوم 25 جويلية 1957 الذي مهد لاعلان الغاء النظام الملكي واقامة النظام الجمهوري فضلا عن وثائق متفرقة بينها شهادة حديثة للاستاذ البشير بن سلامة حول التحديث والعلاقة بين الاصلاحات الوطنية والاستعمار. من بين النقاط الطريفة في الكتاب رغم الملاحظات النقدية الكثيرة التي يمكن توجيهها اليه شكلا ومضمونا أنه حاول أن يقوم بعمل تاليفي تركيبي في مساحة محدودة مع التركيز على أهم العناصر التي شغلت المصلح الكبير خير الدين باشا في القرن ال19 ثم المصلح ورجل الدولة الحبيب بورقيبة. ولعل أهم قاسم مشترك بين الرجلين حسب الكاتب تعمقهما في فهم مجتمعهما وقراءة فسيفساء النخب التي اثرت فيه مع الاطلاع الواسع على الثقافتين العربية الاسلامية والاوروبية الحديثة .. وكان الاحساس بحجم الفجوة بين القيم الاسلامية وانجازات العرب والمسلمين تاريخيا من جهة وتخلف واقعهم الاجتماعي والسياسي والثقافي من جهة ثانية من بين العناصر التي حفزت المصلحين خيرالدين باشا والحبيب بورقيبة ليلعبوا دورا اصلاحيا ويعملوا لتغيير واقع بلدهم .فوفقوا حينا وفشلوا حينا اخر لاسباب ذاتية وموضوعية كثيرة. وقد ربط حسن الممي بين المصلحين خيرالدين باشا والفريق الذي عمل معه كل منهما والاطار البشري والثقافي والاجتماعي والسياسي الذي نشا فيه كل منهما. وبالنسبة لخير الدين اعتبره الكاتب زعيم تيار اصلاحي ضم بالخصوص محمد قابادو وسالم بوحاجب وأحمد بن أبي الضياف وبيرم الخامس والجنرال حسين ..وجهود احياء عهد الامان. وخصصص الكاتب فصلا للتعريف ببعض افكار الزعيم بورقيبة الاصلاحية بين النظرية والتطبيق خلال مراحل الكفاح الوطني ووضع اسس الدولة الحديثة في عهد الباي ثم بعيد اعلان الجمهورية وخلال مرحلتي التعاضد والليبيرالية. واعتبر الكاتب أن بورقيبة المصلح استفاد من تجربة ابن خلدون ومن محاصرة القوى المحافظة له فقرر اول الامر ادخال " قطيعة " معها ومع المرجعيات الدينية .. من خلال انهاء التعليم الزيتوني والغاء القضاء الشرعي ومؤسستي مشيخة الاسلام المالكي والحنفي.. وتوقف الكاتب عند بعض الانتقادات التي وجهت الى بورقيبة من قبل مؤسسات دينية مشرقية بينها بعض مؤسسات الافتاء السعودية بزعامة الشيخ الراحل بن باز ثم قدم الكاتب قراءة الى ما وصفه ب"المواقف المتناقضة " التي اتخدها بورقيبة المثقف وبورقيبة السياسي لا سيما فيما يتعلق بمواقفه من اصلاحات الباي قبل الاطاحة به وتوجيه اتهامات خطيرة اليه قلل الكاتب من مصداقيتها وجديتها. وتداخلت في الكتاب أحيانا صفة المثقف والكاتب حسن الممي بصبغة السياسي والقاضي الذي عرف بورقيبة عن قرب وفهم نظرته الحقيقية للمؤسسات والفصل بينها ولدور القضاء . يذكر ان للكاتب منشورات سابقة من بينها الجنسية في القانون التونسي والقانون الدولي الخاص وأهل الذمة في الحضارة الاسلامية. وهي مساهمات تعكس عشق جيل كامل للقلم والكتاب رغم كثرة مشاغله انذاك ومن بينها رئاسة المحكمة العقارية لمدة 9 أعوام ورئاسة محكمة التعقيب لمدة عامين ورئاسة بلدية تونس العاصمة لمدة 3 سنوات.