بودربالة والسفير الإيطالي: ضرورة تكثيف جهود مواجهة الهجرة غير النظامية    جامعة التعليم الأساسي: ترسيم 850 عونا وقتيا    وزارة التربية تتعهّد بانتداب 1000 أستاذ نائب    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    عاجل/ بشرى سارة للفلاحين: التخفيض في سعر هذا الصنف من الأعلاف    عاجل : القبض على شخص متهم بالإنتماء إلى تنظيم إرهابي    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    رقم قياسي جديد ينتظر الترجي في صورة الفوز على صن داونز    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    المنيهلة : إصابة 5 ركاب في حادث مرور    معتز العزايزة ضمن قائمة '' 100 شخصية الأكثر تأثيراً لعام 2024''    عاجل/ في ارتفاع مستمر.. حصيلة جديدة للشهداء في غزة    تم انقاذها من رحم أمها الشهيدة: رضيعة غزاوية تلحق بوالدتها بعد أيام قليلة    في مبادرة تضامنية نوعية مع فلسطين: أطفال تونس يصنعون الحدث ويدخلون تاريخ الإنسانية من الباب الكبير    شركة النقل تتفاعل مع "الشروق": نحرص على عودة النسخة الشعبية ل "إيبيزا" في أقرب الأوقات    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة    هرقلة: ضبط كمية من "الكوكايين" و"الزطلة" بسيارة    مأساة جديدة في المهدية: يُفارق الحياة وهو بصدد حفر قبر قريبه    70 بالمئة من الأمراض تنتقل من الحيوانات ..مختصة في الثروة الحيوانية توضح    مؤتمر وطني علمي حول الأنشطة البدنية والرياضية بمدينة طبرقة    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    كم تبلغ معاليم مسك الحساب بالبريد التونسي؟    تقلص العجز التجاري الشهري    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    الوكالة الفنية للنقل البري تصدر بلاغ هام للمواطنين..    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    الرابطة الأولى: كلاسيكو مشوق بين النجم الساحلي والنادي الإفريقي .. وحوار واعد بين الملعب التونسي والإتحاد المنستيري    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار والتعايش بين الأديان محور ندوة علمية بتونس
نشر في الصباح يوم 11 - 10 - 2008

القس نبيل حداد رئيس المركز الأردني لبحوث التعايش الديني: «الارهاب وباء ليس محصورا بدين أو شعب أو لون»
حبيب أفرام الأمين العام لرابطة اللبنانيين المسيحيين: «حوار الأديان والحضارات مطالب بالخروج من أروقة الفنادق الفاخرة إلى دائرة اهتمام رجل الشارع»
«نحتاج إلى انتفاضة فكرية في معالجة قضايانا المتراكمة»
مع اسدال ستار فعاليات الندوة العلمية حول التعايش بين الاديان والتحديات الثقافية الدولية المعاصرة التي احتضنتها تونس على مدى الايام الثلاثة التي شهدت مشاركة ثلة من ابرز الباحثين والمفكرين من دول عربية وغربية ورجال الدين المسلمين والمسيحيين وحول التحديات المتفاقمة التي تواجهها الجهود الدولية المبذولة من جانب مختلف الاوساط الرسمية الدولية
والاقليمية لدفع هذا الحوار الذي كانت احداث الحادي عشر من سبتمبر من ابرز الاسباب الداعية الى تنظيمه بشكل متواتر بين مختلف العواصم الدولية في محاولة للتقريب بين الثقافات والاديان والشعوب وتجنيب الاجيال القادمة الاسوا. وقد كانت الندوة التي اشترك في تنظيمها المعهد الاعلى لاصول الدين ومؤسسة كونراد اديناور الالمانية انعقدت تحت شعار"التعايش بين الاديان والتحديات الثقافية الدولية المعاصرة "و اشتملت على ثماني جلسات علمية بحثت عددا من المحاور المتعلقة بالحرية الدينية وقضايا الهجرة بمختلف اشكالها الثقافية والدينية والاقتصادية وسجلت الندوة مشاركة الجامعي الايطالي فابينو مينازي الذي قدم مداخلة حول علاقة الفكر بتعايش الاديان فيما قدم مواطنه ميكلي برودينو مدير موسوعة البحر الابيض المتوسط محاضرة حول التالف والوئام بين الاديان في اطار الهجرات الى اوروبا كما سجلت المشاركة عددا من الباحثين بينهم منى طلبة من مصر واحمد شحلان من المغرب وغيرهم...
