جعل تونس مركزا دوليا للتجارة والخدمات واندماجها ضمن برنامج الطرقات السيارة البحرية في المتوسط تونس الصباح احتضنت ضاحية قمرت أمس ندوة صحفية حول مشروع الميناء بالمياه العميقة بالنفيضة الذي يجري الاستعداد منذ أكثر من سنة لانجازه في الفترة القريبة القادمة. وقد أشرف على هذه الندوة السادة عبد الرحيم الزواري وزير النقل ومحمد النوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي وكذلك السيد منصف الهرقلي كاتب الدولة لدى الوزير الاول المكلف بالتخصيص، وتابع هذه
الندوة عدد من ممثلي الصحافة الوطنية واطارات من مختلف الوزارات والمؤسسات العمومية التي لها علاقة بانجاز هذا المشروع. وتتنزل هذه الندوة في اطار مزيد التعريف بمشروع الميناء بالمياه العميقة بالنفيضة وهي تأتي ايضا قبل مرحلة اعداد العروض وتقديمها وتوظف بالاساس للاستماع الى استفسارات وملاحظات المستثمرين الذين كانوا حاضرين في الندوة من جنسيات مختلفة وعبروا عن رغبتهم في انجاز واستغلال هذا المشروع في إطار لزمة شاملة. فما هي خصوصيات هذا المشروع الضخم الذي سيتم انجازه قريبا في تونس؟ وماذا عن أبعاده الاقتصادية والتجارية ودوره في دفع التنمية بالبلاد؟ الميناء يدخل ضمن المشاريع الكبرى المهيكلة للاقتصاد السيد عبد الرحيم الزواري وزير النقل أبرز في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة أن مشروع الميناء بالمياه العميقة بالنفيضة ومنطقة الانشطة الاقتصادية واللوجيستية بالنفيضة المزمع انجازها حذو الميناء يدخل ضمن المشاريع الكبرى المهيكلة للاقتصاد التونسي ولها انعكاسات مباشرة على تحديث البنية الأساسية للبلاد والرفع من أداء الاقتصاد وبنيته الاساسية وقدرته التنافسية. ويندرج هذا المشروع ضمن سياسة الدولة الرامية الى جعل تونس مركزا دوليا للتجارة والخدمات وتوفير أكثر الحظوظ لانصهارها في محيطها الاقليمي والدولي وتدعيم مكانتها في الاقتصاد المعولمم. كما يمثل احداث هذا الميناء ومنطقة الانشطة الاقتصادية المحاذية له احدى الركائز الاساسية لتطوير منظومة النقل بتونس وسيمكن هذا المشروع من اندماج تونس بثبات في برنامج الطرقات السيارة البحرية والربط مع الشبكة الأورومتوسطية للنقل التي ترتكز بالاساس على النقل متعدد الوسائط البحري والحديدي وعلى الخدمات اللوجستية. واشارت جملة من الدراسات أن النقل البحري يشهد بالبحر الأبيض المتوسط تطورا مطردا خاصة فيما يتعلق بحركة المنافسة للحاويات، وقد انجر عن ذلك تباين بين طاقة الاستيعاب للموانئ بالمنطقة الوسطى للمتوسط والطلب تجلى بداية من السنة الجارية وينتظر أن يستجيب ميناء النفيضة لحاجيات الاقتصاد التونسي ويدعم المنظومة المينائية الحالية التي بلغت طاقتها القصوى ولم تعد تتماشى ومتطلبات النقل البحري الحديث. لتونس موقع استراتيجي ان تواجد تونس بين حوضي البحر الابيض المتوسط وعلى محور جنوب شمال يربطها بأهم الموانئ الاوروبية المتوسطية على مسافة لا تتجاوز 24 ساعة ملاحة، تجعل من مياء النفيضة موقعا متميزا في مفترق الطرقات البحرية المتوسطية المؤمنة لما يفوق الخمس (1/5) التجارة البحرية الدولية حيث يمر يوميا ما يقارب 300 سفينة تجارية بالقرب من الميناء ويفتح في آن واحد على السوق الاوربية والمغاربية والمتوسطية.. خصوصيات الميناء وميزاته تشير الدراسات الفنية أن من خصوصيات الميناء وميزاته انجازه داخل الاراضي، مما