تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار والتعايش بين الأديان محور ندوة علمية بتونس
نشر في الصباح يوم 11 - 10 - 2008

القس نبيل حداد رئيس المركز الأردني لبحوث التعايش الديني: «الارهاب وباء ليس محصورا بدين أو شعب أو لون»
حبيب أفرام الأمين العام لرابطة اللبنانيين المسيحيين: «حوار الأديان والحضارات مطالب بالخروج من أروقة الفنادق الفاخرة إلى دائرة اهتمام رجل الشارع»
«نحتاج إلى انتفاضة فكرية في معالجة قضايانا المتراكمة»
مع اسدال ستار فعاليات الندوة العلمية حول التعايش بين الاديان والتحديات الثقافية الدولية المعاصرة التي احتضنتها تونس على مدى الايام الثلاثة التي شهدت مشاركة ثلة من ابرز الباحثين والمفكرين من دول عربية وغربية ورجال الدين المسلمين والمسيحيين وحول التحديات المتفاقمة التي تواجهها الجهود الدولية المبذولة من جانب مختلف الاوساط الرسمية الدولية
والاقليمية لدفع هذا الحوار الذي كانت احداث الحادي عشر من سبتمبر من ابرز الاسباب الداعية الى تنظيمه بشكل متواتر بين مختلف العواصم الدولية في محاولة للتقريب بين الثقافات والاديان والشعوب وتجنيب الاجيال القادمة الاسوا. وقد كانت الندوة التي اشترك في تنظيمها المعهد الاعلى لاصول الدين ومؤسسة كونراد اديناور الالمانية انعقدت تحت شعار"التعايش بين الاديان والتحديات الثقافية الدولية المعاصرة "و اشتملت على ثماني جلسات علمية بحثت عددا من المحاور المتعلقة بالحرية الدينية وقضايا الهجرة بمختلف اشكالها الثقافية والدينية والاقتصادية وسجلت الندوة مشاركة الجامعي الايطالي فابينو مينازي الذي قدم مداخلة حول علاقة الفكر بتعايش الاديان فيما قدم مواطنه ميكلي برودينو مدير موسوعة البحر الابيض المتوسط محاضرة حول التالف والوئام بين الاديان في اطار الهجرات الى اوروبا كما سجلت المشاركة عددا من الباحثين بينهم منى طلبة من مصر واحمد شحلان من المغرب وغيرهم...
وقد اختارت الصباح على هامش هذه الندوة ان تلتقي كل من الاب نبيل حداد مدير المركز الاردني لبحوث التعايش الديني واللبناني حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية في لبنان في محاولة لرصد العلاقة القائمة بين المسلمين والعرب المسيحيين في جزء من العالم العربي بما تعكسه من تحديات مشتركة بين ابناء الوطن الواحد وقد وجدنا في الاب نبيل حداد الوجه المسيحي البارز في الاردن مدافعا شرسا عن قضايا الاسلام والمسلمين ولسانا رافضا لكل انواع الاستفزازات والانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب وفيما يلي نص الحوارين.

القس نبيل حداد رئيس المركز الأردني لبحوث التعايش الديني: «الارهاب وباء ليس محصورا بدين أو شعب أو لون»
«نعم.. أنا مسيحي ومدافع عن الاسلام.. وكنت في طليعة من تصدى للحملة المسيئة له»
* مسيحي يدافع عن الاسلام كيف تفسرون ذلك في وقت بات فيه الاسلام والمسلمون هدفا للاتهامات من كل جانب؟
- ليس غريبا ان يتصدى ابناء الامة المسيحيون وهم مدللو الامة وان يقفوا للدفاع عن قضايا امتهم ومصالحها والدفاع عن صورتها وما يلحق بها من تشويه وما يواجهها من تحديات فنحن جزء من هذه الامة التي سجل التاريخ دورها .الم يكن انتاج الحضارة العربية ناجما عن شراكة بين ابنائها لعب فيها اجدادي المسيحيون العرب دورا بارزا فوصلت ثمار تعايشهم ليفخر بها العالم اليوم بل واقول كرجل دين مسيحي ان الروحانية السمحاء التي امرنا بها مسيحيين ومسلمين وراء هذا التعايش بيننا والامة التي انتمي لها كانت خير امة اخرجت للناس فمنها وعلى ارضها جاءت دعوات القداسة.