وقد اختارت الصباح على هامش هذه الندوة ان تلتقي كل من الاب نبيل حداد مدير المركز الاردني لبحوث التعايش الديني واللبناني حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية في لبنان في محاولة لرصد العلاقة القائمة بين المسلمين والعرب المسيحيين في جزء من العالم العربي بما تعكسه من تحديات مشتركة بين ابناء الوطن الواحد وقد وجدنا في الاب نبيل حداد الوجه المسيحي البارز في الاردن مدافعا شرسا عن قضايا الاسلام والمسلمين ولسانا رافضا لكل انواع الاستفزازات والانتهاكات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب وفيما يلي نص الحوارين.

القس نبيل حداد رئيس المركز الأردني لبحوث التعايش الديني: «الارهاب وباء ليس محصورا بدين أو شعب أو لون»
«نعم.. أنا مسيحي ومدافع عن الاسلام.. وكنت في طليعة من تصدى للحملة المسيئة له»
* مسيحي يدافع عن الاسلام كيف تفسرون ذلك في وقت بات فيه الاسلام والمسلمون هدفا للاتهامات من كل جانب؟
- ليس غريبا ان يتصدى ابناء الامة المسيحيون وهم مدللو الامة وان يقفوا للدفاع عن قضايا امتهم ومصالحها والدفاع عن صورتها وما يلحق بها من تشويه وما يواجهها من تحديات فنحن جزء من هذه الامة التي سجل التاريخ دورها .الم يكن انتاج الحضارة العربية ناجما عن شراكة بين ابنائها لعب فيها اجدادي المسيحيون العرب دورا بارزا فوصلت ثمار تعايشهم ليفخر بها العالم اليوم بل واقول كرجل دين مسيحي ان الروحانية السمحاء التي امرنا بها مسيحيين ومسلمين وراء هذا التعايش بيننا والامة التي انتمي لها كانت خير امة اخرجت للناس فمنها وعلى ارضها جاءت دعوات القداسة.
* لكن الواقع ليس بهذا التناسق الذي تتحدثون عنه والاسلام اليوم يواجه من الانتقادات والاتهامات ما يجعل المسلمين مستهدفين حيثما كانوا؟
- امام هذا الواقع الذي صنعه غيرنا وكان لبعضنا دور في صنعه انتشرت في العالم فوضى التحدث عن الاسلام كدين للارهاب والاسلام جزء من حضارتي انا العربي المسيحي وكان الحضور المسيحي حاضرا منذ بداية الصحوة الاسلامية واذكر ورقة ابن نوفل وخديجة بنت خويلد. نحن كمسيحيين موجودون في الامة وهناك علاقة وثيقة بين الاسلام كحضارة وبين المسيحيين العرب كابناء لهذه الامة ولذلك فان من واجبنا ان نتصدى للدفاع عن صورة الاسلام بل وينبغي للامة ان تفسح المجال للمسيحيين للقيام بذلك وعلى العرب والمسلمين ان يدركوا ان الحفاظ على العربية المسيحية وجودا وحضورا وارثا وتعايشا وتاريخا خير شهادة على سماحة الاسلام واستجابته للتنوع الم يطلب الاسلام من اتباعه ان يوقروا اهل الكتاب؟ قد نكون اقلية من حيث عقيدتنا وايماننا وتوجهنا الى كنائسنا ولكننا الاكثرية مع كل المؤمنين بعدالة واحقية قضايا الامة العربية وفي الاصرار على توخي خط الاعتدال والوسطية وشهادة العربي المسيحي قد تجد لها ما يتجاوز صدى شهادة العربي المسلم في الدفاع عن قضاياه وهذا من طبيعة الاشياء وهنا اود ان اعرض نموذجا حول العلاقة المسيحية الاسلامية في الاردن وسجلنا في هذا البلد يؤكد على احترام الاسلام اصحاب الديانات الاخرى ففي الاردن مجتمع عربي مسلم ولكن لم يكتب على ابوابه "للمسلمين فقط" نحن كمسيحيين عرب نعرف الغرب وقادرون على الدفاع عن امتنا التي تربطنا بها وحدة المصير والتاريخ واللغة امام الغرب الذي قد يحلو للبعض فيه ان يسميه مسيحيا فواجب الجماعة العربية المسيحية ان تنقي صورة المسيحية ايضا مما لحقها من تهم سببتها الممارسات السياسية الغربية في الوقت الذي نكون فيه برهانا على سماحة الاسلام واحترام اخواننا المسلمين لنا ونحن نؤكد ان الارهاب ليس محصورا بدين او شعب او عرق او لون فهناك كثير من حالات الظلم والكراهية والحقد والارهاب التي تشهد على ما نقول.
* كمسيحي متابع لكل هذه الاحداث كيف تفسرون تنامي مظاهر التطرف ومعاداة المسلمين في الغرب التي يبدو انها اتخدت اشكالا متعددة بين الرسوم المسيئة والالعاب الالكترونية الحاقدة والتشريعات الجديدة بطرد المهاجرين...؟
- كنت في طليعة من وقف ضد الحملة المسيئة في الرسوم سيئة الذكر في الدانمارك واقول بان هذا الامر مرفوض نشجبه ونستنكره وليس من حق احد ان يسيئ لعقيدة الاخر او ان يدنس مقدساته فحرية التعبير تنتهي عند المساس بمشاعر الاخرين.
هناك مسؤولية تتحملها المجتمعات الغربية التي يتعين عليها ان تسعى وبحسن نية وصدة لان تفهمالاسلام وما يعانيه العرب والمسلمون من ظلم بسبب غياب العدالة عن الكثير من القضايا العربية وهناك مسؤولية تتحملها الجاليات المسلمة في الغرب والتي يتعين عليها ان تعكس صورة اسلامها السمحة من خلال تعاملها مع مجتمعاتها وهذه مسؤولية الجاليات التي عليها الاندماج في مجتمعاتها مع الحفاظ على هوياتها وخصوصياتها الدينية التي ينبغي ان تلقى الاحترام وصراحة اعتقد ان هذان الامران مازالا بحاجة لعمل كثير من الجانبين .
* طيب ماذا قدمتم انتم كمسيحيين الى المجتمعات التي تنتمون اليها في مواجهة الاستفزازات والتحديات؟
- قمنا بالكثير من المبادرات في اوروبا وامريكا وانضممنا الى علماء الدين المسلمين في زياراتنا ولقاءاتنا مع الغرب وكانت في مرات عديدة شهادة رجل دين عربي مسيحي مع وفد من علماء المسلمين اكثر من مجرد اثارة للانتباه بل شهادة على التعايش بين الديانتين. هناك الكثير من الصور النمطية المغلوطة التي تعلقت في اذهان الكثيرين لاسباب عديدة وهذا لا يشكل وسيلة ناجعة لتهيئة الظروف المريحة للجاليات العربية والمسلمة في الغرب نحن مطالبون من ناحية بمساعدة الغرب على فهمها ومطالبة الجاليات المسلمة على التعامل مع مجتمعهم الجديد بالحكمة ودون فظاظة ليحققوا في مرحلة لاحقة غاياتهم في الوصول بقضاياهم الى المنابر الدولية.
