تواصل أمس لليوم الثاني على التوالي اضطراب اسواق المال الرئيسية في العالم بما في ذلك في أوروبا وآسيا والخليج العربي بعد انهيار رابع اكبر بنك استثماري امريكي (ليمان براذرز) وبيع اخر(ميريل لينش)، وسط مخاوف بشأن مستقبل التوازنات البنكية والمصرفية في الولاياتالمتحدةالامريكية التي يجمع الخبراء والساسة على وصفها ب"قاطرة الاقتصاد العالمي". وكان البنك الامريكي العملاق "ليمان براذرز" خسر مليارات الدولارات في ازمة القروض العقارية وهبطت اسعار اسهمه في السوق بشدة في الاشهر الاخيرة.. رغم تحرك أوساط مالية وبنكية أمريكية وأوروبية واسيوية عملاقة لمنع كبرى البنوك الامريكية من الافلاس وسوق الاسهم من مزيد الانهيار. وبدأ هذا التطور الاقتصادي يأخذ أبعادا سياسية دولية رغم تصريحات الرئيس الامريكي بوش الابن حول" جهود الادارة الامريكية للتخفيف من تداعيات الازمة المالية على الاقتصاد الامريكي" وثقته "بقدرة اقتصاد الدولة الاعظم على امتصاص الصدمات المالية على المدى البعيد". في المقابل وصف المرشح الديموقراطي الشاب للرئاسة الامريكية باراك اوباما الهزة الحالية للبنوك واسواق البورصة في الولاياتالمتحدة بانها "اخطر ازمة مالية" منذ الازمة الاقتصادية العالمية التي عرفها العالم في 1929 ومطلع ثلاثينات القرن الماضي. وقد أقر الرئيس السابق للاحتياطي الفيديرالي الامريكي الان جرينسبان ان هذه ازمة تحدث "مرة كل نصف قرن وربما مرة كل قرن". وتوقع كثير من الخبراء الاقتصاديين ان تظل المؤسسات البنكية وأسواق البورصة العالمية في حالة يقظة وطورائ قصوى قد تطول تحسبا من مضاعفات اضطرابات النظام المالي الامريكي. كما تتجه الانظار للبنكين الاستثماريين الامريكيين العملاقين المتبقيين من بين الاربعة الكبار: "جولدمان ساكس "و"مورجان ستانلي".. خاصة مع قرب اعلانهما عن نتائج الثلاثية المالية الثالثة من العام الجاري. علما ان افلاس البنك الامريكي "ليمان"، رابع اكبر بنك استثماري في امريكا ضاعف المخاوف التي تعصف بقطاع الخدمات المالية العالمي بعدما فشلت الحكومة الامريكية في ايجاد مؤسسة أمريكية أو أجنبية تشتري البنك المفلس . في المقابل قلل عدد من الخبراء البارزين من أهمية هذه الازمة المالية المصرفية ومن انعكاساتها الدولية.. بعد الاموال الهائلة التي ضختها مؤسسات يابانية وأوروبية أمريكية حكومية في السوق المالية. كما اعتبر جون ليبسكي نائب مدير صندوق النقد الدولي ان إشهار إفلاس بنك ليمان براذرز وبيع ميريل لينش "جزءا من عملية إعادة هيكلة ودعم القطاع المالي الأمريكي." ولعله من السابق لاوانه الحديث عن الانعكاسات المباشرة لهذه الازمة على اقتصاديات بلدان - مثل تونس - علاقاتها المالية والاقتصادية محدودة جدا مع الولاياتالمتحدةالامريكية . لكن بحكم العلاقة الهيكلية الموجودة بين النظام المالي والمصرفي واسواق البورصة في الولاياتالمتحدة وفي الاتحاد الاوروبي شريكنا الاقتصادي الاول وفي بقية الدول الشريكة ، يتاكد الحذر واليقظة.. تحسبا لازمة مالية عالمية جديدة تذكر بازمة الثلاثينات من القرن الماضي.. كما لابد من الاستفادة من مظاهرأخرى للركود الاقتصادي النسبي الذي تمر به الولاياتالمتحدة واوروبا.. ومن انخفاض الدولار وتواصل نسق انخفاض اسعار المحروقات خلال الاسابيع القليلة الماضية بحوالي 50 دولارا.. بعد أن ناهز سعر برميل النفط في جويلية الماضي ال147 دولارا.