* لكن الواقع ليس بهذا التناسق الذي تتحدثون عنه والاسلام اليوم يواجه من الانتقادات والاتهامات ما يجعل المسلمين مستهدفين حيثما كانوا؟
- امام هذا الواقع الذي صنعه غيرنا وكان لبعضنا دور في صنعه انتشرت في العالم فوضى التحدث عن الاسلام كدين للارهاب والاسلام جزء من حضارتي انا العربي المسيحي وكان الحضور المسيحي حاضرا منذ بداية الصحوة الاسلامية واذكر ورقة ابن نوفل وخديجة بنت خويلد. نحن كمسيحيين موجودون في الامة وهناك علاقة وثيقة بين الاسلام كحضارة وبين المسيحيين العرب كابناء لهذه الامة ولذلك فان من واجبنا ان نتصدى للدفاع عن صورة الاسلام بل وينبغي للامة ان تفسح المجال للمسيحيين للقيام بذلك وعلى العرب والمسلمين ان يدركوا ان الحفاظ على العربية المسيحية وجودا وحضورا وارثا وتعايشا وتاريخا خير شهادة على سماحة الاسلام واستجابته للتنوع الم يطلب الاسلام من اتباعه ان يوقروا اهل الكتاب؟ قد نكون اقلية من حيث عقيدتنا وايماننا وتوجهنا الى كنائسنا ولكننا الاكثرية مع كل المؤمنين بعدالة واحقية قضايا الامة العربية وفي الاصرار على توخي خط الاعتدال والوسطية وشهادة العربي المسيحي قد تجد لها ما يتجاوز صدى شهادة العربي المسلم في الدفاع عن قضاياه وهذا من طبيعة الاشياء وهنا اود ان اعرض نموذجا حول العلاقة المسيحية الاسلامية في الاردن وسجلنا في هذا البلد يؤكد على احترام الاسلام اصحاب الديانات الاخرى ففي الاردن مجتمع عربي مسلم ولكن لم يكتب على ابوابه "للمسلمين فقط" نحن كمسيحيين عرب نعرف الغرب وقادرون على الدفاع عن امتنا التي تربطنا بها وحدة المصير والتاريخ واللغة امام الغرب الذي قد يحلو للبعض فيه ان يسميه مسيحيا فواجب الجماعة العربية المسيحية ان تنقي صورة المسيحية ايضا مما لحقها من تهم سببتها الممارسات السياسية الغربية في الوقت الذي نكون فيه برهانا على سماحة الاسلام واحترام اخواننا المسلمين لنا ونحن نؤكد ان الارهاب ليس محصورا بدين او شعب او عرق او لون فهناك كثير من حالات الظلم والكراهية والحقد والارهاب التي تشهد على ما نقول.
* كمسيحي متابع لكل هذه الاحداث كيف تفسرون تنامي مظاهر التطرف ومعاداة المسلمين في الغرب التي يبدو انها اتخدت اشكالا متعددة بين الرسوم المسيئة والالعاب الالكترونية الحاقدة والتشريعات الجديدة بطرد المهاجرين...؟
- كنت في طليعة من وقف ضد الحملة المسيئة في الرسوم سيئة الذكر في الدانمارك واقول بان هذا الامر مرفوض نشجبه ونستنكره وليس من حق احد ان يسيئ لعقيدة الاخر او ان يدنس مقدساته فحرية التعبير تنتهي عند المساس بمشاعر الاخرين.
هناك مسؤولية تتحملها المجتمعات الغربية التي يتعين عليها ان تسعى وبحسن نية وصدة لان تفهمالاسلام وما يعانيه العرب والمسلمون من ظلم بسبب غياب العدالة عن الكثير من القضايا العربية وهناك مسؤولية تتحملها الجاليات المسلمة في الغرب والتي يتعين عليها ان تعكس صورة اسلامها السمحة من خلال تعاملها مع مجتمعاتها وهذه مسؤولية الجاليات التي عليها الاندماج في مجتمعاتها مع الحفاظ على هوياتها وخصوصياتها الدينية التي ينبغي ان تلقى الاحترام وصراحة اعتقد ان هذان الامران مازالا بحاجة لعمل كثير من الجانبين .