* قبل اشهر احتضنت اسبانيا برعاية سعودية اكبر مؤتمر للحوار بين الاديان فيما تجري الاستعدادات للموعد القادم في تركيا العام المقبل فهل تعتقدون ان في مثل هذه اللقاءات الموسمية النخبوية ما يساعد على تجاوز الاحقاد والتقريب بين الشعوب والاديان والحضارات فيما تبقى لغة الحديد والنار الحاضر الابرز في حل الخلافات الدولية؟
- اود الاشارة الى اني كنت رجل الدين المسيحي العربي الوحيد في مدريد برعاية المملكة العربية السعودية وسعدت بتلك المشاركة التي كان فيها رغبة وارادة سياسية لحل الكثير من المشاكل التي نواجهها اليوم هناك دورا يقتضي بالحكومات القيام به وهناك دور للمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ولكن الدور الاهم في الحوار بين الاديان يبقى على عاتق المؤسسة الدينية ورجال الدين وينبغي بالتالي الانتقال بالحوار من مستوى حوار العقائد بين اللاهوتيين والفقهاء الى حوار معاش يوميا يحسه الانسان العادي وهو ايضا ما يملي علينا ان نستعمل المنابر الدينية بما فيه الخير والمصلحة للامة والحث على الموعظة الحسنة.. نعم للاسف انتظمت حتى الان الكثير من الحوارات على المستوى الدولي ولكن هذا الحوار لا يزال ضمن اروقة مغلقة مسؤوليتنا ان نعيد خطابنا التربوي والديني بما يعزز فرص زرع بذور التفاهم بين الناس.
* كيف تقرأون المشهد العراقي بكل ما فيه من صراع عرقي يوشك ان ينسى مشكلة الاحتلال ويسقط في حرب طائفية سنية شيعية؟
- مشهد مؤلم ان يقع استغلال التنوع وتحويله الى عداوة هذا امر مرفوض فالاسلام الذي يجمع السنة والشيعة هو اسلام التنوع ولكن ان تستغله قوى داخلية او اقليمية او خارجية فهذا امر مذموم والاختباء وراء قناع التنوع الديني والطائفي مكيدة استعملها دوما اعداء الامة الطامعين فيها فالعراق يجب ان يظل لكل العراقيين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم وانتماءاتهم ليعيدوا للعراق بهاءه وموقعه من المخجل ان يكون العراق ارض الثروة والتاريخ والنخيل وارض دجلة والفرات والعباسيين ان يكون مرتعا للكراهية والحرب الطائفية بين ابناء الدين الواحد ونستغرب كيف يمكن لمؤمن ان يقتل اخاه الانسان، الكراهية دنست الكثير من دور العبادة فلم تسلم المساجد ولا الحسنيات اما الكنائس فحدث ولاحرج فقد قتل الكثيرمن النساك والرهبان بدم بارد فاي تفسير لهذا؟ نحن نتحدث عن القرن الواحد والعشرين بينما راينا في بداية الدعوة الاسلامية وثائق تدعو وتامر باحترام دور العبادة ان كل تفسير ديني لهذه الاعمال باطل وكاذب والدين منه براء.