يسهل الاشغال ويقلص من تكلفة المشروع، ويشار أن الدولة قد خصصت حوالي 1200 هكتار تمكن من انجاز المشروع كليا مع ضمان توسعة على المدى البعيد، كما وقع ايضا تخصيص ما يقارب 2000هك لمشروع منطقة الانشطة الاقتصادية واللوجستية رصدت منها 500هك كمرحلة اولى لفائدة مستثمري الميناء ويمكن استغلال هذه المنطقة تحت نظام المناطق الحرة. ومن ميزات هذا المشروع تواجد مطار النفيضة «زين العابدين» الذي شرع في انجازه والذي سيمثل اهم قطب للنقل الجوي بتونس بطاقة استيعاب تناهز 20 مليون مسافر في مرحلته النهائية. وبالاضافة الى جملة الميزات المشار اليها فان الدولة التونسية تولي عناية كبرى لضمان نجاح المشروع وانجازه في ظروف طيبة، وفي هذا الاطار تم انجاز عدة دراسات موازية للدراسات الفنية للمشروع، قامت بها وزارة البيئة لضبط خطة بيئية تأخذ بعين الاعتبار مؤثرات المشاريع الكبرى المبرمجة بالجهة (المطار، الميناء، منطقة الانشطة الاقتصادية واللوجستية..) وكذلك دراسات خصوصية تهم تنقل الترسبات ومياه السيلان بالمنطقة وتأثر المائدة المائية، وقد أفضت كل هذه الدراسات الى تأكيد سلامة انجاز المشروع وسيتم ايضا اقامة سدين تقدر تكاليفهما بحوالي 150 مليون دولار وربط الميناء بالمرافق الاساسية. الميناء تجسيد لخياراتنا السياسية والاقتصادية السيد محمد النوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي اشار الى أنه اعتبارا للخيارات السياسية والاقتصادية لتونس الرامية الى تحقيق الاندماج في الاقتصاد العالمي وبالاعتماد على نتائج الدراسات المنجزة حول المشروع سيتم انجازه في اطار الشراكة مع أكبر المؤسسات الدولية المتخصصة في هذا الميدان، وبيّن الوزير أن المناخ السياسي وما يتسم به من استقرار يمثل أحسن ضمان ودافع للاستثمار بتونس، مشيرا الى دخول عديد المشاريع حيز التنفيذ او الاستعداد لانطلاقها مثل بوابة المتوسط المنجز من قبل «سما دبي» ومدينة تونس الرياضية المنجزة من قبل مجموعة بوخاطر وذلك باستثمارات جملية تفوق 30 مليون دولار. وبخصوص الحديث عن مشروع الميناء بالمياه العميقة بالنفيضة اشار الوزير الى أنه يمثل تطويرا لمجال النقل، وهو أمر طبيعي تمليه حركة تطور الاقتصاد والتجارة، مبرزا ايضا ان هناك تطورا كبيرا في المبادلات التجارية في الضفة الجنوبية للمتوسط، مفيدا أنه من المتأكد أن يتطور هذا النسق اكثر خلال السنوات القادمة. وبيّن الوزير أن فكرة الميناء قد انطلقت منذ سنوات ضمن خطة لتحديد تموقع أهم لتونس في المتوسط وذلك لدعم الاقتصاد ولذلك تم بصورة مبكرة الانخراط في سياسة الانفتاح والاندماج في الاقتصاد الاقليمي والعالمي. وأفاد الوزير أن حجم التجارة بالنسبة لتونس هو 40 مليون دولار مما يدعو الى الاحاطة بها ودعمها عبر خيارات تطوير البنية الاساسية المينائية، الى جانب الاهتمام بالاستثمار وايجاد الأرضية الهامة له مفيدا أن هناك اليوم بتونس 3 آلاف مؤسسة استثمارية ويقدر حجم الاستثمار بأكثر من مليارين، ويتوقع أن يتضاعف في السنوات القادمة. وبين الوزير في ختام كلمته أن الاستقرار الذي تعرفه تونس مثّل الارضية الاساسية لقدوم المستثمرين، الى جانب أن هناك نمو ثابت بمعدل 5% وهو لم يتحول الى نمو سلبي، كما أبرز ايضا الاستقرار الاقتصادي الذي تشهده البلاد والثراء البشري والطاقة المتوفرة في تونس كلها عوامل تؤهل البلاد واقتصادها الى التطور الهام.