* طيب ماذا قدمتم انتم كمسيحيين الى المجتمعات التي تنتمون اليها في مواجهة الاستفزازات والتحديات؟
- قمنا بالكثير من المبادرات في اوروبا وامريكا وانضممنا الى علماء الدين المسلمين في زياراتنا ولقاءاتنا مع الغرب وكانت في مرات عديدة شهادة رجل دين عربي مسيحي مع وفد من علماء المسلمين اكثر من مجرد اثارة للانتباه بل شهادة على التعايش بين الديانتين. هناك الكثير من الصور النمطية المغلوطة التي تعلقت في اذهان الكثيرين لاسباب عديدة وهذا لا يشكل وسيلة ناجعة لتهيئة الظروف المريحة للجاليات العربية والمسلمة في الغرب نحن مطالبون من ناحية بمساعدة الغرب على فهمها ومطالبة الجاليات المسلمة على التعامل مع مجتمعهم الجديد بالحكمة ودون فظاظة ليحققوا في مرحلة لاحقة غاياتهم في الوصول بقضاياهم الى المنابر الدولية.
* قبل اشهر احتضنت اسبانيا برعاية سعودية اكبر مؤتمر للحوار بين الاديان فيما تجري الاستعدادات للموعد القادم في تركيا العام المقبل فهل تعتقدون ان في مثل هذه اللقاءات الموسمية النخبوية ما يساعد على تجاوز الاحقاد والتقريب بين الشعوب والاديان والحضارات فيما تبقى لغة الحديد والنار الحاضر الابرز في حل الخلافات الدولية؟
- اود الاشارة الى اني كنت رجل الدين المسيحي العربي الوحيد في مدريد برعاية المملكة العربية السعودية وسعدت بتلك المشاركة التي كان فيها رغبة وارادة سياسية لحل الكثير من المشاكل التي نواجهها اليوم هناك دورا يقتضي بالحكومات القيام به وهناك دور للمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ولكن الدور الاهم في الحوار بين الاديان يبقى على عاتق المؤسسة الدينية ورجال الدين وينبغي بالتالي الانتقال بالحوار من مستوى حوار العقائد بين اللاهوتيين والفقهاء الى حوار معاش يوميا يحسه الانسان العادي وهو ايضا ما يملي علينا ان نستعمل المنابر الدينية بما فيه الخير والمصلحة للامة والحث على الموعظة الحسنة.. نعم للاسف انتظمت حتى الان الكثير من الحوارات على المستوى الدولي ولكن هذا الحوار لا يزال ضمن اروقة مغلقة مسؤوليتنا ان نعيد خطابنا التربوي والديني بما يعزز فرص زرع بذور التفاهم بين الناس.
* كيف تقرأون المشهد العراقي بكل ما فيه من صراع عرقي يوشك ان ينسى مشكلة الاحتلال ويسقط في حرب طائفية سنية شيعية؟
- مشهد مؤلم ان يقع استغلال التنوع وتحويله الى عداوة هذا امر مرفوض فالاسلام الذي يجمع السنة والشيعة هو اسلام التنوع ولكن ان تستغله قوى داخلية او اقليمية او خارجية فهذا امر مذموم والاختباء وراء قناع التنوع الديني والطائفي مكيدة استعملها دوما اعداء الامة الطامعين فيها فالعراق يجب ان يظل لكل العراقيين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم وانتماءاتهم ليعيدوا للعراق بهاءه وموقعه من المخجل ان يكون العراق ارض الثروة والتاريخ والنخيل وارض دجلة والفرات والعباسيين ان يكون مرتعا للكراهية والحرب الطائفية بين ابناء الدين الواحد ونستغرب كيف يمكن لمؤمن ان يقتل اخاه الانسان، الكراهية دنست الكثير من دور العبادة فلم تسلم المساجد ولا الحسنيات اما الكنائس فحدث ولاحرج فقد قتل الكثيرمن النساك والرهبان بدم بارد فاي تفسير لهذا؟ نحن نتحدث عن القرن الواحد والعشرين بينما راينا في بداية الدعوة الاسلامية وثائق تدعو وتامر باحترام دور العبادة ان كل تفسير ديني لهذه الاعمال باطل وكاذب والدين منه براء.