حبيب أفرام الأمين العام لرابطة اللبنانيين المسيحيين: «حوار الأديان والحضارات مطالب بالخروج من أروقة الفنادق الفاخرة إلى دائرة اهتمام رجل الشارع»
«نحتاج إلى انتفاضة فكرية في معالجة قضايانا المتراكمة»
* بين ما تطلقه المؤتمرات والندوات الدولية من دعوات بشان حوار الحضارات والتعايش بين الاديان وبين ما تشهده الساحة الدولية من صراعات مسلحة وحروب هل تعتقد ان العالم يتجه الى حرب حقيقية بين الاديان وبين الشرق والغرب بما يثبت تنبؤات الذين ذهبوا في هذا الاتجاه؟
- العالم يضج هناك فعلا صراع داخله ما بين الانطلاق المذهل في عقل الانسان نحو التطور الفكري والعلمي والاكتشافات والسباق الى الفضاء ومحاربة الامراض والاوبئة ولكن وفي نفس الوقت فان الانسان الذي يحاول ان يحاكي وجه الله في كمال يفجر نفسه ويتقاتل في قبائل وقوميات واثنيات ومذاهب ومصالح وهذا صراع ابدي منذ فجر الخليقة بين ما يجذب الانسان نحو الكمال او ما يسقطه نحو الحيوانية فيكون ذئبا ينهش لحم اخوته ما سيحدث اذا متوقف على ارادة الانسان ونحن نعتقد ان ارادة الخير متاصلة في الانسان ولكن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والاثنية وغيرها ضاغطة في توجيه الفرد الى ثقافة معينة بالقدر نفسه الذي تضطلع به الحكومات والاحزاب والتيارات ورجال الفكر والاعلاميون الى ثقافة معينة فيها من حقوق الانسان والتعددية والتنوع من حل لمشاكلنا بطرق منظمة وعودة للمؤسسات ولغة القانون او كذلك الى مستقبل تكون فيه الهيمنة لمنطق القوة والنفوذ والغاء الاخر والحقد والكراهية والحكم على وضعنا كشعوب عربية بمزيد التقهقر ومن هنا اوجه رسالة الى الجالسين سعداء في منازلهم معتقدين ان هذه ليست مشاكلهم انه في ظل العولمة وحين تنهار البورصة في نيويورك سيؤثر ذلك على رجل الشارع في مكة وتونس والمغرب وغيرها وحين يتابع هؤلاء البرامج الحية لاكثر من حدث عالمي في نفس الوقت ويستعملون الجوال فان ذلك يعني انه لا احد غير معني بما يحدث في افريقيا او في العراق او لبنان او افغانستان فعالم اليوم مترابط في المال والاعمال والمستقبل على المحك.
* اذا كان هذا رايكم بشان التحديات التي يواجهها العالم حاضرا ومستقبلا الا ترون ان الندوات الدولية التي ما انفكت تعقد في مختلف العواصم الدولية وكان اخرها في مدريد برعاية سعودية ان هذه الندوات لم تصل بعد الى القاعدة لشعبية والى رجل الشارع وانها ظلت برغم الخطاب السياسي والديني المتفائل ندوات نخب وندوات قمة؟
- في اعتقادي ان الحوار ليس ندوات علمية تعقد في الفنادق الفاخرة وتجمع نخبا من المفكرين والمثقفين ورجال الدين هناك ايضا مسؤوليات تتجاوز حدود تلك المؤتمرات وتتعلق بمسؤوليات الحكومات في نشر العدالة والثقافة الانسانية اذ لايكفي ابدا ان تجلس النخب والقيادات لالقاء البيانات والخطب والمجاملات لا بد من وجود ورشة حياتية يومية تتناول مختلف الاحداث بما يساعد على قبول واحترام الراي الاخر وكل هذه المفاهيم هي التي يجب ان تسود الامر لا يتعلق بمجرد صراع فكري نظري ولكن بتوفر الاسباب التي تساعد على تعايش كل هذه المبادئ.