حبيب أفرام الأمين العام لرابطة اللبنانيين المسيحيين: «حوار الأديان والحضارات مطالب بالخروج من أروقة الفنادق الفاخرة إلى دائرة اهتمام رجل الشارع»
«نحتاج إلى انتفاضة فكرية في معالجة قضايانا المتراكمة»
* بين ما تطلقه المؤتمرات والندوات الدولية من دعوات بشان حوار الحضارات والتعايش بين الاديان وبين ما تشهده الساحة الدولية من صراعات مسلحة وحروب هل تعتقد ان العالم يتجه الى حرب حقيقية بين الاديان وبين الشرق والغرب بما يثبت تنبؤات الذين ذهبوا في هذا الاتجاه؟
- العالم يضج هناك فعلا صراع داخله ما بين الانطلاق المذهل في عقل الانسان نحو التطور الفكري والعلمي والاكتشافات والسباق الى الفضاء ومحاربة الامراض والاوبئة ولكن وفي نفس الوقت فان الانسان الذي يحاول ان يحاكي وجه الله في كمال يفجر نفسه ويتقاتل في قبائل وقوميات واثنيات ومذاهب ومصالح وهذا صراع ابدي منذ فجر الخليقة بين ما يجذب الانسان نحو الكمال او ما يسقطه نحو الحيوانية فيكون ذئبا ينهش لحم اخوته ما سيحدث اذا متوقف على ارادة الانسان ونحن نعتقد ان ارادة الخير متاصلة في الانسان ولكن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والاثنية وغيرها ضاغطة في توجيه الفرد الى ثقافة معينة بالقدر نفسه الذي تضطلع به الحكومات والاحزاب والتيارات ورجال الفكر والاعلاميون الى ثقافة معينة فيها من حقوق الانسان والتعددية والتنوع من حل لمشاكلنا بطرق منظمة وعودة للمؤسسات ولغة القانون او كذلك الى مستقبل تكون فيه الهيمنة لمنطق القوة والنفوذ والغاء الاخر والحقد والكراهية والحكم على وضعنا كشعوب عربية بمزيد التقهقر ومن هنا اوجه رسالة الى الجالسين سعداء في منازلهم معتقدين ان هذه ليست مشاكلهم انه في ظل العولمة وحين تنهار البورصة في نيويورك سيؤثر ذلك على رجل الشارع في مكة وتونس والمغرب وغيرها وحين يتابع هؤلاء البرامج الحية لاكثر من حدث عالمي في نفس الوقت ويستعملون الجوال فان ذلك يعني انه لا احد غير معني بما يحدث في افريقيا او في العراق او لبنان او افغانستان فعالم اليوم مترابط في المال والاعمال والمستقبل على المحك.
* اذا كان هذا رايكم بشان التحديات التي يواجهها العالم حاضرا ومستقبلا الا ترون ان الندوات الدولية التي ما انفكت تعقد في مختلف العواصم الدولية وكان اخرها في مدريد برعاية سعودية ان هذه الندوات لم تصل بعد الى القاعدة لشعبية والى رجل الشارع وانها ظلت برغم الخطاب السياسي والديني المتفائل ندوات نخب وندوات قمة؟
- في اعتقادي ان الحوار ليس ندوات علمية تعقد في الفنادق الفاخرة وتجمع نخبا من المفكرين والمثقفين ورجال الدين هناك ايضا مسؤوليات تتجاوز حدود تلك المؤتمرات وتتعلق بمسؤوليات الحكومات في نشر العدالة والثقافة الانسانية اذ لايكفي ابدا ان تجلس النخب والقيادات لالقاء البيانات والخطب والمجاملات لا بد من وجود ورشة حياتية يومية تتناول مختلف الاحداث بما يساعد على قبول واحترام الراي الاخر وكل هذه المفاهيم هي التي يجب ان تسود الامر لا يتعلق بمجرد صراع فكري نظري ولكن بتوفر الاسباب التي تساعد على تعايش كل هذه المبادئ.