* كلام مهذب ولكن الا تتفقون معي بان اغلب الصراعات العرقية والطائفية والاثنية وما تفرزه من تشتت وتشرذم تكاد تكون مرتبطة بالخارطة العربية فكيف يمكن تفسير ذلك؟
- نحن فعلا كشعوب عربية الاقل مناعة والاكثر سخونة لدينا ترسبات مخيفة في عقولنا وانظمتنا ونحتاج لاعادة نظر في العديد من الامور هناك قضايا مصيرية مرتبطة بالقضية الفلسطينية وغياب السلام في الشرق الاوسط صحيح ان الاستعمار ترك بصماته على مجتمعاتنا ولكن علينا الا ننسى ان المستوى التعليمي والفكري وانتشار الامية في مجتمعاتنا مخيف وان نظرتنا الى المراة يجب ان تتغير. نحن الخاصرة الرخوة والفكر الالغامي التكفيري في العالم العربي والاسلامي في حاجة الى حلول. نحن فعلا بحاجة الى انتفاضة فكرية في العالم العربي علينا الاعتراف بنقائصنا وامراضنا وان نتوقف عن الادعاء بان كل مشاكلنا تاتي فقط من اسرائيل او من الغرب هذه عوامل قائمة فعلا ولكن لا يجب التوقف عندها هناك بؤر من المفاهيم الخاطئة تنخر مجتمعاتنا وعلى الانظمة السياسية والتربوية والاعلامية ان تعي ذلك وخطر هذه المفاهيم انما يزداد عندما يمتد الى مفهوم الحريات الدينية والفكرية والحزبية وحتى الجنسية فهل نحن في عقلنا العربي الاسلامي نعتبر ان كرامة الانسان اساسية بالنسبة لنا.
* مع هذا المشهد الشامل كيف تفسرون الاقتتال اليومي في العراق والصراعات الدموية بين السنة والشيعة او غيرها من المذاهب والحلل والملل؟
- المشهد العراقي له ابعاد كثيرة بين الاحتلال الواقع اليومي الذي يحتاج للبحث في امور اقتصادية وسياسية وامنية ودينية هناك حاجة لاعادة تحديد الكثير من المفاهيم كمن يفجر نفسه في مسجد اخر او في معبد اخر اذ يجب وضع خط احمر يفصل بين مقاومة الاحتلال الذي له مشروعية قانونية عالمية وبين من يريد قطع راس الاخر لانه من دين اخر او حزب اخر هناك فعلا بيئات تهيئ لهذه الامور وهناك مفاهيم خاطئة لتفسير الاديان وهذا الامر سيظل معنا على الاقل للربع قرن القادم والمسؤولية في مواجهة ذلك مشتركة بين رجال الدين واصحاب الفتاوى الحكيمة فالمسالة لاتتوقف عند حدود وجود ارهابي نقتله او نسجنه فهذا لا يكفي نحتاج ورشة عمل لتغيير مفاهيم بيئية حيث ينمو الارهاب فالصراع في داخلنا في معنى عروبتنا واسلامنا فهل نحن اليوم نعيش مع وجود اسلام واحد ام اسلامات متعددة ونماذج للحكم في الاسلام بين النموذج التركي والسعودي والافغاني والطالباني ولا ننسى ايضا الاسلام في الغرب والصراع داخل نهضة الفكر في الاسلام فاي اسلام نريد لهذا العصر؟ هل هناك مثلا حل اسلامي للمشكلة المالية العالمية القائمة وهل ان الاسلام هو الحل لكل القضايا امامنا اكثر من امر علينا الاهتمام به لا يمكننا ان نقول ايضا ان الاسلام هوالحل لكل شيء ونقول كان لدينا في بوابات الاسلام ونبقى مكتوفي الايدي.
* و ماذا عن الساحة اللبنانية وكيف تفسرون الصراع الطائفي الذي يابى الانفراج؟
- احيلك على ما قاله سعيد عقل باننا خلفنا بيت الخطر ولبنان كل هذا واكثر فهناك صراع فكري قائم صحيح ان هناك توازن بين المسيحيين والمسلمين ومشاركة في صنع القرار ولكن في نفس الوقت فان لبنان يجمع اسباب صراع المنطقة كلها ولا يزال يدفع ثمن هذا الصراع الى جانب الاحتلال المتبقي في جزء من الجنوب اللبناني لدينا في لبنان 400 الف لاجئ فلسطيني وقد شكلوا في فترة ما بسلاحهم مشاكل لهم ولنا وفي كل الاحوال هناك مسؤولية دولية وعربية ولكن نحن من يدفع الثمن حتى الان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.