* كلام مهذب ولكن الا تتفقون معي بان اغلب الصراعات العرقية والطائفية والاثنية وما تفرزه من تشتت وتشرذم تكاد تكون مرتبطة بالخارطة العربية فكيف يمكن تفسير ذلك؟
- نحن فعلا كشعوب عربية الاقل مناعة والاكثر سخونة لدينا ترسبات مخيفة في عقولنا وانظمتنا ونحتاج لاعادة نظر في العديد من الامور هناك قضايا مصيرية مرتبطة بالقضية الفلسطينية وغياب السلام في الشرق الاوسط صحيح ان الاستعمار ترك بصماته على مجتمعاتنا ولكن علينا الا ننسى ان المستوى التعليمي والفكري وانتشار الامية في مجتمعاتنا مخيف وان نظرتنا الى المراة يجب ان تتغير. نحن الخاصرة الرخوة والفكر الالغامي التكفيري في العالم العربي والاسلامي في حاجة الى حلول. نحن فعلا بحاجة الى انتفاضة فكرية في العالم العربي علينا الاعتراف بنقائصنا وامراضنا وان نتوقف عن الادعاء بان كل مشاكلنا تاتي فقط من اسرائيل او من الغرب هذه عوامل قائمة فعلا ولكن لا يجب التوقف عندها هناك بؤر من المفاهيم الخاطئة تنخر مجتمعاتنا وعلى الانظمة السياسية والتربوية والاعلامية ان تعي ذلك وخطر هذه المفاهيم انما يزداد عندما يمتد الى مفهوم الحريات الدينية والفكرية والحزبية وحتى الجنسية فهل نحن في عقلنا العربي الاسلامي نعتبر ان كرامة الانسان اساسية بالنسبة لنا.
* مع هذا المشهد الشامل كيف تفسرون الاقتتال اليومي في العراق والصراعات الدموية بين السنة والشيعة او غيرها من المذاهب والحلل والملل؟
- المشهد العراقي له ابعاد كثيرة بين الاحتلال الواقع اليومي الذي يحتاج للبحث في امور اقتصادية وسياسية وامنية ودينية هناك حاجة لاعادة تحديد الكثير من المفاهيم كمن يفجر نفسه في مسجد اخر او في معبد اخر اذ يجب وضع خط احمر يفصل بين مقاومة الاحتلال الذي له مشروعية قانونية عالمية وبين من يريد قطع راس الاخر لانه من دين اخر او حزب اخر هناك فعلا بيئات تهيئ لهذه الامور وهناك مفاهيم خاطئة لتفسير الاديان وهذا الامر سيظل معنا على الاقل للربع قرن القادم والمسؤولية في مواجهة ذلك مشتركة بين رجال الدين واصحاب الفتاوى الحكيمة فالمسالة لاتتوقف عند حدود وجود ارهابي نقتله او نسجنه فهذا لا يكفي نحتاج ورشة عمل لتغيير مفاهيم بيئية حيث ينمو الارهاب فالصراع في داخلنا في معنى عروبتنا واسلامنا فهل نحن اليوم نعيش مع وجود اسلام واحد ام اسلامات متعددة ونماذج للحكم في الاسلام بين النموذج التركي والسعودي والافغاني والطالباني ولا ننسى ايضا الاسلام في الغرب والصراع داخل نهضة الفكر في الاسلام فاي اسلام نريد لهذا العصر؟ هل هناك مثلا حل اسلامي للمشكلة المالية العالمية القائمة وهل ان الاسلام هو الحل لكل القضايا امامنا اكثر من امر علينا الاهتمام به لا يمكننا ان نقول ايضا ان الاسلام هوالحل لكل شيء ونقول كان لدينا في بوابات الاسلام ونبقى مكتوفي الايدي.
* و ماذا عن الساحة اللبنانية وكيف تفسرون الصراع الطائفي الذي يابى الانفراج؟
- احيلك على ما قاله سعيد عقل باننا خلفنا بيت الخطر ولبنان كل هذا واكثر فهناك صراع فكري قائم صحيح ان هناك توازن بين المسيحيين والمسلمين ومشاركة في صنع القرار ولكن في نفس الوقت فان لبنان يجمع اسباب صراع المنطقة كلها ولا يزال يدفع ثمن هذا الصراع الى جانب الاحتلال المتبقي في جزء من الجنوب اللبناني لدينا في لبنان 400 الف لاجئ فلسطيني وقد شكلوا في فترة ما بسلاحهم مشاكل لهم ولنا وفي كل الاحوال هناك مسؤولية دولية وعربية ولكن نحن من يدفع الثمن حتى الان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.